احمدناجي قمحة
نقلا عن جورنال مصر
بعض الفضائيات تنشر فكر الدجل والشعوذة من خلال إنتاج ساذج وغياب دور الإعلام القومى
الدعاية السوداء نجحت فى استمالة قطاعات من الصفوف الوطنية ضعيفى الثقة والإيمان بمعركة الوطن
وإذ فجأةً تجدُ حامل الراية الكاذبة يتصدرُ المشهد، ويحاول أن يُقنعنا بصوته العالى: «أهه قال إحنا فقراء.. كان عمل إيه علشان الفقر.. ولا هو اللى جابهولنا باللى صرفه عالترعة والجيش.. قالك سنتين وتشوفوا مصر، أهه فَقَرها وعمَّال يبكتنا».
وينسى حامل الراية الكاذبة أنه اقتطع عبارة الرئيس من سياقها، السياق الذى كان فيه الرئيسُ يحاول أن يصل للمواطن برسالة مهمة: «بيعايرونا بفقرنا.. أيوه إحنا فقراء.. بس بإيماننا وعملنا هنعدى»، ينسى القيم التحفيزية الموجودة فى العبارة، والتى من أهمها أنه مهما كان حالك أو وضعك ثق فى إيمانك بالله ونفسك وعملك وثابر وتفاءل واجتهد هتعدى أزمتك، ولذلك، سيظل حامل الراية الكاذبة كارها لبلده وناسه وخيرهم.
وحامل الراية الكاذبة هذا تجد أن من سماته أنه يعبد شخصًا، يعبد جماعة، يعبد دولارًا أو ريالًا أو دينارًا، لكنه لن يعبد الوطن عمره. وستجده متخفيًا بين أبناء مبارك (للأسف)، أو بين من اعتدنا أن نطلق عليهم الكولجية النكسجية من المنتمين للمذاهب البرادعاوية العفيفية، أو من الخرفان المؤصلة عبيد البنا وقطب المنتمين للتنظيم الإرهابى، أو من هؤلاء الذين حاولوا الاقتراب من الرئيس لتحقيق أى استفادة مادية أو معنوية أو مكانية فوجدوا الطرق مغلقة فعادوا وقالوا فلنخربها على الجميع.
هؤلاء الذين يدعون أنهم يتصدون لحروب الجيل الرابع، صاروا وللأسف إحدى آلياتها، فبعد إفشال الجولة الأولى لضربتهم فى 25 يناير 2011، والتى وضعوا فيها كامل طاقتهم، لم يتبق لهم من أدواتهم سوى الإرهاب والرد بقسوة غاشمة، ولما فشلت قنابلهم وسفكهم دماء الأبرياء فى كسر عزيمة الشرفاء والأغلبية العظمى من الشعب، لم يجدوا فى عقولهم الخاوية سوى العودة إلى الماضى وإعادة إنتاج الحرب الفكرية والكلامية.
ماذا يحدث الآن؟
إنهم قليلو الحيلة والقدرة العقلية على الابتكار، فلجأوا إلى الخطة البديلة Plan B أو الأهداف البديلة Alternative Goals مستغلين ضعاف النفوس ممن تعارف عليه بالكتلة الشعبية أو الظهير الشعبى الاجتماعى الذى تصدى لمحاولات هدم الدولة المصرية. فبدأوا يعيدون تصيد وخلق الأخطاء فى محاولة لإعادة إنتاج الفوضى الفكرية والكلامية والمهاترات من 2005-2011 من خلال:
1- نشر الفتن الدينية والعقائدية والتشكيك المستمر.
2- تصعيد ونشر فكر الدجل والسحر والشعوذة، من خلال برامج وإنتاج إعلامى سطحى وتافه، فى ضوء غياب دور الإعلام القومى فى التوعية إلا فيما ندر، من خلال استضافة الدجالين ومعهم كومبارس يؤكدون صحة هذيان وفبركات وأكاذيب الدجالين، والهدف هو اصطياد المشاهد فى فخ أن السحر والشعوذة هم أساس الحياة، وإدخال المتلقى فى الظلاميات والجهل لسهولة السيطرة عليه وإضعاف وعيه.
3- التركيز الدائم على السلبيات، وتصيد الأخطاء، ونشر فكرة «فشل الدولة» بصفة دائمة. والخلط بين «الدولة» ككيان حضارى وبين «الحكومة» كجهاز إدارى يعانى من الجهل والتخلف والفساد، ما تعانى منه كثير من قطاعات الدولة.
