خالد أبو النجا: اللهجة الفلسطينية الأقرب إلى "مصر".. وأستعد لعمل كوميدي
* أراقب مشهد الهجوم علي من بعيد وأنا لست ضد الجيش
* من حقي التعبير عن رأيي السياسي
يعتبر الفنان خالد أبو النجا من أنشط فناني جيله في السينما خاصة، وأنه لم يتراجع بسبب الأزمة الإنتاجية التي مرت بها السينما في السنوات الماضية بل توجه للأفلام المستقلة التي كان قد تبناها قل ثورة يناير 2011، وعبر "أبو النجا" عن سعادته، بحصوله على جائزة الهرم الفضي عن مشاركته بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي خاصة، وأن هذه الدورة شهدت مشاركته بثلاثة أفلام من جنسيات مختلفة وهي المصري والإماراتي والفلسطيني "عيون الحرامية" الذي نال عنه جائزة أفضل ممثل.
وجاءت هذه الجائزة لترد على الانتقادات الموجهة، لأبو النجا خاصة بعد تسرب فيديو له ينتقد فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي ويطالبه بالرحيل. وفي حواره مع "صدى البلد" يتحدث أبو النجا عن أعماله الفنية وتحضيره لمشروع كوميدي؛ بالإضافة إلى رده عن الهجوم والقضايا المرفوعة ضده.
* ما ردك على القضايا والانتقادات التي وجهت لك سياسيا في الفترة الماضية بعد هجومك على الرئيس عبد الفتاح السيسي؟
لا أتابعها ولا أهتم بها لأني لا أريد أن أصيب بضيق بسبب بعض العناصر التي تقودنا للتخلف وللرجوع إلى عصر تكميم الأفواه، فأنا من حقي أن أعترض وأقول رأيي بصراحة، فمن غير الدستوري منع المواطنين من حق التظاهر وسيتم إلغاء هذا القرار فور انتخاب مجلس الشعب، فما بالك بالرقابة الغريبة التي تمنعك من التفوه برأيك، فأنا لا أرى أن السيسي حقق نجاحا في تأمين البلد وليس معنى أني ضد سياسته أني أقف ضد جيش بلدي، لأن السيسي ليس ممثلا عن الجيش، ولا مبارك أيضا كان ممثلا للجيش، وكوني انتقد شخصا فهذا ليس معناه أني أقف ضد مؤسسة جيش بلدي. واكتفي حاليا بمتابعة المشهد من بعيد، وأدعو الله أن يخلصنا من أصحاب الأفكار المتخلفة ومكممي الأفواه من الإعلاميين.
* وما رأيك فيما وصل إليه حال ثورات الربيع العربي؟
- شارليز ديكينز قام بإحدى رواياته عن الثورة الفرنسية بكتابة وصف لها ينطبق على أغلب ثورات العالم الكبرى فهي لحظات غاشمة يمر بها الشعب، ومن أسوأ اللحظات بسبب التخبط بعض الأفعال التي لا يمكن البعض السيطرة عليها، كما وصفها بأنها عهد الحكمة وكل مواطن يقوم بإلقاء المواعظ والنصائح وعهد الغباء المتفشي في بعض المواطنين، والذي يظهر بشدة في هذه الأوقات. وفي النهاية يجب علينا أن نرى ما هي الكفة الرابحة لنتحكم في مستقبلنا، فنحن أمام كفة بها اتحاد الشعوب العربية في صرخة واحدة في عدة ثورات لن يشهدها العالم العربي خلال العصر الحديث مرة أخرى إلا بعد سنوات، واتحاد فيم بيننا ضد الظلم والفساد والقهر، وبين كفة أخرى لمجموعة ممن يحاولوا التأثير مثل شيخ يخرج يدعو للجهاد ويربط الدين بالسياسة ويطلق الأحكام والسخافات، فلو وزنا بين الكفتين يجب أن تكون كفة الثورة هي الأقوى ونحن علينا أن نرسم مستقبلنا بيدنا.
* ما الذي جذبك في تقديم دور "طارق" بفيلم "عيون الحرامية" ؟
- عندما عرض علي أن أقوم بدور شاب فلسطيني وجدت أن هناك صعوبة في التصوير تحت الاحتلال، وأني سأتحدث باللهجة الفلسطينية، مما دفعني لقبول التحدي. فالأهم ليس اللهجة، بقدر ما هو التركيز على فكرة الفيلم، وكيفية توصيل الإحساس للمشاهدين.
وهذا العمل يختلف عن باقي الأعمال التي تناقش القضية الفلسطينية، والتي أغلبها تتناول الأمر من فكرة الجهاد والاستشهاد والنضال من أجل القومية العربية وحرية الأرض وغيرها، ولا ننكر أن الهدف من وراء الفيلم هو نفس القضية، ولكن بتغليفها في إطار إنساني بحت من خلال قصة رجل يبحث عن ابنته بعد خروجه من المعتقل، ولديه سر عظيم يكتمه طوال الوقت فحن نتعامل معها كحالة إنسانية.
