عقدت في قاعة ملتقى الكتاب ، وضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض الشارقة الدولي للكتاب 33 ، ندوة "الأديبة الإماراتية بين سحر الشعر وغواية الرواية" .
وقالت الأديبة ريم عبيدات إن "الرواية سحرت الملايين حول العالم ، وفيها اختصر الكاتب نفسه عبر صفحات وصور وقصص استأثرت كثير منها بالإهتمام العالمي الأكبر لارتفاع سقفها البياني والتعبيري حتى أقصى نهايات الوجود والحلم ، حيث ينسج الراوي خياله حول الواقع في سردية باهرة ، حتى صارت الرواية مؤخراً حلم الحالمين ، لتخرج من عباءة التفرد الى مبدعين آخرين اتجهوا بها نحو مديات إبداعية مختلفة انتجت روايات باهرة".
وتراوحت المواضيع التي نوقشت خلال الندوة بين محاور عدة ، أبرزها مناقشة: إشكالية الإبداع المتنوع عند المرأة الإماراتية ، وإشكالية اجتماع الشعر مع الرواية ، والمرأة المبدعة من هي في عالم اليوم ، وأين المرأة الإماراتية الأديبة والشاعرة من هذه المقاييس ، وكيفية التسلل بين عالمي الشعر والرواية ، وهل استطاعت المرأة الإماراتية ان تفتح طريقاً خاصاً لها بين الشعر والرواية لتعيش في كل عالم منه ضمن الاصول والضوابط التي يستدعيها، والى اي مدى؟
كما ناقش الحاضرون أسباب ودواعي خروج الكثير من النسوة حول العالم فضلاً عن النسوة الإماراتيات من الشعر الى الرواية ، وهل يصنف هذا الخروج في عداد الإشكاليات الإبداعية ام النسوية؟ ، وبينت ريم عبيدات أن الإبداع فضاء واسع لا محدود ، وبداخله تتشكل الذات الشاعرة التي تكتب في جميع صنوف الأدب ، ومن هنا يمكن القول أن هذا السلوك هو الذي يحدد هذا التوجه ، وكذلك يمكن اعتبارها قاعدة بالنسبة للمرأة العربية الأديبة.
وقالت الشاعرة سميرة المصري إن الطرح الذي يقول إن المرأة العربية كانت تعاني قيوداً من الرجل العربي غير صحيح تماماً لأن هذا المفهوم جاء من الغرب وليس من المجتمع العربي ، كما أن الكثير مما كتب من الروايات النسوية سجل على انه شعر لكنه في الواقع ليس شعرا وانما يمكن اعتباره بوحا نثريا عاديا لا يمكن أن يقيم على أساس بحور الشعر والقوافي لعدم التزامه بها ، ولذلك يمكن القول أن غالب ما نراه اليوم من الأدب النسوي ليس سوى قصص او روايات، او مجاميع نثرية، وهذا على افتراض أنها تلتزم بقواعد الأجناس الأدبية السابقة المذكورة ، أما الشعر فليست منه بشئ.
من جانبها ، أوضحت الشاعرة والأديبة ساجدة الموسوي أن أهم أسباب توجه المرأة العربية بشكل عام والإماراتية بشكل خص نحو الرواية يعود الى توجه الرجال لها ، وهذا ليس غريباً، فقد كتبت المرأة الشعر في العصر الجاهلي كما كتبه الرجل ، وبقيت مستمرة في هذا الدور خلال العصور المتقدمة التي تخبو فيها تارة وتظهر تارة أخرى ، ولكنها توجهت نحو الرواية في أوائل القرن 18 او 19 بعد ظهور الطباعة حينما كثرت روايات الرجال ، وهذا يفسر سبب شيوع الرواية على الشعر ، إضافة الى تعذر امتلاك الموهبة الشعرية وأدوات معرفة الشعر.
وفي مداخلة لها حول تساؤل: هل أن الإبداع صدفة أم موعد؟، قالت الأديبة الإماراتية صالحة غابش:" إن ثقافة لكاتب والكاتبة تفرض جماليتها في تناول الموضوعات المختلفة سواء كانت شعراً او رواية، والمهم هو انضاج التجربة ، والقدرة على التعبير عن أوسع مافي النفس، فالأدب من دون خيال لايمكن اعتباره أدباً ، وهذا أيضاً يفسر سر توجه القارئ نحو كاتب معين دون غيره، ولامكان للصدف في عالم الإبداع، وإنما يبقى امتلاك ادوات الإبداع هو العامل الأهم في تحديد موعد ظهوره وانتشاره وتميزه .