4- السخرية والتقليل من شأن أى عمل إيجابى أو مفيد للناس. سواء من الدولة، أو من الأفراد، ونشر فكرة أن المجتمع كله فاسد، ولا أمل فيه، وهذا خطأ منهجى يعرف بـ«التعميم المفرط»، لهذا تجدهم يستخدمون النسب المئوية المبالغ فيها من عينة: «90% من اللى بيعملوا مشاريع صغيرة بيفشلوا» «يا عم ده مفيش أمل فى أى حاجة».
5- تصعيد ونشر مخططاتFemenist، وهى المنظمة المسئولة عن الانقضاض على المرأة، ومحاولات استدراجها للتمرد على المجتمع، ورفضها للقيم والأخلاق بدعاوى «تحريرها». فمن يخطط، نجح فى إفساد المرأة الغربية بفكرة التحرر، ثم اصطيادها فى سوق العمل واستعبادها فيه وضرب مؤسسة الأسرة. ولم لا وقد ثبت أن لهذه المرأة المصرية دورًا كبيرًا فى تحطيم مخطط استهداف الدولة المصرية، وبالتالى فلا مانع من نشر أفكار كتلك المتعلقة بـ الأم العذراء»، من هنا جاء اهتمام الدولة والإعلان عن أن عام 2017 هو عام المرأة المصرية.
6- القدوة، هى لاعب كرة القدم أو السخفاء ممن يرقصون فى الصحافة والإعلام. ومع كامل الاحترام لكل المهن ولكن هؤلاء الدخلاء لا موهبة ولا رسالة وإنما ناشرون لكل القيم المعادية للدولة تحت ستار النجومية والتدين والحريات.
7- الموضة، والهدف منها إنتاج المسوخ من مرتديها. فلا ذوق ولا احترام. ويستخدمون الموضة كمؤشر يقيسون به مدى تقبل الشعوب دون فكر ولا وعى لكل ما يصدر لها أى أن انتشارها دليلًا على نجاحهم فى السيطرة على العقول. فإذا انتشرت الموضة الشاذة فى مجتمع ما، علموا أنه مجتمع ضعيف وسطحى يمكنهم التلاعب بعقول أفراده وزيادة جرعات التخريب فى العقول.
8- الهدم المستمر لثوابت الدين والوطنية بإطلاق دعاوى تجعل الشخص فى حالة دفاع وإحراج دائم من دينه ووطنه.. والتلميح بـ«الحرية» إذا ما ترك الشخص دينه وهويته الوطنية، وهذا هو أخطر فخ. فهم يرغبون فى إنتاج أناس بلا عقيدة أو هوية أولًا، ثم اصطيادهم بالفكر والثقافات الشاذة ثانيًا، وتطويعهم لخدمتهم عن بُعد ثالثًا. فهؤلاء الذين يهتفون ضد دينهم وأوطانهم ويدعون للتمرد والتخريب لم يدفع لهم أحد الأموال، ولم يقم أحد بتدريبهم، ولكنها حرب الأفكار التى غزت عقولهم وضربتها فى مقتل.
حاملو الراية الكاذبة، يرفعون فى قلوبهم رايات لأفراد، أو لدولة أخرى، أو جماعة، ينفذون عملياتهم التخريبية ثقافيًا وإعلاميًا وإرهابيًا، حتى إذا ما تم رصدها لا يتم التعرف على هوية محركهم الحقيقية. هم يقودون حروب الخداع وتوجيه تحركات الشعوب ضد بلادهم بالأكاذيب الضخمة التى إذا تحديتها وفضحتها، قالوا عنك إنك أنت الكاذب، حتى تتكشف الحقائق تباعاً كما هو حادث الآن بشأن أسرار ما جرى فى الملفات المخفية لـ 25 يناير 2011 وما تلاه من أحداث.
الدعاية السوداء والرمادية
وهم يستخدمون البروباجندا «الدعاية السوداء والرمادية» التى تسهلها مواقع التواصل الاجتماعى للتأثير على الوعى والمزاج العام للمواطن، والبروباجندا هى ببساطة مجموعة المعلومات والأفكار والشائعات والأكاذيب التى يتم نشرها بعد دراستها بعناية وترتيبها لتناسب ثقافة الشعب الموجهة إليه، حيث سهلت مواقع التواصل الاجتماعى نشرها على أوسع نطاق، لإحداث أكبر ضرر على أرض الواقع، وتحريك الناس فى اتجاهات ضد بلدهم، بما يلحق أقصى درجات الضرر بالأفراد والمؤسسات والاقتصاد والوطن، ويزداد تأثير الشائعة كلما كانت صادرة عن أهل ثقة من الذين ارتدوا عن مبادئهم، أو من نجم كرة أو سينما.
