ألقى الإعلامي عمرو الليثي عضو مجلس أمناء مؤسسة "معًا" لتطوير العشوائيات، أمس، كلمة عن العشوائيات وتطوير البنية الحضارية للمجتمع المصري، في قاعة ecosoc من داخل الأمم المتحدة، بحضور الأمين العام المساعد للأمم المتحدة السفير ماجد عبدالعزيز، والقنصل المصري في أمريكا، وأعضاء السفارة وأعضاء من الكونجرس والجالية العربية في نيويورك، ورؤساء المجتمع المدني وقناصل بعض الدول الأوروبية والعربية.
وقال الليثي في بداية كلمته بالأمم المتحدة: "يسعدني أن أكون بينكم الآن، في رحاب الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا الكيان الأممي العريق، قادمًا من بلدي مصر، بحضارتها الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، لأشرف بتمثيل مؤسسة (معًا)، تلك الجمعية غير الحكومية الهادفة للتنمية المستدامة في وطني".
وتابع عضو مجلس أمناء مؤسسة "معًا" لتطوير العشوائيات: "قد أتطرق في عجالة، لأُلقي الضوء على توصيفي المهني، فأنا إعلامي أكاديمي، بدأتُ حياتي العملية في الإعلام الاستقصائي والتوثيقي، إضافة إلى رئاسة أول قناة عربية تُبث من أوروبا، وتحديدًا مدينة لندن، في تسعينيات القرن الماضي، اجتزت مرحلة طويلة، أزعم انني كنت راضٍ عنها، لكنني من خلال معايشتي اليومية واحتكاكي بكافة شرائح مجتمعي، شعرت بأن الرسالة الإعلامية يجب أن تكون موجهة ولها معايير للأداء والإنجاز، كي أكون محققًا لبعض ما أتطلع إليه من أهداف في حياتي".
وأضاف الإعلامي: "فكرت، واهتديت إلى أن أكرس رسالتي المهنية لمن كرمه الله، الإنسان، وتحقيق كل ما يسمو به ويحقق له رغد الحياة، مشاكله كثيرة، أماله عريضة، لكن الحلول متاحة دائمًا حينما نتكاتف، دولة بأجهزتها ومؤسساتها، مجتمع مدني منظم ونوايا خالصة وعازمة على العمل والإنجاز".
وأوضح الليثي: "صاحب هذا الاهتمام، تغيير في بوصلة أدائي الإعلامي، فبدأت مع فريق عمل برنامج (واحد من الناس) عام 2008، مصنفًا كبرنامج إعلام تنموي أسبوعي، وكان البرنامج الذي التحقت به وتفرعت منه المؤسسة، مؤسسة (واحد من الناس) التي أشرُف برئاسة مجلس إدارتها، تلك الكيان الذي كان نوره لامعًا، فالتركيز الأكبر فيه على الإنسان ومعاناته، ولطبيعة المجتمعات في الدول النامية، تنتشر المناطق العشوائية، فكان اختراقنا للعشوائيات، لعلي أسوِّق إليكم الآن بعض الأرقام والحقائق الصادمة".
واستطرد عضو مجلس أمناء مؤسسة "معًا" لتطوير العشوائيات: "هناك أكثر من 18 مليون أسرة تعيش في العشوائيات، أسرة وليس فرد، في القاهرة وحدها أكثر من 85 عشوائية، منها 68 مطلوب تطويرها، و12 مطلوب إزالتها لخطورتها على الأمن، بينما تشير الدراسات إلى أن 81% من سكان العشوائيات، يعملون في القطاع غير الرسمي، وأن 20% من رجالها عاطلين و38% من الأسر دخلهم أقل من 200 جنيه شهريًا، أي تحت خط الفقر".
وتابع الإعلامي: "أوضحت دراسة للمركز الديموجرافي في القاهرة، أن العشوائيات تتّسم بكثافة سكانية ومعدّل تزاحم عالٍ، يصل إلى 128.5 ألف نسمة في الكيلو المربع الواحد، أي 5 أضعاف المعدّل المتعارف عليه في القاهرة، كما أكدت أيضًا، أن 58% من سكانها، يعانون تدني الخدمات، فهم مثلًا يستخدمون دورات مياه مشتركة".
وذكر الليثي: "تشير دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية حول أطفال المناطق العشوائية، إلى انتشار الأمية في 80% من الذكور و95% من الإناث، إضافة لانعدام الجوانب الدينية، بينما حذر تقرير لوزارة التخطيط بالاشتراك مع الوكالة الألمانية للتعاون الفني، من أن سكان العشوائيات التي تنمو بمعدل 3% سنويًا، سيصل لـ28 مليون نسمة عام 2025، إذن، فهي قنابل موقوتة وحزام ناسف محيط بِنَا جميعًا، يكون فيه الإنسان محرومًا من الرعاية والحقوق في المأكل والمشرب والسكن والتعليم والصحة، أي حاجاته الأساسية".
وأضاف عضو مجلس أمناء مؤسسة "معًا" لتطوير العشوائيات: "هنا يأتي دورنا كإعلاميين، حيث أكدنا على إبراز القضية إعلاميًا، من خلال برنامج (واحد من الناس) الأسبوعي، فعملنا على رفع وعي المواطنين والمجتمع المدني حول تبعات قضية العشوائيات، وكانت بداية مؤسسة (معًا)، التي خرجت من رحم مؤسسة (واحد من الناس)، وأصبح المبلغ الأول مساهمة منا، وقيمته 25 مليون جنيه، لبنة أولى لاستئصال هذا المرض من الجسد المصري، فتكون مجلس إدارة (معًا) ضامنًا وحاضنًا لمختلف الكفاءات المعنية بالتطوير والعمل العام، من مهندسين، إعلاميين، رجال استثمار، وأطباء".
