فنانة عظيمة، وسيدة لها حضور مسرحي كبير في فنون الإلقاء والأداء .. أبدعت في الكثير من الأعمال المسرحية لعدة عقود من الزمان، مما رفع رصيدها المسرحي على مدار مشوارها الفني إلى ما يقرب من 170 مسرحية.. تواصل الماضي بالحاضر، فهي شاهد على التاريخ.. وقد جاءت إلى المغرب للمشاركة في مهرجان المسرح العربي.. إنها عضو هيئة المسرح العربي الفنانة القديرة سميحة أيوب.
في البداية أكدت أن وضع المسرح العربي يشابه ما أصبحت عليه المجتمعات العربية ، موضحة أن المسرح هو مرآة للشعوب وما يعانيه المسرح العربي هو نتاج الحال الذي وصلت إليه الشعوب العربية، وقالت الآن أصبحت الأحداث تتغير كل ساعة وتحمل معها أحداثا جديدة قد تربك وتغير جميع الحسابات وتبدل كل الترتيبات، مشيرة إلى أن تلك الظاهرة أصبحت عالمية وليست على الدول العربية فقط ، إلا أنها عندها من الأمل الذي يؤكد لها ان المسرح في طريقه للاستقرار .
وكشفت الفنانة سميحة أيوب أن جدتها مغربية وأنها سافرت إلى المغرب عدة مرات، وأعربت عن أملها في المشاركة في عمل مسرحي عربي تشارك فيه كل الدول العربية وتكون فيه مصر والمغرب ضمن المشاركين .
وردا عن سؤال حول تراجع مسرح الدولة والمسرح الهادف لصالح المسرح الاستهلاكي خلال العقود الثلاثة الأخيرة، قالت الفنانة سميحة أيوب أن هذا يؤكد ما سبق أن أكدت عليه من أن المسرح هو مرآة للشعوب، والمسرح يقوم بتقديم الفن الهادف والجيد وأيضا الفن الهابط والمبتذل ، والشعوب هي التي تختار ، بناء على الظروف والعوامل التي تؤثر على ميولها.
وفي ردها على سؤال حول ما إذا كان ما يقدمه المسرح الهابط هو راجع إلى توجيهات وتعليمات من الدولة او ما يسمى بالارادة السياسية او التوجيه السياسي، نفت الفنانة سميحة أيوب تلك الفكرة تماما وقالت "هذا الكلام أسمعه كثيرا لكنه ليس صحيحا"، وقالت "كنا بنطلع على المسرح وننتقد النظام ولم يكن هناك أي توجيه أو منع أبدا لوجود حرية الكلمة منذ الستينات"، وضربت مثلا بأيام الرئيس جمال عبد الناصر عندما قال البعض عنه انه ديكتاتور لكنها أكدت انه لم يكن كذلك نهائيا، بل استدلت بكلمته الشهيرة عندما منعت الرقابة إحدى الروايات من العرض فرد عبد الناصر قائلا : "النظام الذي يسقط بسبب رواية يجب ألا يستمر، اتركوهم يبدعوا ويعبروا عما بداخلهم"،.
وأضافت أيوب :" إلا أن هناك مسرحيتين تم منعهما في عهد الرئيس الراحل السادات وهما مسرحية "الاستاذ" للأديب الراحل سعد الدين وهبه، ومسرحية "قولوا لعين الشمس" واعتقد ان النظام لم يكن له يد في منعهما ولكن الرقباء هم الذين كانوا يخافون، فالرقباء هم الذين يعتقدون أن الحاكم ممكن أن يغضب من الانتقاد، وهم من يصنفونه كذلك، ولهذا السبب يخافون من الصورة التي رسموها هم بأيديهم للحاكم، مؤكدة أن هذا هو رأيهم وليس رأي الحاكم، وهو ما ولد ما يسمى بالرقابة الذاتية، وهذا ما جعل أن الرقباء في بعض الأوقات هم من يسيؤون للنظام دون قصد، مما يجعل الناس تتهم هذا النظام بالقمع وهو لا يد له.
وعن تطور الإبداع ومواكبته وأي الفترات يتوهج فيها إبداع الكتاب والمؤلفين، قالت "لا يوجد لحظة نستطيع ان نقول عنها ان الابداع توقف، بل على العكس .. الفن مستمر بشكل دائم ومعاصر لكل الأزمنة، وعلى سبيل المثال مسرحية "الفتى مهران" لعبد الرحمن الشرقاوى، ومسرحية "دماء على أستار الكعبة" لفاروق جويدة، ومسرحية "الخديوي"، والاخيرة برزت في الفترة الحالية، وذلك لأن الاحداث التي تتناولها من 18 عاما هي نفس الأحداث الحالية.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت هناك عروض مسرحية عن مواقف حالية ، أكدت الفنانة سميحة أيوب أن المسرح لن يستطيع أن يقدم عروضا ترتبط بأحداث آنية لأنه ليس كالريبورتاج أو الأغنية اللذين يمكنهما في أقل من 48 ساعة أن يتناولا الحدث الجاري.. أما المسرح فهو يحتاج إلى مؤلف يشعر بالحدث ويعاني معه أثناء كتابته، وفنانين يعيشونه بأدواره، ويبدعون فيه، ويتدربون عليه كثيرا إلى أن يخرج بالمستوى المطلوب.. فالمسرح بالنسبة للجمهور كوجبة الطعام.. والجمهور يستطيع ان يحكم على الذي يتم تقديمه له وما إذا كان جيدا أو سيئا ، فإذا تم تقديم له وجبه شهية يقبل عليها بكل ثقله.. أما إذا كانت سيئة فقد يتذوق منها القليل ولكنه يرفضها.. لذلك فالجمهور هو من يستطيع التعبير عن نفسه وموقفه من الأعمال المسرحية ومدى ملاءمتها له.