نقلا عن الوطن
مبروك لمصر التأهل لمونديال روسيا 2018، حدث انتظره المصريون كثيراً، أول مرة دخلنا فيها كأس العالم كان عام 1934 أيام ما كان الكابتن محمد لطيف، رحمه الله، لاعباً، بعدها بـ56 عاماً، أى عام 1990 كانت المرة الثانية، وقد احتاج الأمر إلى مضى نصف المدة التى تفصل بين مشاركتنا الأولى والثانية (28 عاماً) حتى نشارك من جديد. لاعبونا أجادوا حسب طاقتهم، وكان أكثرهم إجادة محمد صلاح، الذى قدم لنا ترجمة حقيقية لمعنى الاحتراف فى عالم الكرة، لذا اختصه الجمهور بمديح وهتاف لا أذكر أن لاعباً مصرياً آخر ناله. وظنى أنه يستحق. فى هذا السياق نشر موقع جريدة «الوطن» أن إحدى الصفحات على السوشيال ميديا قررت إجراء مسابقة لمن يحمل اسم محمد صلاح ومنحه مشتريات قيمتها 500 جنيه. وفى أقل من 30 دقيقة استطاعت الصفحة جمع 70 متسابقاً.
لقطة تعكس ظرف المصريين وبهجتهم بالحدث. وهى لقطة تعيدنا إلى ما كنا نسمعه من آبائنا وأجدادنا عن أيام الملك فاروق. حكى لنا الراحلون أن «فاروق» عندما رزق بولده «الوحيد» وولى عهده الأمير أحمد فؤاد (16 يناير 1952) قرر منح كل مولود شاءت له الأقدار أن يولد فى نفس اليوم «نفحة ملكية»، عبارة عن مجموعة من المواد التموينية، فرح بها الكثير من البسطاء الذين رزقوا بمواليد فى نفس اليوم فرحاً كبيراً. هكذا الملوك دائماً عندما يشعرون بالفرح، يحبون أن يدخلوا البهجة على من يشاركهم ولو بالصدفة فى تاريخ أفراحهم. وهو أمر من وجهة نظرى محمود وجيد، فكل عطاء يشبع حاجة إنسان بسيط يمثل حالة إيجابية لا بد من دعمها. وقياساً على ذلك لا بأس من أن تبادر الشركة التى قررت منح من أعطته الأقدار اسم محمد صلاح «عطية» إكراماً للاعب الكرة الذى يحمل نفس الاسم، وحمل الفرحة إلى المصريين. المهم فى كل الأحوال أن يخلو الأمر من الدعاية.
فوجود الدعاية يفقد الأعمال والأفعال الجميلة الكثير من قيمتها. وهى زاوية أخرى لقراءة مثل هذه الأحداث. لا أحد يعلم على وجه التحديد ماذا كانت نية الملك فاروق عندما قرر نفح من ولد يوم ميلاد ولده وولى عهده تلك النفحة التموينية، ولا يستطيع أحد أيضاً أن يقرر أن الشركة التى قدمت «العطية الشرائية» لمن يحمل اسم محمد صلاح تستهدف الدعاية، لكن المؤكد أن فاروق كان ملكاً يطيب له أن يحبه شعبه، وحريص فى الوقت نفسه على أن يرسخ فى الوجدان المصرى العام أحاسيس إيجابية نحو ولى عهده. تلك طبائع الملوك، ومن طبائع الشعوب أن تحب من يعطيها ويمنحها، ومؤكد أن مبادرة الشركة المانحة لمشتريات بقيمة (500 جنيه) لمن يحمل اسم محمد صلاح، أصبحت محل حديث وكلام على مواقع التواصل، وبادرت مواقع الصحف أيضاً إلى النشر عنها. وهو أمر يصب فى مصلحة أصحابها بالبداهة. فى كل الأحوال أجد أن محمد صلاح لاعب يستحق التحية، ويقدم نموذجاً للاعب كرة استثنائى يعتمد على معادلة «اللعب بجد»!.