عادتي وبشكل شخصي أهتم كثيرا باللغة العربية وآليات الحفاظ عليها في الإعلام المصري والعربي بشكل عام ونظرا لإيماني الشديد بأن اللغة لابد أن تترسخ جذورها من التعليم ونوعيته ' أجدني في كثير من الأحيان ساعيا خلف المؤسسات الجمعية التي تتبني قضية التعليم والثقافة في محاولة مني لفهم الأيدولوجيات التي تنتهجها تلك المؤسسات لتحقيق أهدافها المتعلقة بالتعليم وجودته لاسيما المؤسسات غير الحكومية والتي تتخذ من التخطيط وتحديد الأهداف ومدي تحقيقها استراتيجية منهجية تسير عليها بشكل واضح ومعلن للجميع ' وفي طريق بحثي هذا التقيت بمنظمة اليونسكو وهي المنظمة المعنية بالتربية والثقافة والعلوم في جميع الدول الأعضاء بها والتي تزيد عن مائة وإحدي وتسعين دولة حول العالم ومن هنا كان لابد أن أقلص البحث لأصل إلي واقعنا الإقليمي فكان أن وصلت إلي مكتب اليونسكو بمنطقة الشرق الأوسط وكانت رحلة جمع المعلومات منطلقة من محاولة معرفة القائم علي إدارة مكتب اليونسكو بمنطقتنا . الدكتور حمد الهمامي مدير مكتب اليونسكو بمنطقة الشرق الأوسط شخصية عربية من دولة سلطنة عمان وكان سؤالي المنطقي : من هذا الرجل الذي تولي هذا المنصب الرفيع وما هي سماته التي رشحته لهذه المكانة ؟ إن هذا الرجل الصامت الذي قلما يتصدر اسمه صفحات الجرائد من نوعية الرجال الذين يعملون دون ضجيج ' حظه العاثر أوقعه في منصب يحمل علي كاهله مسؤولية التربية والعلوم والثقافة في منطقة تتسم بالصراعات المسلحة بينما عروبته تحتم عليه القيام بدور ضخم تجاه العملية التعليمية في المنطقة العربية بشكل كامل والتي تعاني من اتتشار الأمية وتدني جودة التعليم بشكل عام . تابعت الرجل كثيرا فوجدته بخلاف سيرته الذاتية وتدرجه بعدة مناصب حقوقية من الخليج واليمن إلي قطر ووصولا إلي المكتب الإقليمي لليونسكو بمنطقة الشرق الأوسط ' وجدته شعلة من النشاط لايهدأ فهو في زيارة لسوريا لمتابعة الأوضاع اللاإنسانية هناك متابعا للمتسربين من التعليم ومدققا لما آلت إليه أوضاع الفارين من جحيم الصراعات المسلحة وكذلك متابعا لأوضاع الأماكن التاريخية والحضارية التي تعرضت للدمار والتحطيم ثم منطلقا للأمم المتحدة لاستصدار قرارات أممية لحماية هذه المناطق . وعود لقضية التعليم واللغة العربية في مطقة الشرق الأوسط فقد وجدت مسيرة طويلة لهذا الرجل في كل مناصبه الحقوقية التي تولاها ؛ كلها منصبة ومتمركزة حول قضية النهوض بالتعليم واللغة في المنطقة العربية ومازلت أنتظر منه الكثير لاسيما في مصر . والسؤال الذي أوجهه للقائمين علي التعليم في مصر حاليا : أين أنتم من حمد الهمامي ؟ لماذا لا يستضاف هذا الرجل في مصر لوضع آلية تعاون (غيرتقليدية ) واستثنائية مع منظمة اليونسكو للنهوض بالتعليم من خلال رجل يؤمن بأهمية التعليم مثل حمد الهمامي ؟ وقد يخرج علينا أخدهم ليبهرنا بالاتفاقيات المبرمة مسبقا بين وزاراتنا المعنية بالتعليم وبين منظمة اليونسكو !! والتي كلها مازالت حبيسة الأدراج تحت تصرف مجموعة من الموظفين الذين يتسمون بنكهة بيروقراطية مهترئة . ياسادة ..انتهزوا فرصة وجود هذا الرجل علي رأس تلك المنظمة الدولية الكبيرة و تحرروا من الاتفاقيات العتيقة وانطلقوا إلي حلول استثنائية لأزمة حقيقية تضرب مجتمعنا في مقتل واستمعوا إلي الهمامي عندما قال: ( إذا كانت الحروب تبني في عقول البشر ' ففي عقولهم يجب أن تبني حصون السلام )