سطع نجم القصة القصيرة من جديد فى الثلاث سنوات الأخيرة بعد أن سحبت منها الرواية البساط على مدار عقود فى الأدب العربى، ساعد فى بعث الاهتمام بها ظهور انتاج أدبى راق ، لكتاب متميزين أعادوا لها هيبتها كأحد الفنون الرفيعة فى الكتابة الإبداعية والتى تتطلب مهارة مخصوصة حتى تلفت الانتباه، كان منهم الكاتبة سعاد سليمان بمجموعتها الأخيرة "شهوة الملايكة" والأديب صابر رشدى بقصص "شخص حزين يستطيع الضحك" ومجموعة "كنت أرى البحر" للكاتب أشرف العوضى .
فى ملتقى الشباب أقيمت ندوة بعنوان "ازدهار القصة القصيرة من جديد" وأدارتها الدكتورة سهير المصادفة ، حكى فيها الكتاب تجاربهم الشخصية مع هذه الأعمال وسلطوا الضوء على أسباب نجاهم.
الأديب صابر رشدى قال إنه قام بكتابة بعض قصص مجموعته من فترة بعيدة تتخطى العشرين عاما ، مشيرا إالى أن ضمها فى كتاب واحد كان يجب أن يكون من حينها ولكنه كان كسولا فى ذلك وأشار إلى أن القصص مختارة بنسق واحد قام بانتقاءها من ضمن قصص انتهى منها وراعى فيها توحد الحالة الابداعية واللغة ولم يشتت ذهن القارئ بحكى مختلف الموضوع وهو ما ميز طريقة السرد.
وأشار إلى أنه يجب أن يكون كتابة القصة القصيرة وتجميعها يمثل متوالية روائية وهو ما رآه ضرورة حتى لا يشعر القارئ بالملل أو التنوع المشتت لفكره وهو ليس بغريب حتى مع الأدباء العالميين الذين مشوا على نفس النهج ومنهم من يختار بطلا واحدا لكل قصص مجموعته .
وأوضح رشدى أن لديه عملين أدبيين كانا جاهزين للطبع قبل المجموعة الحالية وهما رواية ومجموعة قصصية ولكنه فضل البدء بهذه المجموعة فى مغامرة لمواجهة غول الرواية والتى لا مقارنة بينها وبين القصة القصيرة من حيث قبول القارئ على العملين .
أما الأديبة سعاد سليمان قالت إنها متفقة تماما مع مقولة عبقرى القصة القصيرة الكاتب الكبير يوسف إدريس : "القصة تكتب كالطلقة" .. وهو مايعنى أنها تخرج فى دفقة واحدة وأشارت إلى أن مجموعتها "شهوة الملايكة" وكل قصصها القصيرة فى مجموعات سابقة كتبتها بنفس الأسلوب .
ونصحت سليمان أى مبتدئ فى كتابة القصة القصيرة أن يقرأ جيدا ليوسف إدريس ويحيى حقى وهما من أهم الكتاب الذين لفتها أسلوبهم واستفادت منهم بشكل كبير ، بالاضافة لكتاب كثيرين غيرهم .
وأوضحت سليمان أن غزارة الانتاج الأدبى زادت بعد ثورة يناير مما يؤكد أن الكتابة مقاومة ونوع من النضال وأشادت بالمشهد المفرح من تزاحم الجماهير على أبواب معرض الكتاب واعتبرته انتصارا للثقافة فى عرسها السنوى .
أما الكاتب أشرف العوضى استهل كلامه بمقولة الأديب العالمى نجيب محفوظ : "كل إنسان وجهه عبارة عن رواية مكتملة" مشيرا إلى أن حكى القصة القصيرة يتطلب مهارة فائقة من المبدع حتى يخرج نصا ملفتا فى ظل قواعد تحكم صياغتها بحيث تكون مستوفية لكل الجوانب الفنية مشيرا إلى أن الكاتب لا يصنع القصة ولكن هى من الناس وتقدم لهم.
وأوضح أن مجموعته مستوحاة من بيئة عاش فيها بالفعل مستنكرا على أى كاتب أن يستلهم أعماله من بيئة لم يعايشها واعتبر كتابته هزيلة ولن تعبر عن واقع ولا تعتبر سوى سفسطة لغوية ، واعتبر العوضى أن بساطة الأسلوب بحد ذاته إبداع يزين العمل الأدبى عموما وهو ما حرص عليه فى مجموعته الأخيرة .. واعتبر تعبير كل كاتب عما يشعر به من مواقف أو يعايشها نوعا من الصدق المطلوب وهو أقصر طريق للوصول إلى المتلقى.