المشكلة هنا، أن حاملى الرايات الكاذبة قد اكتسبوا قطاعات من الصفوف الوطنية مهتزى الثقة والإيمان بالمعركة التى يخوضها الوطن، وهم الذين قد اكتسبوا ثقة قطاعات كبيرة من الناس قبل 25 يناير 2011، وكانوا من الأدوات التى استخدمت لنقل الناس لمرحلة حروب الجيل الرابع والتلاعب بهم دون أن يدروا، لأنهم لم يعلموا أن من يقوم بتحريكهم ودس البروباجندا فى عقولهم خادم للعدو، ولا يهمه أى توعية ولا إعلام، والكل رأى «المتلونين الجدد منهم والقدامى» وهم فى الحقيقة يؤدون مهمة محددة تم تدريبهم عليها فى سياق بروباجندا حروب الجيل الرابع.
والبروباجندا تستهدف الافتراء وتشويه السمعة والوصول بك للتشكيك فى دينك وبلدك وقياداتك، والسخرية من موروثاتك من عادات وتقاليد ولغة، والهدف هو توجيه الناس وعيهم ومعتقداتهم وأفكارهم لسهولة تحريكهم فى اتجاهات مضادة ومضرة لبلادهم، بحيث يسهل إخراجهم من صفوف المستعدين للدفاع عن بلدهم وقت المحنة.
وتسعى البروباجندا لتحقيق أقصى استخدام ممكن للشائعات عبر المنطقة الضبابية التى تمثل مساحة الشائعة، والبيئة المصرية من أخصب البيئات فى العالم لنشرها. والسبب فى نشر الشائعات هو عدم المعرفة، وغموض موضوعها، وكونها تمس مؤسسة أو شخصية شهيرة فى المجتمع. ويضاف لما سبق فى واقعنا المصرى الرغبة البراقة فى شد الانتباه، بمعنى حب الظهور وحب أن يتحدث الناس حول أن فلان جاب التايهة، وفلانة لديها علم واتصال بالمصادر وبالرجالة، وإن الاتنين بيجيبوا من «المطبخ»، فأحد عيوبنا القاتلة أننا شعب «بيعشق أن يجيب الأخبار طازجة من الكونترول قبل أى حد» ويا حبذا لو كان من يتحدث أهل ثقة أو غير أهل لها ممن شكلوا الوعى للقطاعات المغيبة قبل 2011، عندها لو حدثهم أعلى مسئول فى الدولة فلن يحرك ما اقتنعت به عقولهم. ما سبق يطلق عليه الدعاية السوداء.
أما الدعاية الرمادية، فهى التى لا تعرف من خلال ما يتوارد لك من أخبار ومعلومات مصدرًا لما تسمع أو تري، فيكون الطرف الآخر حريصًا على أن يكون خفيًا ويسخر كل أدواته السرية على مدار الساعة لإشاعة الحالة الضبابية، بما يضع الناس ما بين حالتى التصديق والتكذيب، ما بين الشك المستمر واليقين المتقطع، بما يجعلهم فى حيرة دائمة وقلق لا ينقطع تجاه حاضرهم ومستقبلهم.
وتكمن أهم أدواتهم مجددًا فى الإعلام، ألم تروا المعارك الكلامية بين أطراف حوار تليفزيونى كبرنامج المذيع البوتاجاز، ألم تروا من يسبون بعضهم بعضًا، ويحتقروا أفكار وانتماءات البعض، وكل طرف يحاول إثبات ما برأسه وفرض رأيه مستخدماً العنف والغضب. هذا البرنامج وما يحاكيه من برامج مجرد سيرك معد له مسبقًا ويستهدف ضرب قيم المجتمع وتحطيم ثوابته واستمرارك فى حالة شك دائم وإفقادك الثقة فى نفسك وفى قدرات الدولة.
فالجدال بالعنف والشتائم مقصود ومخطط له بعناية، فكل طرف من الحوار يستخدم أسلوب «جدال خيال المآتة»، وفيه يعتمد كل طرف على جهل المشاهد بموضوع الجدال، ويستمر فى الثرثرة بقوة، وهو يتصنع أنه صاحب قضية، ولديه من المعلومات ما يستطيع أن يقنعك بها. وتجد نفسك بعد نهاية فقرة السيرك فى حيرة أيهما أصدق؟ هذه هى الحالة الضبابية الرمادية التى أرادوا وضعك فيها، دون أن تدرى لأن الفخ تم نصبه عليك فى صورة «توك شو» أو «مناظرة» أو «تحليل».
