طلب "صدي البلد" من الدكتورة منى صادق، أستاذة الأداء التمثيلي والإلقاء بأكاديمية الفنون، بالمعهد العالي للفنون المسرحية، تحليل أداء الفتيات اللائي قلن إنهن ممسوسات بالجن في الحلقتين اللتين قدمتهما الإعلامية ريهام سعيد في برنامجها "صبايا الخير" الأسبوع قبل الماضي، علي قناة "النهار"، واللتان أثارتا كثيرا من الجدل، ما بين مؤيد بأن الفتيات ممسوسات بالفعل، ومن يري أنهن يمثلن، لذلك استعنا برأي أستاذة الأداء التمثيلي، التي وافقت وطلبت وقتا كافيا لتحليل أدائهم بغض النظر عما إذا كن يمثلن أم كن مرضي بالفعل.
وقالت د.مني صادق فى تحليها: "لفت نظري كثيرا الهجوم الواضح المتوالي على الإعلامية الناجحة المتميزة ريهام سعيد، وفي البداية أسجل أنني واحدة من معجباتها باعتبارها امرأة فطنة موهوبة قدمت العديد من التحقيقات اللافتة في موضوعات مختلفة تتسم في كثير من الأحيان بالجرأة والمغامرة.
وأضافت أنها عرضت نفسها لمواقف صعبة، لتكشف للمشاهد عن خبايا لا يعرفها وقد لا يصدقها، ويتضح من خلالها حبها لعملها وشغفها بالملاحقة والتحدي، هذا إلى جانب ذلك الانعطاف الجميل نحو أعمال الخير، وما تقدمه من خلال برنامجها لمساندة من هم بحاجة إلى العون والمساندة ماديا ومعنويا، وإن كان يغلب على أدائها أحيانا نوع من التشخيصية الذاتية سواء في مواجهتها للانتقادات، أو في تصديرها نصائح وتفاسير ودفاعات، وعليها أن تقتصد بل تبتعد عن هذا الاتجاه وتمضي قدما في تقديم تحقيقاتها المتميزة".
وقالت مني صادق: "في الحلقتين اللاتين شاهدنا فيهما الفتيات اللاتي قيل إنهن يعانين مسا من الجن، وجدنا في أعقاب إذاعتهما كما هائلا من الهجوم والتعليقات الساخرة والاتهامات التي يشير محتواها إلى معنى التحايل وصنع مشهد درامي هزلي، وإلى أن المسألة إنما هي في اتجاه إثارة المشاهدين، وخلق ضجة تزيد من تفعيل البرنامج، وتحقيق نسبة مشاهدة أعلى.
وأضافت: "أنا أرى أن ريهام سعيد ليست في حاجة إلى التوسل بمثل هذه التصرفات، فهي إعلامية ناجحة حققت الكثير من نقاط التميز، وأرى أيضا أن الفتيات ليست من المحتمل أن يكن مؤهلات إلى هذه الدرجة من إتقان الأداء التمثيلي بكل هذا التوتر والقسوة".
وأكدت أنه ليس من المنطقي أن تقدم عائلة بسيطة بناتها على هذا النحو الذي يسئ إليهن ويفضحهن ويقضي على مستقبلهن في زواج وصنع حياة كريمة يتمناها الآباء والأمهات لبناتهن، ولو سلمنا بأنهن فتيات مستأجرات لقضاء مهمة في البرنامج، فإنهن يكن جديرات بالتحية والثناء على هذا العرض الشائق المتقن.
وأوضحت أنها حالة لا أجد لها تفسيرا دقيقا، ولا أريد أن أشير إلى "أفعال الجن" في هذا الموضوع، وأيضا أنا لست طبيبة نفسية لأقرر ما إذا كان هذا نوعا من نوبات الصرع التي قد تكون متوارثة، حيث إن الأعراض متشابهة، وتعاني منها كل الأخوات بنسب متفاوتة، ولعل من يستطيع أن يفصل في هذا هو الطب النفسي والعصبي.
وأشارت "صادق" إلي أنه "أيا كان الأمر فإنه من منطلق تخصصي كأستاذة لمادتي الأداء التمثيلي والإلقاء، وأيضا الاستناد إلى خبرة إنسانية تفسيرية ترتيبا على هذا التخصص، فإنني لا أرجح بنسبة معقولة أن تكون هناك شبهة استخفاف بعقلية المشاهد أو لأداء درامي قامت به الفتيات، وإنما هي حالة مرضية – في تقديري المتواضع – تصدرها تلك الحركات الهستيرية شديدة الوطأة، تجعلنا نتعاطف مع ذلك الأب البسيط المكلوم والأم الحائرة التي يحدوها الأمل في شفاء بناتها حين رؤيتها للقائمين على البرنامج، وكأنها وجدت فيهم الخلاص لبناتها التعيسات، وإنني أربأ بمقدمة البرنامج أن تتخذ من كتاب الله "المصحف المحروق" دليلا في موقف هذيل كاذب. إنها حالة إنسانية يتبناها هذا البرنامج كالعادة وتتعاطف معها مقدمته، وليس من اللائق أن تنال على ذلك "جزاء سنمار".
وقالت د. مني صادق: "لقد أبديت رأيي وقدمت تفسيري، فإذا ما تبين فيما بعد ما يدحض هذا الرأي وينافي هذا التفسير، فإن الإعلام المصري يكون في محنة، وإن كنت أستبعد أن يضحي إنسان مرموق ناجح في عمله، وله مريدوه بكل أمارات الصدق واحترام النفس في سبيل تحقيق ضجة هو ليس في حاجة إليها، ولن تحقق له إلا إضافة سلبية تشوه نجاحاته وتسقطه في هوة التخبط والتراجع".