- من حضروا ميلاده قالوا إن بكاءه كان غزيراً وصارخاً – على عكس الصبية – وكان لبكائه مضمون وعمق
- غذاؤه كان رضعة فقيرة عبر "زجاجة كازوزة" على حافتها حلمة مطاطية اصطناعية
- كان محروماً من الهرولة فى غيطان قريته " الحلوات بالزقازيق " ، فقد كان محبوساً فى دار الأيتام
- حرمانه في طفولته تحول فى حنجرته إلى أمل وطاقة حب أنار بها طريق المكلومين
كثيرة هي المؤلفات التى تناولت رحلة الراحل عبد الحليم حافظ عندليب الغناء العربي لكن قليلون هم من تناولوا أثر اليتم في تكوين شخصيته وكاريزمته الطاغية التى ما زالت أمواجها تحمل إلينا فيضاً من مشاعره حتى باتت دستورا رجع إليه ويقاس عليه .
وقد صدر هذا الاسبوع كتاب تحت عنوان" اليتيم .. عبد الحليم حافظ" وهو عبارة عن دراسة ورحلة حياة قام بها المؤلف الكاتب الصحفي طاهر البهي في ظواهر وتداعيات اليتم وأثره على كاريزما وشخصية وفن عبد الحليم .
استطاع الكاتب أن يخرج بمجموعة من الظواهر والمفارقات في هذا السياق، في رحلة فنية وسيكولوجية تدعو القارئ للتأمل والبحث في أسرار كاريزما هذا الفتى الموعود بالعذاب والحب والنجاح، حيث تعد هذه الأشياء لازالت سراً يشغل الباحثين رغم رحيل العندليب منذ 38 عاما.
تناول الكاتب حديث حليم عن اختلاط ميلاده بالموت ذاكرا أن من حضروا ميلاده قالوا إن بكاءه كان غزيراً وصارخاً – على عكس الصبية – كان لبكائه مضمون وعمق يريد أن يوصلها إلى الحاضرين ... فهو جاء إلى الدنيا دون حضن يرتمى إليه ، ولا صدر يرتشف منه غذاءه ... فقد ماتت أمه ثم أبوه ، كان يستمد غذاءه من "معزة" ، ثم رضعة فقيرة عبر "زجاجة كازوزة" وعلى حافتها حلمة مطاطية اصطناعية.
ويستطرد طاهر البهي في دراسته حول حياة العندليب :" دموعى تسبقنى وأنا أسجل مولدك يا عندليب ... فى طفولته كان محروماً من الهرولة فى غيطان قريته " الحلوات بالزقازيق " ، فقد كان محبوساً فى دار الأيتام ، وإذا خرج فهو الأضعف بين رفاقه ، لا يستطيع أن يجاربهم فى اللعب والمجهود ... عندها حق الداية " أم عبده " عندما أخرجت هذا المخلوق الموعود بالعذاب والحب والشهرة والنجومية غير المسبوقة ، ثم انتبذت لنفسها مكاناً فى الحجرة وراحت تبكى بكاء حاراً مريراً ... أى مولد وأى طفل أنت يا عندليب ؟
ويلخص المؤلف رحلة عبد الحليم حافظ بقوله: مرارة الدنيا حولتها لنا شهداً وعسلا مصفى...حرمانك تحول فى حنجرتك إلى أمل وطاقة حب تنير بها طريق المكلومين . كل هذا جعل منك فتى هشاً ، رقيقاً ، عذباً ، حنونا..موهوبا.. حتى صدقه الناس.
" اليتيم .. عبد الحليم حافظ" هو الكتاب الثاني والعشرين من مؤلفات الكاتب طاهر البهي، صدر عن دار العلوم ويقع في 184 صفحة من القطع المتوسط ورسم لوحة الغلاف فنان مجلة صباح الخير الكبير محمد طراوي.