- «بين نهرين» قدم صورة سيئة لرئيس العراق السابق ووضع عمرو واكد فى مأزق
- «معلش احنا بنتبهدل» تطرق للعزو الأمريكى للعراق
كان إعدام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين بمثابة مادة خصبة ومصدر إلهام لعدد من المدبعين؛ لتقديم عدد من الأعمال الفنية التى ناقشت فترة رئاسته بكل سلبياتها وإيجابيتها؛ فهناك أعمال تعاطفت معه ومع الشعب العراقى بعد تعرضه لغزو أمريكى ؛ وهناك أعمال أخرى قدمته بصورة سلبية كونه كان حاكم ديكتاتوريا، وقد لقت هذه الأعمال نجاحا عند عرضها، وفى ذكرى إعدامه نرصد الأفلام التى تناولت هذا الحادث المؤثر.
وكان أولى هذه الأفلام «بين نهرين» ، للمخرج البريطانى أليكس هولمز الذى قدم صورة الرئيس العراقى الراحل صدام حسين؛ والذى شارك فى بطولته عمرو واكد، وأعتبر النقاد الطريقة التي تناول بها الفيلم حياة صدام حسين مسيئة للعرب؛ خاصة أن الممثل الاسرائيلي ايغال ناؤور هو الذى جسد دور الرئيس العراقي الراحل، وقد شهد الفيلم محاكمة الرئيس الراحل والذى ظهر بشكل سلبى، وقد تسبب الفيلم فى هجوم حاد على الفنان عمرو واكد، حيث أتهمته نقابة الممثلين بالتطبيع مع اسرائيل.
ومن بين الأعمال التى قدمت أيضا محاكمة صدام حسين فى عمل درامى بعنوان «منزل صدام»، وقد رصد المسلسل حياة صدام حسين منذ بزوغ نجمه وتوليه الرئاسة في عام 1979 حتى محاكمته وإعدامه في عام 2006، وقد شهد المسلسل العديد من الانتقادات العنيفة بسبب ماوصفه البعض بالاساءة بشكل كبير للرئيس الراحل .
كما قامت السينما الهندية بتقديم فيلمين يتناولان سيرة الراحل صدام حسين أحدهما فيلم وثائقى بعنوان «من الرئاسة إلى السجن»، بينما الأخر عنوان «محاكمة صدام حسين»، ويرصد الفيلمان حياة صدام حسين منذ رئاسته إلي محاكمته.
وفى مشهد مسرحى رائع على شاشة السينما جاء الفيلم العراقى «المغنى»، الذى عرض فى أحد دورات مهرجان دبى السينمائى؛ و الذى يعيد إلى الأذهان من جديد ديكتاتورية وسطوة وقسوة الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، والغريب فى الأمر أن السينما العراقية تحاول ترسيخ مفهوم الظالم والديكتاتور واللإنسانية كصفات أصيلة لصدام حسين حتى بعد أن انتهى هذا العصر بكل مفرداته، وأصبحت هناك عراق أخرى لها مواجعها وهمومها وواقعها.
والفيلم يسلط الضوء على الحقبة الديكتاتورية من خلال قصة المغنى الشهير بشير، حيث يتم استدعاؤه ليغنى أمام الحاكم فى القصر الملكى فى عيد ميلاده لكنه فى الطريق تتعطل سيارته؛ وهو ما يجعله يتأخر عن الموعد المحدد لفقرته، وفى مشاهد تعبيرية يكاد يموت رعبا لأن التأخير معناه إهانة ، ولا يجرؤ أحد على فعل ذلك، وخلال رحلة بشير ومحاولاته للوصول إلى الحفل ؛ حيث يأتى الرئيس وقد بدا أكثر قوة وثقة ورعب لكل المحيطين حتى من سفراء الدول الأجنبية الكبرى الذين جاملوه ببعض الهدايا.
