طالع صفحة الدكتور جابر نصار على «فيس بوك»، وكُن من الأصدقاء، برلمان مصغر، حوارات راقية، وتواصل وتفاعل على مدار الساعة، طرح للقضايا الجامعية، ردود عاجلة على المشكلات، تعقيب على القرارات، ودحض للشائعات، وبيان يومى بمجريات العمل الجامعى، واستصحاب الآراء والأفكار.
لم يخش نصار من فتح صفحته وإتاحة حائطه لتفاعل الطلاب، كانت هناك تخوفات من هجمة إخوانية ممنهجة على الصفحة، فالرجل مصنف عدواً للإخوان، ولكنه لم يبال، وفتح الصفحة التى تستقطب اهتمام القاعدة الطلابية، على نحو غير معهود من رئاسات الجامعات المصرية جمعاء.
فعلها نصار، ولم يخش لومة لائم، أو تعليق عقور، أو سخام الإخوان، ليس هناك ما يخفيه عن طلابه، والصفحة مفتوحة لكل الأفكار والاتجاهات المعارضة قبل المؤيدة، تواصل جاد ولغة حوارية، والحجة بالحجة، والفكرة بالفكرة.
نصار متحمس لإنجاح الفكرة، لا يمل ولا يكل ويستصحب كل الأفكار، والصفحة تحولت إلى خلية فكرية، الطلاب تفكر وتكتب على حائط رئيس الجامعة فى حرية مطلقة، لم يُبْقِ نصار شيئا خلف الباب أو وراء ستار.
صفحة الدكتور نصار تستهوينى لأتعرف على الاتجاهات الطلابية، وأطالع أفكار جيل جديد فى اصطكاكه مع أفكار جيل الأساتذة، وأحيانا نادرة أشارك فى الحوار، ويرد صاحب البيت بأدب واحترام، يستن سُنة حميدة، التواصل الساخن مع الأفكار فى البراح.
ضرب مثلاً، لو حذا رؤساء الجامعات حذو «نصار» لصارت إدارة الجامعات عملية يسيرة، مهم وضرورى أن تصدر القرارات الجامعية على أرضية حوارية، هذا جيل مناكف، مشاكس، لا يرضخ للإملاءات، وألِفَ العصف الذهنى، شباب مفطور على الحوار، ولا يأخذ بالمسلمات، ولا يؤمن بالقرارات الفوقية، يُخضعها لأفكاره.
أغبط «نصار» على هذا التفاعل الرائع مع طلابه، لو خشى «نصار» من كتائب الإخوان الإلكترونية ما قطع هذه الخطوة الهائلة نحو إثراء الحوار، «نصار» لا ترهبه كتائب الإخوان ولا خلاياهم النائمة فى الجامعة، ولا يخشى فى تطبيق القانون على الرقاب التخينة، وخلّص الجامعة من خلايا الإخوان بالقانون، جامعة القاهرة تتخلص أخيراً من سطوة الإخوان.
تخيل جامعة القاهرة منورة بطلابها فى سحور رمضانى فى الهواء الطلق، وغناء وأهازيج وتنورة وضحك ولعب وجد وحب، عادت سيرتها الأولى بعد عصر من الظلام والإظلام، أخيراً تتنفس هواء نظيفاً، وتزفر عن صدرها سخام سنوات العنت والإغلاق.
مسرح جامعة القاهرة يستعيد الحياة، والكنج محمد منير يغنى: «لسه الأغانى ممكنة»، وفرقة «أبوشعر» تنشد فى حب الرسول، عليه الصلاة والسلام، وآمال ماهر تغنى: «مصر تتحدث عن نفسها»، جامعة القاهرة تغنى، تمرح، وتسعد بطلابها.
جامعة القاهرة تدب الحياة فى معاملها، وتستعيد ألقها العلمى، وتستحث الخطى نحو الصدارة، باجتماع شبابها وأساتذتها وعلمائها، حالة نشاط علمية ملحوظة، وامتحانات غاية فى الانضباط الطوعى، هذا ما لم يَرْضَ عنه الإخوان والسلفيون والتابعون، يهيلون التراب على صفحة نصار.
معلوم جابر نصار مستهدف إخوانيا، عدو الإخوان، صَفَّى وجودهم، وشتت شملهم، وطبق القانون على متنفذيهم، مَن كان يجرؤ على ولوج هذه المعركة القانونية مع عتاة الإخوان فى كليتى دار العلوم والهندسة، رئيس جامعة القاهرة يخوض معركة شرسة، ولو توفر لخططه الدعم الحكومى لاستعادت الجامعة بريقها الذى كان قد خبا.. راجع صفحة جابر نصار تَرَ عجباً!