بالصور .."فتى الشاشة الأول"، التف حوله المشاهير وانتهى به المطاف ممثل باليومية ومات وفى جيبه 15 جنيها
تزوج من ثلاث فنانات شهيرات وكانت نهايته محملة بأوجاع الفقر
تقاضى 700 جنيه عن دور الوزير الحشاش وحصل على ملاليم عن دوره فى "سواق الأتوبيس"
رفض عرض "طلعت حرب"، فأعلن إفلاسه وغاب عنه الأصدقاء في سنوات مرضه
أصيب بالاكتئاب واعتزل الحياة وساءت حالته الصحية بعد رحيل توءمه "عبد الرحمن"
لم يخرج من شقته لمدة ثلاث سنوات، وأصيب بالعمى، حتى فارق الحياة
بدأ لامعا، ولقب بـ"فتى الشاشة الأول"، والتف حوله المشاهير، فكان شاب محبوب، بالغ الثراء، عاش النجومية كون خلالها ثروة كبيرة "عقارات وأطيان وإسطبل خيل"، أنه الفنان الراحل عماد حمدى، الذى ولد في 25 نوفمبر 1909 بمحافظة سوهاج، وتوفى فى 28 يناير 1984 بمحافظة القاهرة، نتيجة أزمة قلبية مفاجئة عن عمر يناهز 74 عاما.
الشبيهان ورحلة شاقة نحو النجومية :
أطلق الجميع على عماد حمدى وشقيقه "عبد الرحمن" لقب "الشبيهان"، خاصة أنهما توءم يشبهان بعضهما إلى حد التطابق، لم ينفصلا عن بعض على الإطلاق، سواء داخل البيت أو خارجه وحتى في أوقات الفراغ، بل كان الاثنان خلال دراستهما يقعان في نفس الخطأ، ويحصلان على نفس الدراجات، ولكن الاختلاف الوحيد، أن "عبد الرحمن" كان يهوى الرياضة بينما "عماد" يميل إلى التمثيل.
تعلم عماد حمدى وشقيقه اللغة الإنجليزية على يد مدرس خصوصي، والفرنسية على يد والدتهما ذات الأصول الفرنسية، ثم التحقا بمدرسة عباس الابتدائية في شبرا ثم التوفيقية الثانوية وحصلا على شهادة البكالوريا، ثم التحقا بمدرسة التجارة العليا في شارع ريحان بالقاهرة.
وافترق "عماد" عن أخيه لأول مرة منذ ولادتهما، حيث انضم إلى جماعة التمثيل بالمدرسة، ثم إلى فرقة أنصار التمثيل والسينما والتي كان يشرف عليها سليمان نجيب وعبد الوارث عسر.
قرر عماد وشقيقه الالتحاق بكلية الطب، ولكن ظروف أسرتهما المادية منعتهما، واتجها لدراسة التجارة، وبعد تخرجهما افتتحا مكتبًا للإعلانات الصحفية بمساعدة الاقتصادى المعروف طلعت حرب، ونجحا بالفعل، لدرجة ان "طلعت حرب" طلب منهما ضم مكتبهما الى شركات بنك مصر، ولكنهما رفضا هذا العرض، وسرعان ما تعثر الشقيقان، وساءت أحوال الشركة بعد أن فقدوا إعلانات بنك مصر وشركاته، ومن ثم أعلنا إفلاسهما وأغلقا المكتب، فاتجه "عماد" إلى العمل موظفًا بالحسابات في مستشفى أبوالريش، وعمل شقيقه في الجمعية الزراعية الملكية.
ولكن لم ينس "حمدي" هوايته الفنية، وقرر أن يلتحق مع شقيقه بمعهد "تيجرمان" للموسيقى العالمية، ودرس البيانو وأجاد العزف عليه بمهارة وتعلم النوتة الموسيقية، ثم قرر دراسة "الهارموني"، إلى أن اشترك مع صديق له في ترجمة إحدى المسرحيات العالمية، لكن ذلك الصديق انتقل إلى الفيوم، واعتاد عماد حمدي أن يسافر إليه كل أسبوع، وذات مرة كان "عماد" مسافرًا إلى الفيوم، والتقى فريق عمل فيلم "وداد" أثناء تصوير إحدى المشاهد الخارجية، وأعجب كثيرًا بذلك الجو وبدأ يسأل عن كل من له علاقة بالفن.
زوجاته الثلاث :
تزوج من ثلاث فنانات شهيرات، أولهن هي الفنانة فتحية شريف، عام 1945 وكانت تعمل مونولوجست في فرقة بديعة مصابني، ثم تزوج من الفنانة شادية، عام 1953، وأخيرا تزوج من الفنانة نادية الجندي في عام 1961.
الوزير الحشاش يتقاضى 700 جنيه .. يا للعجب :
قدم عماد حمدى شخصية المسطول أو مسئول الكيف، في مملكة الحشاشين، وكان ذلك من خلال فيلم "ثرثرة على النيل" إحدى روائع الأديب نجيب محفوظ، والغريب أن "حمدى" قبل هذا الفيلم لحاجته إلى المال، خاصة أنه تقاضى 700 جنيه فقط نظير دوره في هذا العمل، الذى جسد فيه عماد حمدي دور الموظف الحشاش الذى يعيش في عوامة يمتلكها ممثل مشهور، يجتمع فيها رموز المجتمع، يتناولون الكيف، وأطلقوا على هذه العوامة "ممكلة الحشاشين" وانتخبوا "عماد حمدى" وزيرا للكيف، وقد جسد الفيلم حالة اللامبالاة والانكسار والاستسلام لنكسة 1967، حتى نادى بطل العمل "عماد حمدى" في آخر مشاهد الفيلم بكسر الهزيمة وتحطيم حالة اللامبالاة.
عماد حمدى ممثل باليومية :
لم يكن عماد حمدى حريصاً بالدرجة الكافية، فكان ينفق المال بسخاء شديد، بالتالى كانت نهايته، غير بدايته، بل كانت محملة بأوجاع الفقر، وغاب عنه الأصدقاء في سنوات مرضه الأخيرة، ولم يتبق منهم إلا المخلصون فقط، وهم لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، منهم النجمتين هند رستم ومديحة يسري والنجم الراحل يحيي شاهين، وانتهي المطاف بالشاب الوسيم عاملا أو بالتحديد "ممثل" باليومية، عندما حل ضيفا في فيلم "سواق الأتوبيس"، بل ومات ورصيده في البنك لا يتعدى 15 جنيها.
رحيل توءمه يعجل بوفاة فتى الشاشة الأول :
كان رحيل "عبد الرحمن" بمثابة بداية الأزمة النفسية التي قتلت عماد حمدي، خاصة انه كان شديد التعلق بأخيه التوأم، وساءت حالته الصحية بعد رحيله، وأصيب بحالة اكتئاب شديدة واعتزل الفن وجلس في منزله، وطال شعره كثيرا. وفي آخر ايامه، ضاعت الثروة، وهرب المعارف من حوله، وتملكه اليأس، وفضل العزلة، ولم يخرج من شقته لمدة ثلاث سنوات، وأصيب خلال هذه الفترة بالعمى، وذات يوما دخل غرفته وطلب عدم إزعاجه، وبعد يومين لم يصدر عنه صوت، وعرف المحيطين به انها "سكرات الموت"، وبالفعل فارق "الفارس الوسيم" الحياة.