فاز تونسيان وسوريان ويمني وإماراتي وجزائري بجوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة في دورتها الحادية عشرة والتي يمنحها (المركز العربي للأدب الجغرافي-ارتياد الآفاق) في أبوظبي سنويا.
ويمنح مركز ابن بطوطة - الذي يرعاه الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي - جوائزه سنويا منذ عام 2003. وفاز بالجوائز في الأعوام الماضية نحو 70 باحثا عربيا وأجنبيا في مجالات منها (تحقيق الرحلة) و(الدراسات) و(الرحلة المعاصرة) و(اليوميات).
وقال المركز يوم الخميس في بيان إن الأعمال الستة الفائزة في الدورة الجديدة (2014-2015) اختيرت من بين 36 عملا من تسع دول عربية وإن لجنة التحكيم تكونت من خمسة أعضاء من الأكاديميين والأدباء والباحثين في الحقل الجغرافي هم المغاربة عبد النبي ذاكر وشعيب حليفي والطايع الحداوي والسوريان خلدون الشمعة ونوري الجراح المشرف على المركز وجائزته.
وقال الجراح لرويترز في اتصال إن "ما ستقدمه الجائزة في العشرية القادمة هو مزيد من الكشوف في حقل يعتبر في نظرنا هو الأخطر ثقافيا في عالم أخذ ينفتح أكثر فأكثر على بعضه. هو مزيد من البحث والكشف عن نصوص تتصل برحلة المثقفين العرب عبر التاريخ في ديار الآخر ومحاولة التعرف أكثر فأكثر على نظرة العربي والمسلم نحو الآخر."
وأضاف أن الجائزة تسعى إلى تشجيع الباحثين العرب على القيام بدور "يمكن أن يساعد على ردم الفجوات بين الثقافة العربية والثقافات الأخرى لا سيما تلك التي فتحتها التواريخ الأليمة بين الثقافة العربية والغرب."
والفائزون هم التونسيان محمد الزاهي وحسام الدين شاشية -الذي نال جائزتين- واليمني عبد الله محمد الحبشي والسوريان حسني محمد ذياب ومفيد نجم والإماراتي محمد عبيد غباش والجزائري سعيد خطيبي.
وفاز بجائزة تحقيق المخطوطات التونسي محمد الزاهي عن كتاب (تهذيب الأطوار في عجائب الأمصار) لمرتضى الكردي الذي ولد في دمشق وتوفي عام 1758. والنص "سجل حافل وصف فيه المؤلف المدن والقرى والجسور والأودية والمفازات وعادات الناس... ولعل جانبا من أهمية هذا النص يكمن في سعة اطلاع الرحالة على الناس والأحوال في صعيد مصر" حيث كان مكلفا بجمع الضرائب.
ونال اليمني عبد الله محمد الحبشي والسوري حسني محمد ذياب جائزة تحقيق المخطوطات عن تحقيقهما لكتاب (رحلة أعيان اليمن إلى استنبول.. 1907) للعلامة السيد محمد بن الحسين غمضان الكبسي.
وقال البيان إن هذا الكتاب يكتسب أهميته "من كونه وثيقة سياسية إلى جانب كونه نصا سرديا وأدبا ممتعا لرحالة كان شخصية مهمة اجتماعيا وسياسيا" حيث رصد مؤلفه بعض مستحدثات العصر الحديث من مدارس ومستشفيات وأسطول حربي ومصانع بآلاتها ومعداتها إضافة إلى المقاهي والمتاحف.
وفي فرع تحقيق المخطوطات أيضا فاز التونسي حسام الدين شاشية بالجائزة عن كتاب (ناصر الدين على القوم الكافرين) "النسخة المصرية" لأحمد بن قاسم الحجري الأندلسي الذي ولد في غرناطة عام 1569 وتنقل بين المغرب وتونس ومر بمصر في طريقه إلى الحجاز وتوفي عام 1641.
وفاز شاشية أيضا بجائزة الدراسات عن كتابه (السفارديم والموريسكيون.. رحلة التهجير والتوطين في بلاد المغرب (1492-1756)... الروايات والمسارات).
وقال البيان "هذه هي أول دراسة تاريخية مقارنة من نوعها ينجزها باحث عربي حول الموضوعين السفارديمي والموريسكي... لتحيط بواقعة طرد وتهجير المنتمين إلى الفئتين الموريسكية والسفارديمية" من المسلمين واليهود في الأندلس بعد توصل الباحث إلى الأرشيفات ومراكز بحث في إسبانيا عن السياق الذي أحاط "بعمليتي الطرد والتوطين" للمسلمين واليهود في شبه الجزيرة الإيبيرية.
ونال جائزة الرحلة المعاصرة كل من الجزائري سعيد خطيبي عن كتابه (جنائن الشرق الملتهبة.. رحلة في بلاد الصقالبة) والإماراتي محمد عبيد غابش عن كتابه (غفوة عند الذئاب.. رحلات حول العالم).
أما جائزة اليوميات فنالها الناقد السوري مفيد نجم عن كتابه (أجنحة في زنزانة.. يوميات السجن) الذي يروي فيه "تجربته الطويلة مع السجون السورية مستعيدا وقائع اللحظات والساعات والأيام. تتحول كتابته إلى لوحات لمشهد السجن لوجوه السجناء وقد تحولت إلى وجوه شبحية بعيدا شمس العالم... عن التوق إلى الحرية والشوق للأهل عن النقاشات السياسية بين السجناء وبؤس السجانين عن لؤم الضباط الكبار عن المعتقلين المنتظرين دورهم لتنفذ بهم أحكام الإعدام عن الشجاعة والخوف. عن باحة السجن والفسحة القصيرة تحت شمس الله" كما ذكر البيان.
والمركز العربي للأدب الجغرافي مشروع ثقافي عربي مستقل غير ربحي وتأسس عام 2000 ويحمل شعار (جسر بين المشرق والمغرب وبين العرب والعالم) ويعنى بإحياء أدب الرحلة والأدب الجغرافي العربي والإسلامي وينظم سنويا ندوة عن أدب الرحلة في بلد عربي أو أجنبي واستضافت الندوة في السنوات الماضية عواصم منها الخرطوم والجزائر والرباط والدوحة والمنامة وأبوظبي.
وقال الجراح إن الأعمال الفائزة ستنشرها دار السويدي في أبوظبي بالتعاون مع "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت وستوزع الجوائز في احتفال في مدينة قسنطينة بالجزائر في ابريل نيسان القادم ضمن احتفالات (قسنطينة عاصمة الثقافة الإسلامية) حيث تنظم "ندوة الرحالة العرب والمسلمين.. اكتشاف الذات والآخر" بمشاركة نخبة من المتخصصين.
وأضاف في الاتصال أن مركز ابن بطوطة سيصدر بالتزامن مع تسليم الجوائز خمسة كتب "في إطار احتفالات قسنطينة عاصمة ثقافية عربية.. خمسة مؤلفات رحلية وبحثية تتعلق بمدينة قسنطينة وبالجزائر عموما
وهي هدية من مشروع ارتيادالآفاق للمدينة العظيمة التي أخرجت الباي أحمد أول من قاوم المستعمرين الفرنسيين وهو الباي الوحيد الذي استشهد في مواجهتهم."