كشفت دراسة أثرية للدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى بوزارة الآثار أن "دير الوادى" بطور سيناء كان مركزا لاستقبال المقدّسين المسيحيين منذ القرن السادس الميلادى فى رحلتهم المقدسة إلى القدس عبر سيناء والقادمين من أوروبا عبر ميناء الإسكندرية إلى نهر النيل ومنه بريا إلى خليج السويس حتى طور سيناء.
وقال ريحان – فى تصريح له اليوم - أن دير الوادى يقع بقرية الوادى 6كم شمال مدينة طور سيناء ويبعد 3كم عن حمام موسى ذو المياه الكبريتية الدافئة وقد بنى فى عهد الإمبراطور جستنيان فى القرن السادس الميلادى وظل عامرا حتى العصر الفاطمى ثم تحول إلى مقبرة للمسيحيين من طائفة الروم الأرثوذكس القاطنين بالمنطقة وكشفت عنه حفائر منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية منذ عام 1985 وحتى 1993والدير مسجل كأثر بالقرار رقم 987 لسنة 2009.
واضاف أن دير الوادى هو الدير الوحيد بسيناء الذى يحتفظ بكل عناصره المعمارية الباقية من القرن السادس الميلادى حتى الآن ، وهو مستطيل92م طولاً 53م عرضاً وبه أربع كنائس ومعصرة زيتون وحجرة كبرى للطعام (مطعمة) وبئر مياه وفرن ومنطقة خدمات و 96 حجرة تقع خلف سور الدير على طابقين وهذه الحجرات بعضها قلايا للرهبان والأخرى حجرات للمقدّسين المسيحيين الوافدين للدير للإقامة فترة وزيارة الأماكن المقدسة بالطور قبل التوجه إلى دير سانت كاترين ثم إلى القدس ، موضحا ن الحجاج المسيحيين قد توافدوا على سيناء من كل بقاع العالم وهم آمنون مطمئنون فى ظل التسامح الإسلامى الذى سارت عليه الحكومات الإسلامية فى العصور المختلفة.
وأشار ريحان إلى طريقين مشهورين للرحلة المقدسة إلى القدس عبر سيناء بطول 575كم بسيناء ، وهما طريق شرقى وطريق غربى ، والطريق الشرقى هو للمقدسين القادمين من القدس إلى جبل سيناء ويبدأ من القدس إلى أيلة (العقبة حالياً) إلى النقب ومنه إلى عين حضرة ثم وادى حجاج وبه تلال من حجر رملى بها نقوش نبطية ويونانية وأرمينية حتى سفح جبل سيناء (منطقة سانت كاترين حالياً) بطول 200كم ، أما الطريق الغربى فيبدأ من القدس عبر شمال سيناء وشرق خليج السويس إلى جبل سيناء مارا برافيا (رفح) ، رينوكورورا (العريش) ، أوستراسينى (الفلوسيات) ، كاسيوم (القلس) ، بيلوزيوم (الفرما) ، سرابيوم (الإسماعيلية) ، القلزم (السويس) ، عيون موسى إلى وادى فيران ومنه إلى جبل سيناء بطول 375كم.
وأوضح ان ميناء الطور فى العصر المملوكى والذى استمر دوره حتى افتتاح قناة السويس عام 1869 علاوة على دوره فى خدمة التجارة بين الشرق والغرب استخدم طريقا للرحلة المقدسة للمسيحيين ، وبعد أن تحول درب الحج المصرى القديم إلى مكة المكرمة عبر سيناء من الطريق البرى إلى الطريق البحرى عام 1885م أصبح ميناء الطور يستقبل الحجاج المسلمين والمقدسين المسيحيين معا والقادمين على نفس السفينة من ميناء القلزم " السويس" إلى ميناء الطور.
واضاف ان المقدّس المسيحى كان يرسو بالطور ليقيم فترة بمركز المقدسين المسيحيين بدير الوادى ويزور المواقع المسيحية بالطور ومنها قلايا المتوحدين الأوائل بوادى الأعوج وعدة مناطق وجبل الناقوس الذى تركوا عليه نقوشاً مسيحية تذكارية ثم يتوجهوا إلى ديرسانت كاترين ومنه إلى القدس ، ويستكمل الحاج المسلم طريقه عبر ميناء الطور فى خليج السويس وامتداد البحر الأحمر إلى جدة ومنها للمدينة المنورة ومكة المكرمة.