* ولكن هل تجد أن مناقشة القضية بمثل هذا الشكل ستؤثر مثل أفلام المقاومة؟
- هذه هي لغة السينما العبقرية التي تصل لقلوب الجماهير.. فاستخدام المشاعر تجعل العمل يسافر من موطنه الأصلي الذي يشعر بالقضية إلى مختلف الجنسيات والألوان واللغات، فلغة المشاعر الموجوة بالفيلم تجعل كل فرد يتعاطف مع "طارق" وما وصل إليه الحال من انطواء وعزلة حتى أنه لا يستطيع أن يتعامل مع ابنته جيدا وذلك بسبب اعتقاله لعشر سنوات.. كما أنه يشعر بأن القنص والمقاومة عبء عليه وهم السبب في تفريق أهله ولكنه لا يستطيع أن يترك العدو وغيرها من المشاعر الإنسانية المتداخلة التي إذا شاهدها العدو نفسه قد تصل إليه رسالة معاناة هذا الشعب. لذلك كنت أعمل على إظهار "طارق" طول الوقت وكأنه يحمل هما كبيرا وحملا ثقيا على أعناقه.
* وما أكثر الصعوبات التي قابلتها أثناء تصوير الفيلم؟
- مبدئيا، لم أحصل على تصريح دخول البلد إلا قبل التصوير بيومين، وقد قمنا بتكثيف التصوير حتى نستطيع الانتهاء منه خلال شهر واحد وهي مدة التصريح الخاص بي. وكانت هناك صعوبة في استخداج تصريحات لأغلب فريق العمل، وليس لي وحدي ، خاصة المخرجة نجوى النجار تحدت الظروف، وأتت بي من مصر وفريق عمل من أيسلاندا وسعاد الماسي من المغرب وفنانين آخرين من الأردن، مما جعل هناك تحديا كبيرا بيننا أن نقدم فيلما يجمع أغلب الدول العربية . ولكن أهم المشاكل التي قابلتني هي اللهجة فكنت أحاول التركيز مع نطق الكلمات مع من حولي ولكني اكتشفت أن كل قرية وكل شارع لديهم لكنة مختلفة لذلك قمت بتعيين فتاة من نابلس مهمتها الأساسية هي الاستماع لحواري أثناء التصوير والتصحيح لي.
* هل تتوقع أن يدخل الفيلم لمسابقة الأوسكار؟
- بما أنه يتناول بعدا إنسانيا بحتا، فأعتقد أنه من الممكن قبوله لينافس في مسابقة أفضل فيلم أجنبي خاصة، وأنه لا يعتمد على مشاهد النضال الكثيرة التي يشعر بها العرب والفلسطينيون فقط بل هو موجّه للمشاعر في الأساس.
* وماذا عن فيلم "ديكور"؟
- حالة فنية مختلفة وما جذبني فيه هو "التوهان" في تفاصيله والانتقال بين كل مشهد ومشهد وكأنه فيلم مختلف، حتى يصل الجمهور لمراحل مختلفة وتتوه التفاصيل بين ما إذا كان "شريف" من نسج خيال البطلة أم هو زوجها بالفعل أم هو خطيبها السابق، والجمهور يتعاطف معه مرة ومع شخصية "مصطفى" التي يقدمها ماجد الكدواني مرة أخرى ومعها هي نفسها مرة أخيرة، لتتوه التفاصيل وتظل الفكرة الرئيسية للفيلم وهي أنه يجب علينا الاختيار ما بين الخيارين اللذين تفرضهما علينا الحياة مابين الأسود والأبيض، بينما هناك ألوان ودرجات رمادية لا نهائية من الممكن أن نأخذ ألوانا ونكون بها اختيارا جديدا. فلا يجب على مها الاختيار بين حياة "شريف" أو "مصطفى" بل من الممكن أن تجد اختيارا ثالثا يرضيها كما كانت تتمنى.
* وهل الفيلم يحمل بعدا سياسيا؟
- الفيلم هدفه اجتماعي بحت ولكن هناك أعمالا تحمل في طياتها المعاني التي تنطبق على السياسة في وقتنا الحاضر مثل فكرة الاستقطاب التي نعيشها حاليا، فمثلما نضع في الفيلم خيارين أبيض وأسود فهناك في الواقع السياسي على سبيل المثال "سيسي" و"إخوان" لو كنت ضد الأول تبقى إرهابي ، ولو كنت ضد الثاني تبقى كافر، بينما هناك تصنيفات في المنتصف فمن حقك أن تختار ما بين الأبيض والأسود.
