"القاضي" خط أحمر.. والفن السابع ممنوع بأمر الحصانة من الاقتراب
نقاد : شخصية محاطة بحصانة والقاضي فقير دراميا
أدهم وصالح ورياض وشعراوى والزرقاني وحمدى يوسف "قضاة" على الشاشة
أفلام "الدفاع" و"الأسطي حسن" و"النائب العام" و"النيابة تطلب البراءة" و"حكمت المحكمة" و"إنهم يقتلون الشرفاء"
السينما تتعرض لمذبحة القضاة بأفلام "امرأة من زجاج" و"إعدام قاضي" و"امرأة من زجاج" و"قاع المدينة"
"هيبة" ملحوظة، هالة من الوقار، احترام وتبجيل، كلها صفات لشخصية القاضي، والتى حرصت أغلب الأعمال الفنية على أن تضع تلك الشخصية داخل "برواز" من النزاهة، باعتبارهم رمز العدل فوق الأرض، يطبقون سياسة السماء بين الناس.
لم تقترب السينما من هذه الشخصية، وانحصر هذا الدور فى "فنان" يجلس بصحبة مساعديه علي المنصة، ووجهه به علامات الصرامة، والملامح الجادة، وجهه لا يعرف الابتسام، ولا يمكن حتى قراءة ما بداخله.
والسينما غالبا تجاهلت تلك الشخصية، واعتمدت بشكل أكبر على "المحامى" وهو الأكثر تواجدا فى الأعمال الفنية، وأيضا ممثل النيابة، في حين صورت السينما القضاة بصورة نمطية للغاية، وقام ممثلون من الدرجتين الثانية والثالثة بأداء شخصية القاضي، فى مشاهد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، بينما يتربع المحامى ووكيل النيابة على عرش البطولة.
القضاة في أغلب الأفلام يظهرون فى مشهد النهاية بعد حدوث الجريمة، وقيام الشرطة بالقبض علي القاتل، ثم تحقيقات النيابة، واخيرا نجد القاضي شخصية درامية هامشية.
وهناك أعمال فنية عدة تناولت واقتربت من شخصية القاضي، ففي عام 1935 قام الفنان حسين رياض بهذا الدور في فيلم "الدفاع" الذي أخرجه وقام ببطولته يوسف وهبي. وهناك أيضا مشهد القاضي في نهاية فيلم "الأسطي حسن" لصلاح أبوسيف، وكذا فى فيلم "النائب العام" و"النيابة تطلب البراءة" و"حكمت المحكمة" و"إنهم يقتلون الشرفاء".
كما أن السينما المصرية قدمت عددا من الأفلام عن مذبحة القضاة التي تمت في نهاية الستينات، ومن بين هذه الأفلام "امرأة من زجاج" للمخرج نادر جلال، و"إعدام قاضي" لأشرف فهمي، و"قاع المدينة" للمخرج حسام الدين مصطفي.
ويعد عادل ادهم وحسين رياض ونظيم شعراوى وعبدالرحيم الزرقاني وحمدى يوسف، ابرز من قاموا بدور القضاة بشكل مقنع.
عادل ادهم :
يعد الفنان الراحل عادل ادهم ابرز من قدم شخصية "القاضي"، وذلك من خلال فيلم "رجل لهذا الزمان"، للمخرج نادر جلال، وتأليف وحيد حامد، حيث دار العمل حول القبض على "دعبس" الذى يعمل ضمن عصابة كبيرة فى قضية مخدرات ويهدد بكشف اسرار العصابة، ويقع امام المستشار كمال المعروف بحزمه الشديد، فيقوم احد افراد العصابة الكبار بخطف بنت "القاضي" الذى سيحكم فى القضيه واخفائها كرهينة، مقابل اصدار الحكم ببراءة المتهم "دعبس"، ولكن القاضي لم يخالف ضميره ويصدر حكما بالسجن المؤبد على "دعبس"، وفى النهاية تتمكن الشرطة من الإفراج عن نجلته.
خالد صالح :
قدم الفنان الراحل خالد صالح شخصية "القاضي" فى فيلم "محامى خلع"، وهو من إخراج محمد ياسين وتأليف وحيد حامد، وتدور احداثه حول سيدة ثرية، تملك مصنعا للأزياء الجاهزة، تطلب الخلع من زوجها بعد ثلاثة شهور من الزواج لأنه يشخر أثناء نومه، يتولى محام تحت التمرين قضيتها مع زميلته المحامية، وتتوالى الاحداث.
