رحلت اليوم الفنانة الكبيرة ، وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، التي ولدت عام 1931 في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، ودرست في معهد التمثيل، وتخرجت فيه عام 1947، وبدأت مشوارها الفني بمجموعة من الأدوار الصغيرة بالسينما كطفلة.
ثم عملت مع كبار مخرجي السينما، ولقبت عن إجماع بسيدة الشاشة العربية، كما شاركت بالفيلم الأمريكي "القاهرة"، وتم اختيارها نجمة القرن العشرين في مهرجان الإسكندرية 2001.
سر تسميتها:
ذكرت فاتن حمامة، في أحد الحوارات الصحفية لها، أن اسمها له حكاية لطيفة معها، فكان لأخيها منير الذي يكبرها بعامين عروسة أطلق عليها اسم "فاتن"، وكان اسمًا نادرًا في ذلك الوقت، وقالت ان والدتها حين أنجبتها ظلت هي ووالدها حائرين في اختيار اسم لها وفجأة جاء أخوها منير إلى فراشها ووضع العروسة بجوارها كهدية منه لها، وعلى الفور أطلقت والدتها اسم العروسة عليها.
مسابقة كانت بداية نجوميتها:
كانت طفلة في التاسعة من عمرها تسكن مع أسرتها بإحدى قرى المنصورة، وحينما نظمت مجلة "الاثنين" مسابقة لاختيار أجمل طفل وطفلة، ورصدت للفائزين بعض الجوائز المالية والهدايا، لم يتردد والد فاتن حمامة في إرسال صورة طفلته الجميلة.
والتقط والد "فاتن" صورة لها وهي بملابس متطوعات التمريض، والتي لاقت فيما بعد إعجاب لجنة التحكيم وقررت نشرها على غلاف المجلة، المخرج محمد كريم رأى صورة الطفلة، وكان للمصادفة يبحث عن طفلة تقوم بدور هام في فيلمه الجديد آنذاك مع محمد عبدالوهاب باسم "يوم سعيد"، فطلب من مساعديه عنوان الممرضة الصغيرة، ثم كلّف مندوبًا بالسفر إليها والتفاوض مع ولي أمرها.
والد الفنانة المصرية لم يعترض على الإطلاق ورحب بعمل ابنته في السينما، واصطحبها إلى القاهرة، وهناك وقفت فاتن أمام المخرج محمد كريم لتلقي عليه أناشيد مدرسية كانت تحفظها.
وبهدوء سألها محمد كريم: "إيه رأيك تيجي تمثلي في السينما"، وبجرأة ردت الطفلة: "أيوة". وعندما قدمها "كريم" إلى بطل الفيلم ومنتجه الموسيقار محمد عبد الوهاب، وما إن رآها تؤدي أحد المشاهد حتى قال بفرحة غامرة: "هي دي.. معجزة .. لقطة يا كريم".
ترتدي بدلة رقص لأول واخر مرة:
كانت أول مرة واخرها، تقوم فيها "فاتن" بأداء دور راقصة، أو بالتحديد ترتدي بدلة رقص، خاصة انها اشتهرت في أغلب أعمالها بالشخصية الرومانسية، والادوار التي تغلب عليها الرقة والهدوء، إلا أنها خالفت هذه العادات وظهرت في دور راقصة خلال فيلم "بابا أمين"، والتى يعد من أول أفلام المخرج الراحل يوسف شاهين عام 1950، وقد رفضت سيدة الشاشة العربية الظهور ببدلة رقص مرة أخري، رغم العروض التي قدمت لها.
"الخيط الرفيع" يشعل حربا بين المنتجين بسبب "سيدة الشاشة" و"السندريللا":
كان رمسيس نجيب يرغب فى ان يتعاون مع "فاتن"، فعرض عليها أكثر من قصة، فقالت له: "فيه قصة لإحسان عبد القدوس كان نفسي أعملها زمان"، فسألها إيه هي.. فردت عليه: "قصة الشاب المعقد اللي بتخلصه حبيبته من عقده"، فرد عليها على الفور تبقى "الخيط الرفيع"، وأبلغها أنه اشتراها فعلاً من "إحسان".
"رمسيس" فور إعلانه خبر الفيلم الجديد، فوجئ بعريضة دعوى تصله من الموزع صبحي فرحات، على أساس أنه اشترى القصة من جمال الليثي الذي كان قد اشتراها من إحسان.
وبدأت سلسلة من القضايا بينهم، الا ان إحسان عبد القدوس طالب بسقوط حق "صبحي فرحات" في القصة بعد أن مضت عليها خمس سنوات دون إنتاج، ثم قرر صبحي أن ينتج الفيلم في لبنان، على أن يخرجه عاطف سالم، وتقوم ببطولته سعاد حسني، ولكن إحسان استصدر أمرًا بإيقاف الإنتاج في لبنان اقترن به تصريح لسعاد بأنها عدلت عن القيام ببطولة الفيلم على أساس أنه لا يعقل أن تنافس فاتن حمامة، وبالفعل قدمت "فاتن" دورها بنجاح منقطع النظير فى فيلم "الخيط الرفيع"، وعاد البريق إلى سيدة الشاشة العربية، خاصة انها لم تظهر فى عمل فني منذ فترة طويلة، وكان "الخيط الرفيع" أول ظهورها بعد عودتها من رحلة فى عاصمة الضباب.