* تظهر في فيلم "من ألف إلى باء" في مشهد واحد ألم تعترض على حجم الدور؟
- على العكس فهذا الدور أعجبت به جدا وعملت على كتابته مع السيناريست محمد حفظي لكي يظهر بهذا الشكل، وهو دور ضابط سوري يقابله ثلاثة شباب ضمن رحلتهم من أبو ظبي إلى بيروت وفي رأيي ظهوره مهم جدا بالفيلم لأنه يحوله من حالة الكوميديا الموجودة به إلى حالة اصطدامهم بالواقع الخاص بسوريا في عام 2011 ورغم أنه ينتهي أيضا بشكل كوميدي إلا أنه كان تحديا كبيرا بالنسبة لي ومؤثر بالأحداث. فمن الممكن أن يظهر الفنان في مشهد ويكون له قيمة وتأثير كبير ولا يمكن زيادة حجم الدور لأن الوضع لا يحتمل.
* ولكن أغلب النجوم يعترضون على الظهور كثيرا كضيوف شرف؟
- هذا الفكر عفا عليه الزمن خاصة والوصول لمرحلة النجومية تجعل الفنان غير متخوف من حصره في أدوار صغيرة مرة أخرى، بل على العكس فلو الدور أعجبه يجب أن يقدمه، وأنا عن نفسي لا أفكر في حجم الدور أو تقديم عمل من "الجلدة إلى الجلدة" كما يصفونه بقدر ما أفكر إني أكون صادقا في أن يصل إحساسي للناس، كما أني أقوم بمشاركة البعض في مشهد أو اثنين محبة بيني وبين فريق العمل لو كان لدي وقت وغير مشغول بمشروع جديد يتم تصويره.
* تقديم عملين أحدهما باللهجة الفلسطينية والآخر بالسورية ، فهل هذا في رأيك طريق للخروج عن المحلية؟
- اللهجات المختلفة يجب أن تكون متداخلة، فالفنان يجب أن يتغلب على مشكلة اللهجات لأنه يستطيع تقديم الأعمال بمختلف اللهجات واللغات لو كانت أجنبية. ولا أدري ما المشكلة ، فأغلب الفنانين العرب كانوا ولازالوا يقدمون أعمالا باللهجة المصرية والجمهور تقبلهم مثل "صباح" التي كانت تنطق المصرية بطريقة "زي العسل" ، وأنا عن نفسي لا أجد عيبا أن يخرج الفنان من قالب اجتماعي أو لغوي واحد ، بل على العكس ، هذا يعطيه خبرة ويثري الفن بشكل كبير.
* هل كنت تعلم بمشاركة 3 أفلام لك بمهرجان القاهرة؟
- لا فوجئت بهذا فكل فيلم منهم شارك بمسابقة غير الثاني، ولكني كنت أتمنى أن يقام مهرجان القاهرة في العام الماضي وأعرض من خلاله فيلم "فيلا 69" الذي لم يحصل على حقه بدور العرض بسبب بعض الأحداث الإرهابية، ولكن للأسف تم عرضه بإحدى القنوات الفضائية قبل فعاليات المهرجان مما تسبب في عدم عرضه ولو على هامش المهرجان، وأتمنى أن يحظى بنجاح كبير عند عرضه بالفضائيات مثلما حدث مع فيلم "ميكروفون".
* لماذا نجد أن النجوم يرفضون المشاركة بأعمالهم في المهرجان؟
- لا يوجد سبب محدد. أولا الأفلام التي تنتج ليست كلها مناسبة للمهرجان ، غير أن المنتج نفسه يعمل علي طرح العمل بسرعة في السوق لكي يجني أرباحه، وهذا يعود للنظام الإنتاجي في مصر وهو مختلف عن باقي دول العالم لأن الأفلام الأخرى تشارك بالمهرجانات حتى تحصل على جوائز ويزيد سعرها والإقبال على توزيعها ، بينما في مصر المنتج هو الموزع لذلك لا يجد صعوبة في تسويق أعماله.
ويجب أن نقلل الفجوة ما بين النظام الثقافي المعتمد على المهرجانات والنظام التجاري حتى يكمل بعضهم البعض ، كما أنه يجب على الدولة توفير دور توزيع لمهرجان القاهرة نفسه ، وهناك دور عرض كثيرة مهملة وهي طرق جديدة تتبعها المهرجانات بإتاحة عرض الأفلام الفائزة في سينماتها الخاصة، كما يحدث الآن مع فيلم "فيلا 69" الذي يعرض بسينمات مهرجان "مالمو" للأفلام العربية.
* هل هناك عمل تليفزيوني جديد تعود به للدراما قريبا؟
- لا أعرف لأن هناك سيناريو تتم كتابته ولا أدري متى سينتهي أو هل سيتحول لدراما أو فيلم ولكني أحضر لعمل كوميدي لأني أحب الكوميديا جدا وكنت أقدمها وقت الجامعة، ولا أدري لماذا تم حبسي في الأدوار الجادة بينما أنا شخصيتي غير ذلك تماما.