مما سبق، يتضح أن الدعاية الرمادية أخطر بكثير، ففى الدعاية السوداء نعلم مصدر المعلومات المزيفة والشائعات ونستطيع أن نتحداها ونفندها وندحضها ونرد عليها بل وطلب مناظرة مع المصدر أمام الجميع ليعرض كل طرف حجته. أما فى الدعاية الرمادية، فأنت لا تعرف المصدر، وهنا تكمن الخطورة لأنك لا ترى العدو لتتحداه، لذلك فأى رد منك على شائعات الدعاية الرمادية سيقابلها الآخرون بآلاف الردود، لأنهم أيضاً ضحايا للحالة الرمادية.
ولعل أبرز سمات البروباجندا (السوداء والرمادية)، ما يلي:
1- التعميم العشوائىHASTY GENERALIZATION: وبالذات فى الإعلام، ومرتزقة التوك شو، وضيوفهم. حيث تسمع عبارات خرقاء تتعمد تعميم حكم أو فكرة على الشعب كله. يعنى جريمة قتل حدثت، فتسمع «القتل انتشر فى مصر بصورة مخيفة» أو حادث طريق فتسمع «الطرق المصرية مش أمان»، ويكون الغرض نشر الخوف وهز الثقة. وفى الفترة الحالية، هدفهم هو إفشال الدولة وخارطة طريق إعادة بناء مصر، فنسمع وسنسمع منهم كل ما هو سلبى.
2- استجداء السؤال BEGGING THE QUESTION: للترويج لشخص أو فكرة، من خلال إقناعك بالرغى المستمر عن مزاياه، وكيف أنه عالم العلماء والعبقرى وحامى الحريات والقديس، غير أنه بالنظر للواقع لن تجد لهم أى فائدة لخدمة الوطن أو المواطن. على النقيض، ستجد هدم وتشويه واغتيال سمعة أى رمز وطنى وقائد محترم. «إزاى يقول فقراء.. طيب عمل إيه علشان الفقر»؟، بدون شرح معطيات ومفردات الحدث، فقط سرقة وخطف عقلك بعبارة رنانة لهدم سمعة ونزاهة الشخص المستهدف.
3- المنحدر SLIPPERY SLOPE: وهذه أخطر خدعة يستخدمها بهلوانات ومرتزقة الإعلام، يعنى يحدث أمر سلبى فتبدأ حملات الصراخ والتخويف إن دى بداية النهاية، ويتكرر الأمر بعبارات متشابهة فى توقيتات متتالية. مثلًا ترتكب الأذرع الإرهابية جرائم التفجير أو الاعتيال، فتبدأ الذراع الإعلامية يصرخ: مصر بتتفجر… مصر بتولع…. إلى آخره من الخدع الفكرية والكلامية التى يمارسونها على عقول الناس.
4- الرنجة الحمراء RED HERRING: تشتيت الفكر بافتعال حوارات جانبية واستخدام أحداث لا علاقة لها بالموضوع الذى يحاولون إقناعك به، فتصاب بالصداع بسبب الرغى والكم الهائل من التفاصيل التى يغرقونك فيها، وفى النهاية تسمع الجملة المراد إقناعك بها. ليلة كاملة على الهواء دون هدف، لأن هناك هدفًا آخر فى عقولهم يرغبون من خلاله أن ينقضوا عليك به ويفترسوا عقلك.
المواطن والدولة
ويكون دورك كمواطن فى هذه الحالة أن تلتزم الصمت وعدم ترديد وتدوير المعلومة المغلوطة مجهولة المصدر، لأنك تساعد على نشرها بين أوساط متابعينك، وتتريث انتظارًا للبيانات والأرقام الرسمية والمعلومات الموثقة الواردة على لسان المسئولين التنفيذيين فى موقعك أيًا كان. وهنا علينا مجددًا أن نميّز بين الدولة ككيان تاريخى وحضارى ينتمى إليه الجميع، وبين الحكومة وهى الجهاز الإدارى الذى يمكن أن ينجح فترقى حياة المواطن أو يتعثر فتعانى حياة المواطن.
