أكد الباحث الأثری أحمد عامر أنه "لا يوجد فی الحضارة المصرية ما يسمى "لعنة الفراعنة" وما تركه المصريون القدماء من نصوص كانت لتهديد وترهيب وتخويف اللصوص من الاقتراب والسطو على مقابرهم لسرقة كنوزهم اعتقادا منهم بما يسمى "البعث عقب الموت"، مشيرا إلی أن "سارقی المقابر الأثرية نشروا مايسمی "لعنة الفراعنة" بهدف الثراء فقط وليس الشهرة".
واستعرض عامر، فی تصريح له، أشهر الوقائع التی تسببت فی ظهور أسطورة "لعنة الفراعنة" والتی وقعت قبل اكتشاف مقبرة الملك "توت عنخ آمون"، عندما أصيب العالم "تيودور بلهارس"، مكتشف دودة البلهارسيا، بحمی غامضة، بعد أخذه مومياء فرعونية بمقابل مادي، وبدأ فی تحليلها، حيث وجد أن الفراعنة أصابتهم دودة "البلهارسيا " منذ آلاف السنين، حيث عثر على بعض الديدان المحنطة داخلهم فعليا.
وقال إنه قبل أن يسجل "تيودور بلهارس" اكتشافه أصيب بحمى غامضة لم يستطع الأطباء تفسيرها وبدأت بعض الخرافات والأساطير بأن إصابته لعنة، وأن المومياء انتقمت منه نتيجة قيامه بتشريحها.
وأضاف أنه عند افتتاح مقبرة الملك "توت عنخ آمون" التي اكتشفت على يد العالم البريطاني "هوارد كارتر" فی عام 1922 والتي كان يمولها اللورد "كارنافون"، فقد وجدت عبارة شهيرة مكتوبة على إحدى غرف المقبرة وهی "سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك"، كما عثروا على تمثال في المقبرة يقال إنه تمثال مسحور مكتوب عليه" إنني أنا حامي حما قبر توت عنخ آمون وأطرد لصوص القبر بلهب الصحراء"، الأمر الذي نشر الحيرة والخوف بين الجميع.
وأوضح عامر أنه بعد ذلك أصيب اللورد "كارنافون" بحمى شديدة وعجز الأطباء عن تفسير هذه الحمى وتوفى في منتصف الليل بفندق الكونتينتال بالقاهرة، كما ماتت أيضا كلبته وبعد ذلك بدأ الموت يقضى بجناحيه على كل الغالبية العظمى من الذين أزعجوا الفرعون في قبره وشاركوا في الاحتفال، وكانت معظم حالات الوفاة بسبب الحمى الغامضة التى لم يستطيع الأطباء تفسيرها، فتوفى سكرتير "كارتر" دون معرفة السبب، وأثناء تشييع الجنازة قتل الحصان الذي كان يحمل تابوت "توت عنخ آمون" ويقال إن بعض الذين كان لهم علاقة بفتح المقبرة أصيبوا بالجنون وبعضهم انتحر دون أسباب فأثار هذا جدلا عالميا كبيرا، وحين ذلك سمى بـ"لعنة الفراعنة" التي تصيب كل من يسخر بتلك الأسطورة.
وأشار إلی أن الدكتور عز الدين طه، عالم الأحياء، أكد فی عام 1962 عدم وجود "لعنة الفراعنة"، موضحا أن هناك بعض الفطريات والسموم التي ربما يكون نشرها القدماء المصريون فوق مقابرهم وبعض أنواع البكتيريا التي تنشط فوق جلد المومياء المتحللة التي عاشت آلاف السنين في حالة سكون فتصيب مكتشفى هذه المقابر، ولكن قبل أن يتمكن من إثبات فريضته لقي مصرعه في حادث سيارة بعد تصريحاته بأسابيع قليلة وتبين من تشريح الجثة أن سبب الوفاة هو ضيق بالتنفس.
وذكر أنه في عام 1972 تم سؤال عالم الآثار المصری الدكتور جمال محرز عن "لعنة الفراعنة" فقال "إنني أصدق مثال على عدم وجود لعنة للفراعنة، فقضيت عمري بين الموتى والتوابيت والمومياوات دون أن يحدث لي شيء"، وبعد هذا التصريح بشهر أصيب بهبوط في جهاز القلب، مما أدى إلى وفاته ولكن الغريب أن وفاته جاءت في نفس اليوم الذي نزع فيه القناع الذهبي للملك "توت عنخ آمون" للمرة الثانية.
وأكد أن وفاة مكتشفی مقبرة "توت عنخ آمون" بعد خروج جثة الفرعون أصبحت أمرا محيرا لدى الكثير من الناس، خاصة الذين يعتقدون أن الجن يقوم بحراسة المقابر الفرعونية ويسبب الهلاك لكل من ينتهك حرمة الفرعون في رحلة ما بعد الموت، وهناك من يقوم بذبح بعض البشر وتقديمه كقربان لهذا الجن اعتقادا أن ذلك سوف يضمن له أن لا يحدث له شئ بعد دخول المقبرة.
وقال عامر إن أكبر دليل يثبت عدم صحة ما يسمى "لعنة الفراعنة" هو "هاورد كارتر" الذي لم يحدث له أي ضرر على الرغم من أنه أول من أساء إلى "توت عنح آمون" ونزع القناع عن وجهه، لافتا إلی أنه من المحتمل أن التعدي والتعرض لمقابر مغلقة منذ آلاف السنين عند فتحها يكون بها بكتريا مدمرة تقتل كل من استنشق هواءها فتتفعل بعض المواد الكميائية مع ما تبقى من بعض مواد التحنيط أو الطعام الذي كان يوضع داخل القبر ووجود بعض الفطريات والطفيليات السامة التي وضَعت من أجل كل من تسول له نفسه التعدي على هذه المقابر لكل من يقوم بفتحها والدخول إليها.
وأضاف أنه "فی الكتب السماوية نجد أنه تعارضت مفاهيم السحر ولعنات الفراعنة بشكل قاطع وواضح، ولكن الصدفة المدهشة التي وقعت مع كل من كان لهم علاقة بفتح مقبرة الملك "توت عنخ آمون" أسمعت في آذان الناس أسطورة "لعنة الفراعنة"، فمنهم من يصدق ومنهم من يكذب ذلك ومنهم أيضا من يتخذها لابتزاز كل من يتمنى الثراء كالدجالين والنصابين".