وفى المشهد المسرحى للحفل الرئاسى نرى بعض النماذج لفئات مختلفة من البشر من المدعوين، ليتحدثوا عن شعورهم تجاه الرئيس ونظامه بصراحة دون أن يعرفوا أنهم مراقبون صوتا وصورة من خلال غرفة للمخابرات، وضابط جيش وزوجته الجميلة يأتى ليقدم التهنئة ويشكر الرئيس على الترقية، فيقول له الرئيس إن زوجتك أكدت حبك لنا، وهنا يساور الضابط الشك فى أن زوجته قدمت تنازلات، وعلى مائدته يطلب منها أن تخبره الحقيقة، لكنها تحاول أن تهدئه، وينتحر فى مشهد قاس، أو ربما تم قتله.
وفى مشهد ثان آخر يجمع شاعر وزوجته، الزوجة تؤنبه على قصيدته التى يمدح فيها الرئيس، وهو يقول لها هذا رئيس وزعيم وكلنا نعيش فى حماه وهى تسخر من الرئيس، وبعد أن يلقى الشاعر بالقصيدة أمام الرئيس يتم منحه سيارة مرسيدس شأنه شأن من منحهم الرئيس من عطاياه فى ليلة عيد الميلاد، بينما يتم القبض على الزوجة أو خطفها إلى المجهول وتقول المخابرات للشاعر بلغ أهلك أن زوجتك اختفت عبر إعلان فى الجرائد وأنك لا تعرف عنها شيئا، ويأتى المغنى المتأخر ويتم ضربه ثم يأمره الرئيس بأن يغنى وعيناه أمام الحائط وظهره لهم هو والفرقة وألا يظهر فى التليفزيون مرة أخرى فقط يغنى فى الإذاعة عقابا له وفى مشهد رائع يتم استمراره والتقطع عليه عبر باقى أحداث الفيلم حيث يظل المغنى للنهاية يواصل حتى رغم رحيل الرئيس المهم وقف المغنى وعينه على الحائط الذى يحمل لوحة للزعيم صدام حسين وكأنه يغنى حتى للرمز والصورة بالأمر.. كان المشهد سينمائيا إنسانيا رائعا وما زاد من روعته صوت ذلك المغنى والموسيقى الموجعة، وفى اللحظة التى فيها إحدى المدعوات التى تريد أن تصبح مذيعة وكشفت عن صدرها للرئيس وقالت له هذا جسدى وشغلنى مذيعة.. اطلق عليها النار وفر غاضبا يحيطه رجاله من الأمن ليظل المغنى يطرب ويشجن لعصر امتزجت فيه كل عناصر الديكتاتورية .
ويبقي الشىء الذى نجح فيه المؤلف والمخرج قاسم المولود فى البصرة عام 1940، هو الكوميديا السوداء التى انطلقت معها الضحكات طوال أحداث الفيلم لتخرج سعيدا بهذه المأساة التى قد لا تصدقها جيدا من كثرة هذا الافتعال والمبالغة، ويبقى الممثل طارق هاشم الذى جسد شخصية صدام أهم من لعب هذا الدور باقتدار ووعى.
وفى فيلم عراقى آخر قدم حقبة صدام حسين هو بعنوان « الرحيل من بغداد» ؛ وهو هنا يدين الرجل والمرحلة ولكن بشكل آخر، أكثر وعيا ونضجا وعبر صورة سينمائية شفافة ولغة مرهفة امتزج فيها المشهد التسجيلى مع المشهد الحى.
الفيلم قدمه المخرج قتيبة الجناحى كعمله الأول الذى استوحاه من تجربته فى المنفى بعيدا عن العراق التى هاجرها منذ ثلاثين عاما ؛ ليعيش فى العراق المصير نفسه الذى عاشه العديد من العراقيين وربما كان لهذا تأثير على روح عمله، حيث أدان العصر الذى اتسم بالجبروت والرعب والقتل والتعذيب البشع ربما تكون الرؤية سمعية عبر شهادات حقيقية لا أعلم كيف فكر المغترب لربما يكون غير دقيق بعض الشىء رغم أنه يكشف الصورة التى يراها بهدوء.
