السؤال الذي يفرض نفسه اليوم بعد حكم المحكمة بإلغاء قرار رئيس الوزراء بوقف عرض فيلم "حلاوة روح"، هو هل تنتهي هذه الأزمة بصدور هذا الحكم أم أنها عادت من جديد إلي نقطة الصفر.
بدأت الأزمة كالعادة مع نجمة الفيلم هيفاء وهبي، المثيرة للجدل دائما، والتي حاصرت المشكلات فيلمها منذ بداية تصويره، بعدما كشفت تقارير صحفية ان بطل فيلم "حلاة روح" أمام اللبنانية هيفاء وهبي هو طفل لايتعدي عمره الرابعة عشرة عاما.
وبظهور اعلان الفيلم الاول، والصور الترويجية له، والتي بدت فيها هيفاء محاطة - كالعادة - بعدد من الرجال، إلا أنها تتركهم جميعا وتتجه إلي طفل صغير ليشعل لها سيجارتها، بدأت الاصوات المهاجمة لعرض الفيلم في دور العرض السينمائي، قبل ان يتمكن منتج الفيلم محمد السبكي، من الوقوف في وجه الهجوم عليه مطالبا كل من هاجم الفيلم بانتظار عرضه، ومؤكدا أنه لا يصح الهجوم علي عمل فني قبل عرضه.
وبعد عرض الفيلم بحفلة واحدة فقط، خرجت الاقلام التي تطالب ان يتم منع الفيلم سريعا، وكتب بعض النقاد أن الفيلم علي المستوي الفني سييء، وهو علي المستوي الأخلاقي أكثر سوءا.
وتطور الأمر حين طالبت الكثير من الهيئات المهتمة بالطفولة بإيقاف عرض الفيلم، باعتباره استغلالا لطفل صغير في عمل فني مسيء، ووصل الامر الي المطالبة بتدخل رئيس مجلس الوزراء المهندس ابراهيم محلب، الذي استجاب للمطالبات التي ملأت صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون.
واجتمع محلب مع أعضاء غرفة صناعة السينما ووزير الثقافة السابق محمد صابر عرب ليتخذ قرارا بوقف عرض فيلم "حلاوة روح" وإعادة عرضه على هيئة الرقابة على المصنفات الفنية لاتخاذ قرار نهائي بشأنه، وبناء عليه تم رفع الفيلم من دور العرض، علما أن الفيلم كان قد حصل علي الموافقات الرقابية الكاملة قبل عرضه.
شهدت الساحة الفنية بعد هذا القرار، الأول من نوعه، انقساما ما بين المطالبة بالحرية الفنية والاكتفاء بعبارة "للكبار فقط"، وبين مؤيدين لقرار رئيس مجلس الوزراء، معللين ذلك بأن الفيلم يقوم بتحريض الأطفال على العنف والتحرش الجنسى.
وأعلن عدد من المثقفين وجبهة الإبداع أنها ترفض تدخل الدولة في السينما بمنع عرض الأفلام، تأكيدا لاحترام حرية الرأي والإبداع، ومؤكدين أن منع الفيلم سيؤدي إلي تأثير أسوأ من عرضه، علي اعتبار أن الفيلم الذي لم يحقق إيرادات جيدة بعد أيام من عرضه، سيحقق أضعاف هذه الأرقام الآن بعد منع عرضه، علي اعتبار أن "الممنوع مرغوب".
بعدها بدأت حرب الدفاع عن النفس من بطلة الفيلم، هيفاء وهبي، التي قالت انها لم تقدم اسفافا او تجاوزا حتي يتم منع عرض فيلمها، وظهر ايضا بطل الفيلم الطفل ليدافع عن نفسه موضحا انه لم يقدم اي شئ يجرح طفولته.
اما منتج الفيلم فكان اكثر المتضررين من منع عرض الفيلم، لذلك رفع دعوى قضائية حملت رقم 56998 لسنة 68 قضائية، ضد كلٍ من رئيس مجلس الوزراء ووزراء الاستثمار والإعلام والثقافة ورئيس الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات بصفتهم، لصدور قرار منع بث في ظل موافقة دار المصنفات السينمائية على السيناريو بأكتوبر الماضي.
وأعلن "السبكي" انه لن يترك حقة المادي بتصوير فيلم ورفعه من دور العرض بعدما حقق فقط 3 ملايين جنيه، واصيب السبكي بضرر اكبر بعد تسريب الفيلم وعرضه علي قناة "البيت بيتك سينما"، و قناة "سينما علي بابا" الفضائية، رغم قرار رئيس الوزراء بمنع عرضه، ورفعه من السينمات أبريل الماضي.
واليوم تسدل محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة برئاسة المستشار يحيي الدكروري الستار عن القضية مؤقتا، بقبول دعوى المنتج محمد السبكى للطعن على قرار منع عرض فيلم "حلاوة روح" وإيقاف القرار الصادر بوقف العرض، مع إحالتها إلى المحكمة الدستورية للمطالبة بتشديد الرقابة السينمائية، الأمر الذي يفتح الباب من جديد حول هل تنتهي ضجة "حلاوة روح" أم أن الأزمة ستثار من جديد؟
الأيام المقبلة تجيب عن هذا السؤال.