نكتة على شرف فاتن حمامة:
بعد ان استأجر فريد الأطرش شقة جديدة، كان أول ما فعله، هو انه قال لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة إنه سيكون في منتهى السعادة بأن يبدأ حياته الاجتماعية في شقته الجديدة، بحفلة كبرى يقيمها على شرفها، خاصة انه اعترف لها بانها كانت "وش خير" عليه في فيلم "الحب الكبير"، الذي حقق نجاحًا شعبيًا يفوق الوصف، وجنى من ورائه أرباحًا كبيرة، وبالفعل قبلت فاتن حمامة الدعوة إلى الحفلة التي أخذ فريد الأطرش يهتم بتنظيمها واختيار المدعوين إليها.
وعندما حكى "فريد" موقفا كوميديا حدث له، وقعت فاتن حمامة على ظهرها من شدة الضحك، وهى "إن أحد المعجبين كان يتصل به باستمرار، ويطلب إليه أن يكلمه، فتجيبه الشغالة سنية: والله الأستاذ مش قادر يكلمك.. لأنه في الحمام، وعندما تكررت اتصالات المعجب، وفي كل مرة يتلقى الجواب نفسه وهو أن "الأستاذ في الحمام"، ولكن فريد خرج مسرعا، يصرخ في سنية قائلا: "هو الأستاذ وسخ للدرجة دي علشان يبقى في الحمام على طول".
الرياضة سر رشاقتها:
كانت الفنانة الراحلة دائما تعلم ابنتها نادية ذو الفقار، كيفية ممارسة التمارين الصباحية. خاصة ان الرياضة تعتبر سرا من أسرار رشاقة فاتن حمامة، والتي حاولت زرعها في طفلتها منذ الطفولة حتى تكون خليفة لها، وتتمتع بنفس القوام الذي تملكه، وبرعت طفلتها ببراءة الأطفال في تقليدها بشكل مميز.
رياضة الجولف:
كانت الفنانة الراحلة تمارس باستمرار رياضة الجولف، حتى انها ظهرت على غلاف مجلة "الموعد"، فى عدد يعود تاريخه إلى عام 1971،
وظهرت "فاتن" بكامل أناقتها، وكشفت الصورة عن جانب خفي من حياة الفنانة الشخصية وهو حبها لممارسة الرياضة، بعيدًا عن عدسات المصورين.
تقضى مع عمر الشريف سهرة داخل قسم الشرطة بتهمة السرقة:
تعرضت الفنانة الراحلة لموقف لن تنساه طوال حياتها، وذلك في الليلة الثانية لزواجها من الفنان عمر الشريف، حين اتصل بها ليدعوها لسهرة، وبعدما استقلا السيارة استوقفهما عسكري المرور، وصرخ فيه قائلاً: قف عندك دوختنا يا مجرم. فقال له "عمر" وهو مندهش تمامًا: "أنا ياشاويش"، فرد عليه قائلا "العربية اللي أنت سارقها يا حرامي". وبالفعل اصطحبهما إلى القسم، وظلا فيه ثلاث ساعات لانتظار الضابط يحقق معهما، ولكن عندما وصل الضابط قام بالاعتذار لهما على سوء التفاهم، وخرج الاثنان من القسم وفاتن في حالة توتر عصبي شديد، ولكنها وصفت هذه الليلة بأنها كانت من أجمل السهرات.
آخر رسائلها كانت لصديقتها نادية لطفى:
اعتذرت "حمامة" عن حضور حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الأخير، وبررت تغيبها بقولها إن ظروفها الصحية تمنعها من ذلك، وإن الأطباء نصحوها بعدم التواجد في أي أماكن مزدحمة، مؤكده أنها ممنوعة من بذل أي مجهود مضاعف مثل الصعود على السلالم أو نزولها،
فاتن حمامة أعربت عن سعادتها الكبيرة بتكريم صديقتها الفنانة نادية لطفي في الدورة الـ36 للمهرجان، وقالت لها : "تستحقين أكثر من كده بكثير يا نادية".
تكريم وجوائز :
حصلت علي ميدالية الشرف من قبل إميل لحود، وفازت بجائزة وزارة الشئون الاجتماعية لأحسن ممثلة عام 1952 لفيلم "أنا الماضي"، كما حصلت علي ميدالية الشرف من قبل جمال عبد الناصر، وحصلت علي ميدالية لاستحقاق من ملك المغرب الحسن الثانى بن محمد، وفى فيلم "إمبراطورية ميم" الذى قدمته عام 1972 حصلت عند عرضه فى مهرجان موسكو على جائزة تقديرية من اتحاد النساء السوفيتى وأحدث الفيلم ضجة كبيرة عند عرضه بدور العرض السينمائى.
حصلت علي وسام المرأة العربية من قبل رفيق الحريرى، كما تم اختيارها كأفضل ممثلة وتم اختيار 18 من أفلامها من ضمن 150 فيلماً من أحسن ما أنتجته السينما المصرية فى عام 1996 أثناء احتفال السينما المصرية بمناسبة مرور 100 عام على نشاطها.
حصلت على شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، سنة 1999 م. حصلت علي جائزة نجمة القرن من قبل منظمة الكتاب والنقاد المصريين عام 2000 ، كما حصلت على ميدالية الشرف من قبل محمد أنور السادات، فيما حصلت علي الجائزة الأولى للمرأة العربية عام 2001.