وأكد الإعلامي: "سرعان ما أرست المؤسسة قواعدها الأساسية في الأرض، عن طريق حساب بنكي مستقل وهيكل عمل منظم شفاف، يخضع للحكومة والرقابة، ولما كان لنا من جدية وتأثير في الواقع، انضمت لنا العديد من الشركات والهيئات الخاصة العاملة في مصر وبعض الدول الصديقة، كجزء من مسؤوليتها المجتمعية، فكانت لها أثر إيجابي في الدفع بـ(معًا)، إلى الأمام، والانطلاق بقوة لم نكن نتوقعها، وأصبح لنا اجتماعات دورية يتم خلالها وضع خطط سريعة قصيرة الأمد وطويلة للتعامل مع هذه المشكلة".
وتابع عضو مجلس أمناء مؤسسة "معًا" لتطوير العشوائيات: "كانت آليتنا السريعة من خلال (معًا)، أن نسعف الأماكن المنكوبة، فكانت القوافل التي تتجه إلى العشوائيات في الصعيد، أو تلك القريبة من القاهرة والمدن المحيطة للتدخل والإنقاذ، فهناك ترميمات الأسقف، إمدادات المياه النظيفة والمعونات العاجلة، إضافة إلى العناية والمساعدة في تعليم الأطفال، والارتقاء بالسيدات من خلال المشروعات الصغيرة العاجلة".
واستكمل الليثي في كلمته أمام الأمم المتحدة: "أما الخطط المتوسطة وطويلة الأجل، فكانت بالتعاون مع الدولة ومؤسساتها، ساعدتنا الدولة والأجهزة المعنية في تخصيص الأرض، من أجل إنشاء مدينة متكاملة، بفكر مختلف عن سابقتها، هدفنا ألا نفصل التعامل مع العشوائيات عن جوانب التنمية الاجتماعية والاقتصادية، استنادًا إلى ما أقره البحث العلمي في هذا الصدد، فتكون المدينة الجاذبة المتكاملة، حيث المنزل، المدرسة، الجامع، الكنيسة، مقر العمل، وتعليم الحرفة، إضافة إلى أماكن الترفيه، واضعين نصب أعيننا تجارب سابقة، حيث كانت تهجر مدن جديدة، وذلك لارتباط ساكنيها بأعمالهم في مناطقهم العشوائية السابقة".
وقال عضو مجلس أمناء مؤسسة "معًا" لتطوير العشوائيات: "سأعرض عليكم بعض الإنجازات في مدينة (معًا)، من خلال هذا التقرير المرئي، الذي يوضح حجم الإنجاز على أرض الواقع، حيث بدأ تنفيذ الحلم في أكتوبر 2013 في القاهرة، بحي السلام ثان، في أول طريق (القاهرة - الإسماعيلية) الصحراوي، على مساحة ما يقرب من 54 فدانًا، بناء على بروتوكول تعاون مع محافظة القاهرة، تم بمقتضاه حصول المؤسسة على الأرض المشار إليها بعقد حق انتفاع، ينتهي بعد إنشاء المدينة وضمان إدارتها بالشكل الذي يحقق النجاح للمؤسسة، وتعد هذه المدينة هيّ الأولى ضمن 5 مدن تنوي (معًا) بنائها في 5 محافظات".
وأضاف الإعلامي: "مخطط لمجتمع (معًا)، أن يضم 5300 وحدة سكنية، إضافة إلى مراكز خدمات لقاطنيها، تشمل: مجمع مدارس، مستشفى، نادي، مسرح، ودور عبادة"، متابعًا: "تم طرح المرحلة الأولى للمشروع، التي تتضمن إنشاء نحو 1300 وحدة، من خلال مناقصة محدودة فازت بها الشركة المصرية للإنشاءات (إيجيبكو)، وتتكلف المرحلة الأولى ما يزيد عن 100 مليون جنيه مصري، أما المشروع ككل، فالدراسة المصاحبة له تقدر تكلفته بنحو 400 مليون جنيه مصري".
وأوضح عضو مجلس أمناء مؤسسة "معًا" لتطوير العشوائيات: "ما يزال أمامنا الهدف واضح، والأمل يظهر لنا جليًا في أعين أهالينا، حين ننتهي من أي خطوة مهما كانت صغيرة، لكن الطريق طويل، نتطلع لأن نطويه سويًا، كي نصل بالإنسان إلى ما يليق به، فكان وجودي هنا بينكم ممثلا لمؤسسة (معًا)، لأحثكم عن المساهمة معنا في هذا المشروع القومي".
وتابع الليثي: "أدعو حضراتكم لمد يد العون لهذا المشروع الوليد، كي يشب صلبًا ناهضًا ببني وطني، أدعوكم للاستثمار بالوقت والجهد والمال معنا في (معًا)، ينقصنا الكثير: العقول المفكرة التي تنضح بالأفكار المبتكرة لهذه المدينة الجديدة، والخبرات التي تسهم في تحقيق الأفكار، والأموال اللازمة للتنفيذ، نحن لا ندعو إلى التبرع، بل ندعو للمشاركة في بناء مصر العريقة، التي نتمنى أن يعيش فيها أبناءنا".