هشام عبد الحميد :
كما لعب الفنان هشام عبد الحميد نفس الدور ضمن احداث فيلم "مهمة صعبة"، للمخرج إيهاب راضى وتأليف حمدي يوسف، وتدور أحداثه حول شاب يحاول إنقاذ فتاة تتعرض للإغتصاب في منطقة المقطم ، مما يؤدي إلى موت أحد الأشخاص عن طريق الخطأ ويتهم هذا الشاب بقتله وتتفرع الأحداث بعد ذلك لكشف مافيا تجارة المخدرات والمبيدات السامة المؤدية إلى السرطان.
خالد طلعت :
كما جسد الفنان خالد طلعت دور "القاضي" فى "اللمبي 8 جيجا"، وهو من اخراج أشرف فايق، وبطولة محمد سعد، الذى يجسد دور محام فقير متزوج من مدرسة، ويتعرضان للعديد من المشاكل والمضايقات نظراً لظروفهما المادية السيئة والتي لا تتناسب مع الأسعار الموجودة حالياً، ولكنه يتعرض لحادث يتسبب في تغيير حياته.
حمدى يوسف:
أما الفنان حمدى يوسف فقد جسد شخصية القاضي فى فيلم الافوكاتو ، وهو من اخراج وتأليف رأفت الميهي، ويدور حول المحامى "سبانخ" المعروف بإهانته للمحكمة فى كل القضايا التى يترافع فيها.
السيناريست بشير الديك : القاضي شخصية غير مؤثرة دراميا:
من جانبه، قال السيناريست بشير الديك، إن السينما ما هى إلا مرآة للواقع الذى نعيشه، ولذا نجد أن الأعمال الفنية سواء فى السينما أو الدراما، لم تلق الضوء على شخصية القاضي او تقترب من حياته باستثناء مشاهد قليلة.
وأشار الى ان ذلك التجاهل له عدة اسباب، اهمها، ان تلك الشخصية نادرا ما تكون طرفا فى اية صراعات، بعكس المحامى الذى يستطيع قلب الحقائق "الباطل حق والحق باطل"، كذلك وكيل النيابة الذى يمثل المجتمع ككل، ولذا نجد السينما تتناول كثيرا شخصية المحامى ووكيل النيابة باعتبارهما "طرفا" فى الصراعات الحياتية.
وأوضح أن "المحامى" هو الأقرب لصناع السينما، لان تلك الشخصية الدرامية مليئة بالأحداث، فهو دوما يدافع بحماس عن المتهم، وهو من يقف داخل المحكمة يترافع ويتحدث ويعطي مبرراته.
وأضاف أن هناك مهنًا غير مؤثرة دراميا، مثل "القاضي" ولذلك لم تأخذ تلك الشخصية حقها فى السينما، وعلى العكس، فالمهنة التى تحتمل فعل درامى أو صراع هى التى تتواجد فى الاعمال الفنية، وبالاخص السينمائية.
الناقدة ماجدة موريس : شخصية محاطة بحصانة :
قالت الناقدة الفنية ماجدة موريس، ان شخصية القاضي محاطة بالحصانة، ولم يستطع أحد التعليق على احكامه الذى يصدرها، أو الاقتراب من حياتة الخاصة. واضافت ان نادى القضاة ووزارة العدل يتسابقان من أجل حماية تلك الشخصية، وعدم الزج بها داخل الاعمال الفنية، كما انهم لم يقبلوا توجيه الانتقاد للقاضي باعتباره يمثل ضمير الدولة.
وأوضحت أن شخصية القاضي محاطة بهالة، لم يستطع أحد اختراقها، لما حولها من محاذير رقابية، أو حتى التعقيب على ما يقوله سواء كان صوابا أو خطأ. وأكدت ان شخصية القاضي فى السينما تحتاج الى دراسة متأنية، قبل اقتراب السينما منها.
ولفتت إلى أن الإعلام الوحيد الذى اخترق هذه "الهالة"، خاصة بعد محاكمة القرن، من خلال التغطيات الصحفية لحكم براءة الرئيس الاسبق، والتى اثارت جدلا كبيرا. وتوقعت الناقدة الكبيرة ان تسقط حالة "الحذر" التى تحيط بشخصية القاضي ولكن "تدريجيا"، وستقترب منها السينما فى القريب العاجل، خاصة بعد دخول "القاضي" فى الصراعات السياسية بمصر.