- - "آلام المسيح" أكثر الأفلام التي أثارت جدلا بسبب جرأتها ومعاداته للسامية
- - تسبب يهودية روسوليني في إثارة غضب المسيحيين واليهوديين
برغم من اعتراضات الجهات الدينية على الأفلام التى تجسد شخصية الأنبياء إلا أن تم إنتاج العديد من الأفلام التى قدمت شخصية الأنبياء على الشاشة , و تحديدا شخصية أو قصة المسيح التى تعد مادة خصبة لاى مبدع , وهو ما دفع عدداً كبيراً من المبدعين لتقديم أفلام بوجهات نظر مختلفه , و ربما من أشهر الافلام التى قدمت المسيح على الشاشة و أثارت حالة من الجدل الواسع كان فيلم " آلام المسيح " للممثل و المخرج ميل جيبسون , و قد واجه عاصفة من الانتقادات الدينية و التى تخطت بعد ذلك لتصل الي عالم السياسة حيث اتهم الفيلم بمعاداته للسامية , و عندما نرصد عدد الأفلام التى جسدت شخصية المسيح نجدها ما يقرب من 390 فيلما.
وفي الفترة من 1879حتي 1907تم إنتاج نحو 17فيلما أمريكيا وفرنسيا وإنجليزيا وإيطاليا حول حياة السيد المسيح لعل من أول هذه الأفلام عام 1897مع فيلم "حياة وعذاب المسيح" من إخراج الأخوين لوميير والذي حقق نجاحا عظيما في تلك الفترة، ومن أفلام تلك الفترة أيضاً فيلم "المسيح علي الصلب" من إخراج لوي فيواد والذي كان صحفيا في جريدة "الصليب" المسيحية لكاثوليكية الفرنسية الشهيرة، وفيلم "المسيح يمشي علي الماء" من إخراج المخرج الفرنسي الشهير جورج ميليه عام 1900والذي استخدم فيه لأول مرة في السينما أسلوب الخدع السينمائية الذي اشتهر به ميليه فيما بعد والمعروف باسم الطباعة المزدوجة حيث يتم طبع صورتين من الفيلم فوق بعضهما البعض في المعمل , وفيلم "حياة وموت السيد المسيح" الذي عرض في عام 1904من إخراج الفرنسي فرانك زاكا.
كان أول الأفلام ذات الانتاج الكبير التي تروي حياة المسيح وتم تصوير أحداثها في كل من مصر وفلسطين فيلم "من المهد حتي الصليب" في عام 1912من إخراج الأمريكي سيدني أولكرت وقد تم تصوير المشاهد التي استلهمت مناظرها من الصور الشعبية السائدة عن قصص الإنجيل ولوحات مايكل أنجلو وعصر النهضة الايطالي وقام مدير التصوير الفرنسي الشهير "تيسو" بتنفيذ تلك اللوحات السينمائية بالأبيض والأسود، وقام بدور السيد المسيح الممثل روبرت هندرسون بلاند.
ومع كثرة هذه الأفلام وإثارة الكثير منها للجدل بدأت الكنيسة تتدخل وتدرس هل تمنع ظهور المسيح على الشاشة أم لا، وهل تقوم بمراجعة الأعمال التي تتناول سيرته قبل عرضها أم بعد العرض.
و قد حسمها البابا بولس السادس حين وافق على تصوير "يسوع الناصري" للمخرج فرانكو زيفيريللي وأعلن مباركته لهذا الفيلم و عرض فى مصر في سينما واحدة لمدة أيام قليلة تم رفعه بعدها"، كما أن الكنيسة رأت ضرورة ملحة حين ظهرت أفلام أثارت غضب رجال دين مسيحيين كثيرين وأدانتها الكنيسة في الوقت نفسه مثل فيلم "الرداء" لهنري كوستر أو فيلم "بين هور" بنسختيه.
