الاستديو فخم، وهائل، وشاسع المساحة، كأنه سيتحوّل لملعب كرة بعد منتصف اللقاء، أو كأن منى الشاذلي تعد لضيوف برنامجها “معكم” مفاجأة ما، كأن تنشق الأرض عن حمام سباحة مثلا ليجد جمهور الاستديو نفسه وقد انتقل إلى أرض الأحلام.. الإبهار و”الإنفاق” مطلوب لا شك، ولكن من قال إن الصدق يمكن مقاومته؟!
كان من حظ منى الشاذلي السيئ جدا أن تكون منافستها امرأة بتلقائية وخفة دم إسعاد يونس ببرنامج يشبه طلتها ويشبه مهمتها “صاحبة السعادة”، فمهما مارست منى تصرفها المعتاد بالنظر إلى حيث لا يوجد الضيف، وبتحريك رموشها إلى غير اتجاه، ومهما ابتسمت كاتمه صوت الضحكة، فإنها تعرف ألا مجال للمنافسة مع كل تلك السعادة.
لاينقص من قدر منى الشاذلي شيئا أنها أكثر تميزا في الحوارات الجادة، كما أنها مقبولة أيضا في الحورات الخفيفة التي يتميز بها برنامجها لكن حينما يتعلق الأمر ببرنامج آخر ينتمي إلى نفس النوعية ويعرض عبر نفس الشبكة “cbc” مقدمته بحجم الست إسعاد فإنها يجب أن تعيد ترتيب أوراقها، لأنه من غير المنصف أن تضع القناة مذيعة عرفت بمناقشة القضايا السياسية لتتنافس ببرنامج ترفيهي مع سيدة “الانبساط” هو لعبتها.
إسعاد يونس التي تخوض مجال التقديم التليفزيوني للمرة الأولى “بعيدا عن دور المذيعة همت مصطفي في فيلم أيام السادات”، فإنها فهمت كيف تسعد المصريين، تختار مواضيع تلعب على وتر الحنين لدى كل الأجيال، ومع ذلك تبتعد تماما عن فكرة “الشحتفة والبكاء على الذي مضى”، ناهيك عن أنها تسأل أسئلتها ببساطة ودون مقدمات، ولا تعقد الأمور، وكما أن أفكار حلقاتها فعلا خارج الصندوق وليست معبأة سلفا في أدمغة المعدين يتناقلونها من برنامج لآخر! .
تملك إسعاد فعلا مفاتيح جذب انتباه المشاهد، فيما تأتي منى بضيوف هم نجوم أيضا، بل كبار النجوم، لكن الحلقة تخرج وكأنها نسخ من ملايين الحوارات التي تمر على الشاشات، رغم أن نفس هؤلاء الضيف يتحولون إلى كائنات أكثر بهجة وأكثر اختلافاً في برنامج ترفيهي وخفيف أيضا، وغير معقد، وغير سياسي!، تماما مثلما يوجد في الوصف التفصيلي لـ “معكم”. فرغم أن منى الشاذلي قضت سبع سنوات من عمرها تقريبا مقدمة برامج فنية وبرامج منوعات ضمن شبكة art إلا أنها لم تلمع إلا كنجمة برامج “توك شو”، وكان يمكن أن يقبل جمهورها نجاحها المتواضع في تجربة العودة لعالم المنوعات، لولا أن زميلة الشاشة المبهرة تغلق عليها الطريق.. فقط بأبتسامة!
نقلا عن اعلام دوت اورج