الدولة تخاطبك فى صورة الحاكم - الرئيس فى النظام الجمهورى والرئيس ورئيس الوزراء فى النظام المختلط والملك فى النظام الملكى ورئيس الوزراء فى النظام الملكى الدستورى. ويكون الحاكم مصدر المعلومة الموثقة الأكيدة، لأنه مسئول عنها أمام الشعب. لذلك، هناك طبيعة خاصة لهذا النوع من الخطاب:
1- على عكس الدعاية السوداء والرمادية، تكون المعلومات التى تسرى على لسان الحاكم منطقية وواقعية، تجمل دائما الردود والتفسيرات لما حاولت الدعايتان أن تخرباه فى وعيك.
2- طريقة توصيلها خالية تقريباً من التكرار المريب الذى تمارسه الدعاية السوداء والرمادية لإقناعك بأكاذيبها، فالخطاب الرئاسى أو الملكى يتم عرضه بهدوء وثقة، ويكون محملًا بالأرقام والوثائق والحقائق كاملة، وحتى المرتجل فيه يكون خاصًا بإضافة الطمأنينة وبث أواصل الثقة مع جموع الشعب.
3- تأتى معلومات الخطاب الرئاسى أو الملكى فى سياق التوعية وتوصيل معلومات تهم الشعب، وتتعلق بحاضره ومستقبله. لذلك، نجد أن الحاكم الذى يحترم عقلية الناس ويعلمهم بالحقائق دون محاولات التأثير على فكرهم باستغلال الدين أو الوصاية التاريخية، فهذا هو الدور المتوقع منه، وهذا هو الحاكم الذى يعبر عن الدولة.
4- تكون مفردات الخطاب الرئاسى أو الملكى موجهة إلى كل أطياف الشعب، لأن مصدرها هو الدولة التى ينتمى إليها كل الشعب، ولا تكون موجهة لعشيرة أو فصيل.
5- لا تلجأ الخطب الرئاسية أو الملكية إلى شخصنة الأمور وتحدى أفراد بعينهم.
على المواطن فى هذه المرحلة الدقيقة من حروب المعلومات التى تشن علينا، أن يمارس دوره فى الفرز والانتقاء، وأن يفرق بين خطاب متكامل يرغب من خلاله رأس الدولة أن يضع الحقائق كاملة بين يديه وبين من يريدون أن يجروا المواطن لمزيد من مساحات التقاطع مع الدولة لا النظام وأن يكرروا معه لعبة أجادوا تنفيذها فى الفترة التى سبق يناير 2011 وما تلاها، ولكن على الدولة أيضًا أن تسارع بإنهاض صوتها الرسمى ممثلًا فى وسائل الإعلام القومية من صحافة وإذاعة وتليفزيون لكى يلعب دوره فى التثقيف والتوعية بما يحيط بالوطن من أحطار، فالمؤكد أن القنوات الخاصة مهما بلغ شأنها لن يمكن لها أن تلعب هذا الدور، أقول ذلك وأنا كلى إدراك لكم المشاكل والمعوقات الموجودة داخل المؤسسات الصحفية القومية وداخل ماسبيرو، ولكن لن يمكن لأى وسيلة إعلام خاصة أن تعوض الدور والتاريخ للإعلام القومى، الإصلاح والهيكلة داخل المؤسسات القومية تتطلب إجراءات قاسية آن للدولة أن تتخذها وآن للمخلصين العالمين فى وسائل الإعلام القومى أن يساعدوا الدولة ويساهموا فى تقديم المبادرات البناءة للجهات المختص بها إدارة مؤسساتهم وفقًا لما تم إقراره فى قانون تنظيم الإعلام الجديد، كل خطوة متأخرة فى هذا المسار تخصم من الرصيد الذى يمكن تحقيقه على طريق مواجهة هذه الحرب الشرسة معنويًا ونفسيًا، نعم نحن فقراء ولكننا نملك ما هو أعظم مما يملكه أغنى الأغنياء، نملك إيمانًا وعزيمة تخطينا بهما أصعب وأشرس المعارك فى السابق، وسنتمكن بهما من العبور وتخطى ما قدر لنا أن نواجهه فى هذه الأيام التى يتخلى عنا فيها أقرب الأقرباء، ولكننا لها لأننا مصريون ولأنها مصر، وعلينا أن ندرك أن عبور مرحلة الفقر ليس مسئولية الحكومة والدولة فقط، ولكنه المسئولية المشتركة التى تجمع بيننا جميعًا على الطريق نحو مصر الغد، مصر الغنية بسواعد أبنائها، وقدراتهم العقلية، وموارد أرضهم الطيبة، اليوم نحن فقراء الموارد ولكننا أغنياء النفس ونملك قرارنا، وغدًا بإذن الله سنكون بجهودنا جميعًا من الدول المتقدمة وليست الغنية فقط.