عادت مصر مستقرة، عنوان يستطيع ببساطة أن ينطقه كل أبناء المحروسة دون تردد وبضمير مستريح ولكن يظل بداخل كل مواطن مصري (حقيقي) تنهيدة عميقة لا يلمحها إلا مواطن حقيقي مثله ، هذه التنهيدة الحانية الموجعة تتشعب مابين التمني تارة والأسئلة المشروعة تارة أخري والوجع تارة ثالثة ، وفي المقهي الصغير الذي يتوج ناصية تلك الحارة المصرية القديمة وبينما يجلس هذان المواطنان يتبادلان الوجع مع كل رشفة من كوب الشاي القديم ، يفصح الصمت المتغلغل ما بين الجمل الكلامية المتقطعة عن كثير من الأسئلة والأحلام والتمني لهذا البلد العجيب( من وجهة نظر أبنائه ) ، كلاهما في صمته يتساءل عن الكابوس الذي جثم علي صدر هذا الوطن (مصر) ، عن التحولات الجذرية التي انتابت هذا المجتمع في حقبة زمنية تقل عن العقد ! وقد لا تسعفهما الحروف والكلمات لتلخيص هذا التشابك الرهيب مابين الأسئلة والحلم والتمني !! ، وقد يتلخص كل مايدور بداخلهما في جملة ثلاثية الكلمات ( قلب نظام الحلم ) ، فملخص الحالة التي يعيشها غالبية المصريين هي الرغبة في قلب نظام الحلم بالتحديد ، فنحن كمصريين أصبحنا في أمس الحاجة لنظام جديد لأحلامنا !! ، لم يعد أمامنا سوي ابتكار نظام جديد للحلم والمستقبل ، قد تكون طريقة حلمنا القديمة هي السبب المباشر والوحيد الذي نتج عنه حالة التردي التي أصابت واقعنا المجتمعي والحياتي علي مدي عقود سابقة ،ما نتج عنه أجيال كاملة تحمل صفة (المتعلمين) لكنهم جهلاء ، أجيال كاملة تحمل صفة ( الصفوة ) لكنهم في قمة الانحطاط ! ، أجيال كاملة تحمل صفة ( الإعلاميين ) لكنهم في قمة الجهالة ، أجيال كاملة تحمل صفة ( الحقوقيين ) لكنهم مرتزقة ، أجيال كاملة تحمل صفة ( الوطنية ) لكنهم خونة بامتياز ، أجيال كاملة تحمل صفة ( رجال دين ) وهم تنابلة السلطان ، أجيال كاملة تحمل صفة ( فنانين ) وهم أراجوزات سمجة ، أجيال كاملة تحمل صفة ( مواطنين ) وهم ألد أعداء هذا الوطن !! والسؤال (الحلم) الذي بات ملحا وصارخا : هل كنا نحلم في(الماضي) بطريقة خاطئة ؟ هل نظام حلمنا كان نظاما رديئا إلي هذا الحد حتي ينتج لنا هذا (الحاضر) المملوء بالكراهية ؟! إن قلب نظام الحلم لم يعد من قبيل السفسطة الكلامية بقدر ما أصبح لزومية من لزوميات المستقبل ، فنحن نحتاج لنظام جديد للحلم !! نحتاج أن نحلم بشكل صحيح ومحب ، نحتاج (للمستقبل) مواطنا مصريا بجينات مصرية محبة ومنتمية ، نحتاج صحوة للضمير المصري الحقيقي الذي كان قديما هو العلامة المميزة لأجدادنا ، نحتاج طبيبا يحمل جينات الضمير المصري ، نحتاج مهندسا يتبني ثقافة أجداده البنائين ، نحتاج سياسيا يعمل لوجه الله والوطن ، نحتاج رجل أعمال رأس ماله هو حبه لمصر ، نحتاج إعلاميا يمتلك الوعي والانتماء ويراعي الله في الكلمة التي يقولها ويكتبها ، نحتاج تلميذا تلمع عيناه أثناء تحية العلم في طابور الصباح، نحتاج حقوقيين يبحثون عن حق مصر قبل دولاراتهم الخارجية ، نحتاج جيلا من الصفوة يتسابقون لرفعة هذا الوطن قبل رفعتهم ، نحتاج لمواطن عادي لديه من الضمير مايجعله يحافظ علي وطنه دون خوف من رقيب ، نحتاج لرجل أمن يؤمن أنه أمين علي أبناء هذا الوطن ، نحتاج لنائب برلماني يؤمن أنه مفوض من الشعب لتأسيس أفضل القوانين التي تضمن صالح العباد والبلاد ، نحتاج سياسيين يؤمنون بأن الله جعلهم في مكانتهم هذه لضمان حق وطن كامل اسمه مصر ، نحتاج لوزراء يؤمنون أنهم كراسيهم زائلة وماعليهم سوي تقديم الأفضل لأهلهم وذويهم من أبناء هذا الوطن !! جميعنا يحتاج لنظام حلم جديد حتي نحصل علي مستقبل مغاير لحاضرنا المتشابك والمرتبك والمهترئ ، احلموا( بنظام حلم ) جديد حتي يترحم علينا أبناؤنا في المستقبل ، ورحم الله آباءنا السابقين ، فقد فعلوا أقصي ما كان بوسعهم ، احلموا باسم صلاح