يعتبر الروائي والأديب الكبير الراحل يحيى حقى علامة بارزة فى الفن والأدب المصري، فهو صاحب الكتابة الأنيقة والقلم الرشيق الذي خط العديد من الأعمال الخالدة مثل: "قنديل أم هاشم" و" كناسة الدكان" و"خليها على الله" والبوسطجي.
واستطاع يحيى حقى أن يضع روحه فى "قنديل أم هاشم" روايته الأشهر التى ترجمت وتحولت لفيلم سينمائى، فالرواية التى تناقش الصراع الدائم بين الشرق والغرب وبين العلم والوهم تتجاوز ذلك هذه التيمة، فتيمة الصراع طرحها توفيق الحكيم فى " عصفور من الشرق " وفعلها من بعدهما الطيب صالح فى "موسم الهجرة إلى الشمال" لكن رواية "قنديل أم هاشم" تتجاوز التيمة لنجد الروح التى بثها يحيى حقى فى المكان وهو ابن المكان حيث ولد فى حى السيدة زينب، هى المسيطرة والمخلدة للأدب.
وكان له دور كبير فى تطوير فن الكتابة، حيث كتب " خليها على الله " و "صح النوم " و " يا ليل يا عين " و" كناسة الدكان " و" تراب الميرى "، أما "عطر الحبايب" فقد أرسى هذا الكتاب فن البورتريه اللفظى وأعطى للرسم بالكلمة حق التواجد، وعالج يحيى حقى معظم فنون القول، من قصة قصيرة ورواية ونقــد ودراسة أدبية وسيرة ذاتية ومقال أدبى، كما ترجم عدداً من القصص والمسرحيات، وإن ظلت القصة القصيرة هى هواة الأول، بعد أن كتب آخر كتبه (ناس فى الظل) عام 1974 صمت ورفض ممارســة الكتابة بأنواعها صائحاً دون خجل: قلت كل شـىء ولم يعد عندى ما أقوله، حتى لا يتناقض مع نصيحـته للقارئ أن يتأمل لنفسه بنفسه كيف يدب الخداع والكذب فى المؤلفات التى تسعى لاسترضاء الجمهور، كرمته مصر ومنحته جائزة الدولة التقديرية فى الآداب سنة 1969، وكرمته فرنسا سنة 1983 بوسام فارس من الطبقه الأولى، وجائزة الملك فيصل العالمية انتهت إليه عام 1990.
قطع يحيى حقي في علاقته بالسينما شوطًا بعيدًا، وتنوعت اتجاهات تلك العلاقة وأوجهها، فهو أولاً متفرج من داخل صالة السينما، وقد ظل حريصًا على تلك العادة حتى نهاية حياته، كما أنه ناقد متابع للأفلام المعروضة في دور السينما وله بعض الآراء المهمة المقدرة التي تمتلك إلى جانب الذوق الشخصي خبرة ذاتية كبيرة اكتسبها من جولاتها في المعاقل السينمائية الكبرى في أوروبا، ثم توجت السينما المصرية عام 1968 علاقتها بيحيى حقي بالالتفات إلى أعماله الأدبية والاستقاء منها، فأنتجت أربعة من الأعمال السينمائية المميزة التي رسخت في وجدان المشاهدين ومن أبرزها " البوسطجي" ، ثم " قنديل أم هاشم"، وقد سبقهما من أعمال يحيى حقي فيلم " إفلاس خاطبة" ، وفيلم " امرأة ورجل".
يحيى حقي محمد حقي " 17 يناير 1905 و توفى فى 9 ديسمبر 1992 "وهو كاتب وروائي مصري. ولد فى أسرة لها جذور تركية في القاهرة وقد حصل على تعليم جيد حتى انخرط في المحاماة حيث درس في معهد الحقوق بالقاهرة وكان تخرجه منه في عام 1925م.
قضى يحيى حقي عمره كله في الخدمة المدنية وعمل بالسلك الدبلوماسي المصري وتم تعيينه في منصب مستشار في دار الكتب والوثائق القومية وأما في مجاله الأدبي فقد نشر أربعة مجموعات من القصص القصيرة و كتب العديد من المقالات والقصص القصيرة الأخرى.
تزوج حقي من السيدة نبيلة السعودي "مصرية – إنجليزية"، كانت سيدة باسمة مرحة من عائلة كبيرة، أحبها حقي ولكن لم يشأ القدر أن يستمر زواجهما أكثر من 10 شهور، حيث كانت الزوجة قد أصيبت في صغرها بحمى روماتيزمية، فأثرت عليها في شبابها، وقد نالت منها في شهور حملها؛ وهو ما أجهدها، خاصة وقد تبين إصابتها بالتهاب عضلة القلب الذي لم يكن له علاج، ووصلت حالة الزوجة إلى مرحلة حرجة خطيرة لا تستجيب معها للعلاج، وما لبثت الزوجة أن ماتت بعد أن وضعت مولودتها "نهى" بستة أشهر.
ظل حقي وفيًا لزوجته نبيلة، لم يتزوج مرة أخرى إلا بعد مرور 10 سنوات على وفاتها، حيث تزوج من سيدة إنجليزية تدعى "جان"، لكنه لم ينس زوجته الأولى يوما بل ظل وفيا لها، وكان كلما تذكرها بكى بحزن وتأثر، وكأنها لم تمت إلا في تلك اللحظة.