وهناك فيلم يروى قصة صادق الذى كان يعمل كمصور خاص للرئيس وعائلته، وظل يعيش فى أمان لفترة طويلة، حتى علمت المخابرات أن ابنه الوحيد انضم لمجموعة من الشيوعيين، وهنا ينقلب الحال ويتركون الأب لحاله لما له من علاقة طيبة، لكنهم يقبضون على الابن ويعدمونه أمام عينيه ؛ و صادق يظهر طوال الأحداث وهو يكتب خطابا لابنه الوحيد الذى كان جنديا فى الحرب الإيرانية العراقية، وهو يعاتبه لانضمامه لجماعة ضد الرئيس ويخبره فيه بالسفر إلى لندن حيث تعيش زوجته ويبدأ رحلة السفر أو المعاناة وكيف تلاعب بأمن نظام الديكتاتور الذى حوله من مصور للحفلات والأفراج والمناسبات السعيدة إلى مصور للمجازر والتعذيب التى يرتكبها جنود صدام، قرر أن يغير، لكن عانى الأمرين خلال الرحلة لعدم وجود أموال.
ومن بين الأفلام المصرية التى تطرقت بشكل كوميدى الى الغزو الامريكى للعراق وسقوط صدام حسين «معلهش إحنا بنتبهدل»، الذى قام ببطولته أحمد أدم وكان لأول مرة يجسد شخصيتي الرئيس الأميركي جورج بوش، والعراقي السابق صدام حسين، على الشاشة، ويوجه اتهاما صريحا للرئيس الاميركي بفبركة اتهام مسلمين بأنهم خلف الإرهاب العالمي.
فقد أظهر الفيلم الرئيس بوش، الذي مثل دوره شبيه له هو الممثل الأميركي ديفيد برنت، بمظهر الكاذب، الذي يسعى لتلفيق وإلصاق تهمة الإرهاب بالمسلمين، حين يشرف بنفسه، في الفيلم، على تصوير فيلم فيديو لـ"القرموطي"، بطل الفيلم، الذي ذهب إلى العراق للبحث عن ابنه المفقود، خلال غزو العراق، وهو يرتدي ملابس مشابهة لملابس أسامة بن لادن، بلحية مزورة، ويعلن وهو ممسك ببندقيته الشهيرة أن جماعته" الإسلامية " وراء ما يجري في العالم من إرهاب.
كما يصور الفيلم ويجسد، لأول مرة، تفاصيل ما يجري في سجن أبو غريب الشهير في العراق، من عمليات تعذيب وانتهاك لأعراض المعتقلين بلباسهم البرتقالي الشهير، من قبل جنديات مشاة البحرية الأميركية "المارينز"، إذ يصور الفيلم، في شكل هزلي، مشهد جندية أميركية تخلع ملابسها وتسعى لانتهاك عرض القرموطي، الذي يقوم بدوره الممثل أحمد آدم.
وفي الفيلم لقطة أخرى لبطله القرموطي أيضا، وهو يسقط في بئر، فينتهي به المقام في سرداب يختبئ فيه الرئيس العراقي. وقد تمت الاستعانة بشبيه له في الفيلم. ويدور بينهما حوار حول سر انهيار الجيش العراقي، حيث يقول القرموطي لصدام إن هذه أول مرة يرى فيها جيشا بأكمله يختفي في صباح يوم الاحتلال، ويرد صدام بأن هذا الأمر كان متعمدا.
ويعتبر «معلهش إحنا بنتبهدل» أول فيلم مصري يتم فيه تجسيد شخصية الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش، بعدما جرى تجسيدها في مسرحيات مصرية في المواسم الصيفية الماضية، وخاصة مسرحية «اللعب في الدماغ»، وقد تم بناء ديكور يشبه البيت الأبيض، لتمثيل مشاهد لقاءات القرموطي مع الرئيس بوش، ومشاهد لقاءات لبوش مع الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.