يمر الزمن عليهم ويبقون على أماكنهم، أسماء هزت الأرض وما عليها يومًا، نجوم لفرقهم، أبطال لبلادهم، لم تغيرهم كثيرًا السنوات ولم تزعزع جزورهم التي ضربوها في أرض منتخاباتهم فبقوا كأشجار البلوط القوية لا تهزها رياح التغيير التي اجتاحت العالم وطالت زملائهم، ليبقوا هم شاهدون وحيدون على بطولات رفعوا فيها أعلام دولهم قبل سنوات، بعضهم حالفه الحظ فصار بطلًا وبعضهم عاد لينتقم، وبعضهم سيكتب بمشاركة أخيرة فصل النهاية مع قميصه الدولي.
«المصري لايت» يطلق سلسلة «معمرون في ملاعب اليورو» ليلقي الضوء على لاعبين شاركوا مع منتخباتهم في بطولة اليورو منذ أكثر من عقد من الزمان، ويعودون ليمثلوا بلادهم مجددًا في يورو 2016.
كان عمره 18 عامًا فقط حين ارتدى قميص منتخب بلاده للمرة الأولى في بطولات اليورو ليجاور الفتى الذهبي مايكل أوين في خط الهجوم الأساسي لأسود إنجلترا، إنه وين روني، من لقب بـ«بيليه الأبيض»، الذي حمل الرقم 9 في المنتخب الإنجليزي في بطولة يورو 2004، واستطاع في مباراته الأولى في دور المجموعات الحصول على ركلة جزاء ضد فرنسا، إلا أن إهدار ديفيد بيكهام لها كان كفيلًا بقلب النتيجة التي كانت 1-0 للمنتخب الإنجليزي قبلها إلى 1-2 لفرنسا على يد زين الدين زيدان.
المباراة الثانية لإنجلترا أمام سويسرا، وفرصة لتعويض الهزيمة الفرنسية، و«روني» يعلن عن حضوره بقوة بهدفين ليقود بلاده للفوز بثلاثية أكملها ستيفن جيرارد، لينتقل الإنجليز للمباراة المصيرية الثالثة أمام كرواتيا، وبعد 5 دقائق يتقدم المنافس بهدف، يعادل بول سكولز النتيجة للإنجليز في الدقيقة 40، والمباراة سجال بين الفريقين، كلاهما يحتاج للفوز، ويلمع «روني» مجددًا بهدفين متتاليين يقتل بهما المباراة، لتنتهي في الأخير بنتيجة 4-2 للإنجليز.
الدور ربع النهائي للبطولة، ولا يزال من أطلق عليه «الفتى المعجزة» يتألق بقميص الأسود في «سنة أولى يورو»، إلا أن الدقيقة 27 فقط أمام البرتغال كانت لتكتب نهاية للحلم بالنسبة للاعب المراهق، بعد إصابته وتبديله اضطراريًا، لتكن المباراة نفسها كلمة النهاية لمشوار الإنجليز في البطولة ليودعوها بركلات الترجيح أمام أصحاب الأرض.
حلم المراهق الذي صار شابًا بالعودة إلى اليورو مجددًا ليحقق ما لم يحققه في مشاركته الأولى التي انتهت بالنسبة له بشكل إجباري يبتعد لثمان سنوات، بعد فشل بلاده في التأهل ليورو 2008، لكنه أخيرًا يعود في 2012، يحمل هذه المرة الرقم 10، ويغيب عن أول مبارتين أمام فرنسا والسويد للإيقاف بعد حصوله على بطاقة حمراء أمام منتخب مونتينجرو، وإصدار الفيفا قرار بإيقافه 3 مباريات تم تخفيضهم لـ2.
يعود «روني» أخيرًا لملاعب اليورو في 19 يونيو 2012 ليواجه أوكرانيا في ثالث مباريات المجموعة، إنجلترا حصلت في غيابه على 4 نقاط من تعادل مع فرنسا 1-1 وفوز على السويد 3-2، وكانت عودته كعادتها حميدة ليقود بلاده إلى الدور الثاني بهدف كان هو الوحيد في المباراة.
في دور الـ8 يصطدم المنتخب الإنجليزي بنظيره الإيطالي، و«روني» في التشكيل الأساسي، لكنه يفشل هذه المرة في تسجيل الأهداف، لينتهي الوقت الأصلي والإضافي بالتعادل بدون أهداف بين الفريقين ويحتكما لركلات الترجيح، ذكرى تعيد شبح الخروج من البطولة الأولى لـ«الفتى المعجزة».
تقدم صاحب الرقم 10 ليسدد ركلته الترجيحية، ليسكنها الشباك ببراعة، ويعلن تقدم الإنجليز على الإيطاليين، الذين أضاع لاعبهم مونتليفو ركلتهم الثانية، هل تضحك أخيرًا الكرة لأبناء الملكة إليزابيث؟ الإجابة كانت لا من قبل زملاء «روني» الأشليين، يونج وكول، بعد أن أهدرا ركلاتهما وأضاعا حلم الإنجليز و«روني» معهما مجددًا.
ويعود روني إلى يورو 2016 قائدًا للأسود يحمل بداخله ربما أحلام المراهق ذو الـ18 عامًا الذي غادر الملعب مصابًا في 2004، فهل يفك لعنة دور الـ8 هذه المرة؟