ومن ناحية أخرى ، أكدت الشاعرة والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي أن الشارقة تشكل علامة فارقة على خريطة العروبة لأنها قلعتها ومنارتها النابضة بالحياة ، مضيفة أن الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، "لا يحكم الإمارة بقبضة يد، بل بفكره، ولا يحكمها من قصره، بل من الجامعات وصروح العلم".
وقالت مستغانمي فى كلمتها - التى القتها في معرض الشارقة الدولي للكتاب ، في حفل توقيع ديوانها الشعري الأول "عليك اللهفة" - " أيتها الشارقة سلاما لأهلك ولرجالك الطيبين، سلاما لمآذنك ومنابرك أيتها النخلة الباسقة في صحراء عروبتنا، شكراً لأنك رفعت عاليا الكلمة الحرة ، معك بلغنا سن الرشد الأدبي ، وحين نغادرك سيغادرنا ذلك الافتقاد المرعب إلى الأمان".
وتساءلت معبرة عن هموم الكاتب العربي مما يدور في عالمه من أحداث: "ما جدوى الكتابة وقد أصبح الموت عندنا أكثر وفرة من الحياة؟" ،وأضافت: "ثمة من حين يكتب لا يكون إلا كاتبا ، وثمة من وهو يكتب يضع نفسه مكان الأبطال ، أما الكاتب العربي فيضع نفسه مكان القارىء ، فيغدو هذا القارىء هو الرقيب" ، موضحة أنها تعلمت من نزار قباني أن تستدل بخوفها على الحقيقة ، معتبرة ذلك الدرس الأول والأصعب الذي تعلّمته في حياتها حول الكتابة ، موضحة أن الدرس الثاني يكمن في أنه عليك، بصفتك كاتباً أو شاعراً، أن تخلع قيودك لتعش حراً.
وقالت مستغانمي متحدثة عن كتاباتها: "حققت هذا الانتشار في العالم العربي ليس لأنني متحررة بل لأنني اخترت التحرر من قيودي ، وراهنت فيما تركته من مساحات بيضاء في أعمالي على ذكاء قرائي ، وتركت لهم حرية إكمال ما تركته لهم من بياض" ،.
وأضافت: "لدي اليوم أكثر من ستة ملايين متابع في مواقع التواصل الاجتماعي ، وهذا ما حولني من كاتبة إلى قائدة لجحافل من القراء ، غير أنه ثمة مسؤولية للكاتب تجاه قرائه، تزداد كلما زاد انتشاره، لذلك لم أعد قادرة على الكتابة بنفس الحرية التي كتبت فيها أول مرة".
ووصفت القراء قائلة: "القراء ندين لهم بوجودنا. إنهم المناضلون الحقيقيون في زمن الإنترنت، فما زال للمكتبة مكان في بيتهم رغم صغر البيت وضيق الحال" ، مؤكدة أن الشارقة وضعت جهدها ودخلها لأجل الكتاب، وأن لديها مشروعاً لإدخال الكتب إلى كل بيت في الإمارة.
وتحدثت مستغانمي عن شجون الكتابة وقالت: "الأوطان تنسب لكتابها كما تنسب لقادتها ، والأمة التي تنسب لقتلتها وليس لمبدعيها لا مكان لها في التاريخ" ، وأضافت: "نحن أمة يتعرض فيها الفرح العربي للتطهير.. عندما نفتقد حبا نكتب قصيدة ، وعندما نفتقد وطنا نكتب رواية ، ولكن ماذا عندما نفتقد أحلامنا وتنهار أوطاننا.. أي صنف من الكتابة نكتب؟ خاصة عندما تعدنا كل نشرات الأخبار لمستقبل نكون فيه فع ماض"....مطالبة بحماية اللغة العربية، التي تحبها، وتدافع عنها، لأنها لا تعشق لغة سواها، ولا تعرف التعبير بالكلمات الجميلة إلا من خلالها.