نقلا عن المصري اليوم
لم يكن ذلك الموقع الشهير سوى رمز للخداع رغم نفاذيته وانتشاره اللذين يكفيانه، بوصفه يملك تاريخا لا يمكن بحال تجاوزه أو نكرانه، فقد كانت مصر الأكثر استهلاكا للأخبار طوال سنوات، ومن ثم تمكن الموقع بكثافة وسرعة النشر أن يحتل الصدارة، فى حين استبعد من معادلة حضوره الجودة والعمق إلا ما ندر، خلق بالفعل حالة جديدة فى التلقى على شبكة الانترنت، صنعها منفردا فكرس نموذجا للإعلام الإلكترونى يهتم بالسرعة دون الدقة، والكم دون الكيف، والإثارة دون الرصانة، واستفاد من التطور التكنولوجى فبات مرجعية للتعرف على الأحداث، لكنه لم يكن يوما مرجعية للفهم والتفسير والتحليل، وهو ما بدأ يدفع ثمنه قبل وقت ليس بالقصير، ومازال ينزف تراجعا وغياب صدقية فى ظل نضوج من جانب المتلقى يتيح له التفرقة بين الطيب والخبيث، حتى وإن حاصرته مواقع التواصل الاجتماعى!!.
سار الآخرون وراء النموذج، فقد أغراهم نجاحه وانتشاره، ولم يلتفتوا للترخص أو الابتذال، فصار الترافيك هدفا حتى وإن أسقطوا معايير أخلاقية أو مهنية تمثل عقدا بينهم وبين الجمهور، فجاءت السرعة والكثافة على حساب الجودة والعمق، وخلقوا تجارا للترافيك باتوا معروفين بالاسم فى أوساط الإعلام الإلكترونى، لدرجة أن أحدهم جعل موقعا حديثا - يدور حول شخص مؤسسه المحاط بجميع علامات الاستفهام - هو الأول فى الزيارات بين المواطنين الهولنديين، فى حين أن صحيفته لا يباع منها ألف نسخة فى السوق المصرية، أى أن المواطنين الهولنديين يفضلون موقعا عربيا عما عداه من مواقع ناطقة بلغتهم!!.
موقع آخر لا يتعدى متابعوه على الفيس بوك 50 ألف شخص، ويحتل فى الوقت ذاته المركز العاشر بين المواقع الأكثر زيارة فى مصر، حسب «أليكسا»، ويعلم الجميع فى الوسط أن الموقع يعمل بلا محررين ولا يملك إمكانيات أو حتى طاقات تمكنه من تحقيق هذه الأرقام!!،
وموقع ثالث تابع لإحدى المحطات التليفزيونية المملوكة لأحد رجال مبارك تجاوز الموقع مع الموقع «الذى علمهم السحر» موقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» فى سابقة أعتقد أن الإعلام الغربى لو التفت إليها لفضحنا على رؤوس الأشهاد، ففى مصر حسب تصنيف أليكسا تجاوزت هذه المواقع الفيس بوك ومحرك البحث «ياهو»، رغم أن المقارنة بين أرقام انتشارها على السوشيال ميديا والأرقام التى يحققها من خلال الزيارات تكشف التلاعب والخداع الذى يمارس حسب ميزانية شراء الترافيك الشهرية!!.
كيف تتقدم تلك المواقع على الفيس بوك، فى حين أن كل مصرى يحمل هاتفا محمولا «103ملايين هواتف محمولة فى مصر» يتصفح الفيس بوك بعد أن يصحو من نومه يل يتكرر دخوله عشرات المرات خلال يومه؟، فالمصريون يحتلون المركز الثانى فى إنتاج المحتوى على «الفيس بوك»، وبحسب أرقام «أليكسا»، فإن الموقعين، سواء السيراميكى أو المترخص، يتفوقان على الفيس بوك فى معجزة تاريخية لن تجدها سوى فى بلادنا!!.
تستطيع أن تخدع الناس بعض الوقت، ولكن لن تخدعهم طول الوقت، هذه المواقع التى تمارس التضليل لا يمكنها أن تعلن أرقامها الحقيقية على أنظمة قياس أخرى للزيارات، مثل: «Effective Measure وGoogle Analytic»، لأنها ستكشف الواقع الذى أصبح الكثيرون على يقين به، منها شركات الإعلانات، هذه الأرقام الخادعة على (أليكسا) لم تعد رمزا للتحقق أو قياس الشعبية بل باتت شيئا مقززا يعكس الوهم ولا ينبئ عن حقيقة، إذا كانت تلك المواقع تمارس الخداع فى أرقام زياراتها، فهى أيضا ستمارسه قطعا فى المحتوى الذى تنتجه للمستخدمين، فإذا لم تستحِ ستفعل ما تشاء!!.
قد يظن هؤلاء المخادعون أن التضليل سيدوم، وأن أرقامهم الكاذبة ستدفع إليهم بالشعبية، فى حين أنه «زبد سيذهب جفاء»، ولم يكن بحال سندا للحضور والتأثير بل سيكون دليلا على السقوط والانهيار!!.