نقلا عن المصري اليوم
في أوائل السبعينيات، جرت العادة أن تجري الصحف القومية والحزبية امتحانا عسيرا لمن يرغب في الالتحاق بها.. عملت في وكالات أنباء، وكتبت بأخبار اليوم ثم التحقت بالجمهورية والإجيبشيان جازيت.. في كل منها لا يعترفون بسابق خبرتك ولا بد أن «يعصروك» حتي تدلف من أبواب صاحبة الجلالة التي كان لها عرش وصولجان وهيبة!
لكن للأسف أتى عليها حين من الدهر ليمتهنها سفلة القوم، فتحولوا إلى غانية تعرض بضاعتها السيئة على من يدفع، في محاولة بائسة لانتشالهم من الوحل.. لكن بعد أن شاخت وزهد الناس في جسدها الذي هو قلمها حولته لكرباج.. هذه النماذج المعطوبة في شرفها انتقلت من بيع الجسد إلى سوط تستخدمه السلطة أحيانا، وكثيرا ما يتطوعون هم لفرقعته بدون توجيه لإرهاب المعارضين والمخالفين وأصحاب الرأي الذين ينبغي أن يطأطئوا رؤوسهم خوفا من الكرباج.
من هؤلاء صحفي خريج «عربخانة» اختلط فيها مع الحمير والدواب والبغال.. تسللت روائح فضلاتهم إلى ثيابه واكتسب قلمه سلوكياتهم فصار يرفس وينطح وينهق للفت الانظار إليه.. لكن يبدو أن الحكاية لم تنفع.. فعاد إلى مهنته القديمة «الدعارة».. صار يعرض بضاعته على السلطة ويطلب ودها بألفاظ اختلط فيها النفاق بالاستربتيز في فجاجه وتبرج.
كتب مرة عنوانا لمقال في مجلة 7 أيام «هل يضعه السيسي كله» وللأسف حمل العنوان مدلولا سيئا استغله المعارضون للاستهزاء بالرئيس، فكان كالدبة التي قتلت صاحبها.. مرة أخرى كتب على لسان مصر مخاطبا السيسي «مصر للسيسي: زوجتك نفسي»، باعتباره وكيل العروس.. هل بعد هذا إسفاف؟!
زلاته كثيرة.. قال للرئيس: «لو بتحبني زي ما بحبك ومعلق صورك في شقتي عشان أشوفك قبل ما أنام وأنا متيم فيك إلى حد التفاف الساق بالساق».. هذا صحفي بورنو عليه أن يترك الصحف المحترمة ويكتب في المجلات الجنسية.. كيف يؤتمن على صحيفة أو حتي مجلة حائط.
كتب مرة في مجلة شهيرة يوم 23 يونيو 2015: «ملعون أبوالقارئ لو ظن أنه اشتراني أو استعبدني».. يا نهار اسود.. كلنا نطلب رضاء القراء، ونادرا ما نحصل عليه فما بالك لو شتمناهم؟!
لقد كان هو نفسه من كتب في نفس المجلة: أخشى عليك يا ريس من شعب إذا جاع سيأكلك لحما ويرميك عظما.. ألا يقول المعارضون الذين يرهبهم بكرباجه كلاما أقل من هذا؟ هو أيضا القائل في نفس المجلة: إن المواطن الغلبان يسأل نفسه ماذا أخذت من السيسي وأنا الذي فوضته وأعطيته صوتي وأجلسته على مقاعد الحكم.
أما عن ثورة 25 يناير فهو يلقبها الآن بزفتة 25 يناير، ويصف مؤيديها باليتامى.. فحتى الآن بعد أن استقلت طوعا من منصبي كرئيس تحرير جريدة الجمهورية يوم 14 فبراير 2011 كي لا أنتظر ليقيلني أحد أو لأتوسل بقاء في صحيفة رأيت منها ومن أبنائها ما لن أنساه حتى قبري.. من ثم لم أتلون أو أغير موقفي رغم الأضرار التي لحقتني منها ومن المنتفعين بها الذين ركبوا كل موجة ليظلوا أسماء لامعة.. لذلك لم أكتب مدافعا عنها أو منتقدا لها.. أما هو فقد تغير 180 درجة موجها قلمه إلى حيث يكون الرز والفتة.
كان يطبل لها في حينها عندما كان منتميا لهذة الصحيفة المحترمة «المصري اليوم» والتي يراها الآن رجسا من عمل الشيطان.. أصحاب الثورة الذين يلقبون اليوم على لسانه بالمرتزقة كان يراهم حينها أيضا ثوارا أبطالا.. لكنها معجزة الخالق الذي يجعل «الحرباء» تتلون بحسب البيئة التي توجد بها.. لكن دائما تكشفها أعين الصيادين.
لقد علمونا في الصحافة الشريفة مبدأ مهما، وهو أنه ربما تختلف مع صحيفتك ورئيسك، وهذا وارد في طباع البشر، لكن أبدا «لا تبصق في إناء أكلت فيه».. طبعا هذا المبدأ لا يعرفه الكائن العربجي رغم أنه أكل واقترض وبلطج ولم يدفع حساب البوفيه وقبل دعوات غداء أو ساندوتشات ممن تصوروا أنه سيعلمهم شيئا في الصحيفة التي صنعت اسمه.
كان يمكن أن أفتح مدافعي الثقيلة وهي محشوة بحكايات شخصية بذيئة عنه، لكن أبدا لن أفعل رأفة بمرضه الذي عاني، ويعاني منه- ربنا يشفيه ويشفينا- وإعجابا بقلم كان يمكن أن يكون الأبرز في مجال الفن والعبارة الرشيقة.. لكنه للأسف دفن موهبته بيديه، وتفرغ لمهنة «العربجي