كانت هناك أيضا اعتراضات كثيرة على أعمال رأتها الكنيسة تركز على ضخامة الإنتاج والإيرادات دون أن تضع في اعتبارها أي قيم روحية مثل "ملك الملوك الناطق" الذي أخرجه هذه المرة لنيكولاس راي عام 1961 وكانت أبرز الانتقادات التي تم توجيهها لهذا الفيلم هي أنه قدم المسيح على أنه أشقر أزرق العينين "تم عرض الفيلم بالقاهرة في منتصف الستينيات وأحدث جدلا هائلا أدى إلى سحبه من دور العرض بعد أقل من أسبوعين"، و"أكبر قصة لم تخبر بعد" لجورج ستين عام 1965 و"يسوع المسيح سوبر ستار" لنورمان جويزون عام 1973، الذي أخرجه عن المسرحية الغنائية التي حملت الاسم نفسه، وظلت تعرض على مسارح لندن وبرودواي لأكثر من 12 عاما متصلة.
و قد أثار فيلم "المسيح" الذى تم إنتاجه عام 1976 للمخرج روبيرتو روسولينى جدلا واسعا ليس لكون الفيلم يتناول شخصية المسيح , و لكن بسبب ديانة المخرج حيث يحمل الديانة اليهودية ، فقد كان معروفا أن روسوليني يهودي ملحد، وهو الأمر الذي أثار حفيظة المتدينين المسيحيين واليهود على حد سواء، خاصة أنه أظهر المسيح في صورة وصفها البعض بالصورة الباهته غيرلا القادر على قيادة تلاميذه.
كما تسبب فيلم "الإغواء الأخير للمسيح" فى حالة من الغضب العارم لدى بعض الجماعات المسيحية حيث صور فيها المسيح في صورة الإنسان الضعيف أمام شهوات الجسد، ووقت عرض الفيلم قامت الجماعات المسيحية بالاعتداء على عدد من دور العرض ، وأقيمت دعاوى قضائية عديدة ضد الفيلم ومخرجه في كثير من الدول بينها بريطانيا التي لم تجز عرض الفيلم بنسخته الكاملة إلا بعد فترة طويلة نسبيا "نظرا للنوايا الطيبة والمخلصة لصاحبه", والفيلم الذي أخرجه مارتن سكورسيزي عام 1988 عن رواية لكزانتزاكس.
أما فيلم " آلام المسيح " لمخرجه ميل جيبسون سنجد أنها المرة الأولى التي يثير فيها فيلم عن المسيح جدلا رغم نقله الصورة المعتمدة كنسيا عن المسيح وآلامه، وإذا كان تاريخ السينما يحفظ لنا أن المنظمات اليهودية ثارت على المخرج الأمريكي ديفيد جريفيث؛ لأن فيلمه الذي تناول أشهر جرائم التعصب في التاريخ ضم مشهدا يصور المسيح وهو يُدقّ بالمسامير في الصليب على أيدي اليهود، إلا أن فيلم جريفث كان أقرب للتسجيلية، إضافة إلى أنه لم يصمد طويلا أمام ضغوط اللوبي اليهودي وضغوط وتهديدات المصالح المالية والصناعية التي تجاوز نطاق تهديدها المخرج ليشمل المؤسسات التي عملت في الفيلم ومن أجازوا عرضه الفيلم ولم يكتفِ جريفيث بحذف المشهد بل قام بحرقه
ورغم ذلك أثار جدلا يفوق بمراحل ما أحدثته كل الأفلام التي تناولت حياة المسيح مجتمعة، وتبقى الإشارة إلى أن اللوبي اليهودي الأمريكي النشط الذي حاول جاهدا أن يمنع ظهور الفيلم لم يستطع أن يفعل شيئا غير توفير ميزانية ضخمة كان سيتكبدها ميل جيبسون في الدعاية لفيلمه الذي أخرجه وأنتجه ورفضت الشركات الكبرى في هوليود توزيعه.