كشفت الدكتورة منى السيد عثمان مرعى مدرس الآثار الإسلامية بقسم التاريخ والآثار المصرية والإسلامية بكلية الآداب جامعة دمنهور عن أجمل تصاوير مخطوطات فى العالم للروضة الشريفة من خلال نسخ عديدة تنشر لأول مرة فى ورقة بحثية بعنوان "الروضة الشريفة فى تصاوير مخطوط دلائل الخيرات" ألقتها خلال مشاركتها في المؤتمر السابع عشر للاتحاد العام للآثاريين العرب الذي عقد مؤخرا.
وقالت الدكتورة منى عثمان - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن الروضة الشريفة هي المسافة المحصورة بين المنبر النبوى وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، أي بيته، حيث دفن فى الجانب الشرقى من المسجد، والتى وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم فى أحاديثه الشريفة بكونها روضة من رياض الجنة.
وأضافت أن تصوير الروضة الشريفة ارتبط بمخطوط "دلائل الخيرات وشوارق الأنوار فى ذكر الصلاة على النبى المختار" الذي ألفه الإمام محمد بن سليمان بن أبى بكر الجزولى من ذرية إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه والمتوفى سنة869هـ/1464م ولقد واظب المسلمون على قراءة هذا المخطوط فى المشارق والمغارب ولايزال يطبع حتى الآن.
وأكدت أن هذا المخطوط قد حظي باهتمام وعناية الخطاطين والمذهّبين والفنانين، وبقى منه العديد من النسخ المزوقة بالتصاوير المؤرخة من القرن10هـ/16م إلى النصف الأول من القرن 14هـ/20م والموزعة فى المتاحف والمكتبات المحلية والإقليمية والدولية وفى المجموعات الخاصة التى يعرض بعضها للبيع على شبكة المعلومات الدولية.
من جانبه.. عرض الدكتور عبد الرحيم ريحان مقرر إعلام الاتحاد العام للآثاريين العرب، جوانب هذا البحث المتمثلة فى 64 مخطوطا من دلائل الخيرات محفوظة بالمكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية ونسخة بمتحف قصر المنيل وبعض النسخ المحفوظة في المتاحف العالمية مثل متحف "والترز" ونسخة بمكتبة جامعة الملك سعود ونسخة بمكتب النجاح الوطنية بنابلس وعدة نسخ من المجموعات الخاصة.
وأوضح أن تصاوير الروضة الشريفة بهذا المخطوط رسمت على صفحة مزدوجة صورت المنبر النبوى فى الغرب والحجرة النبوية فى الشرق، وقد جسدت الروضة نفسها وملامح المسجد النبوى بحدوده حتى نهاية عصر الخلفاء الراشدين حيث الحجرة النبوية الشريفة بداخلها القبور الثلاثة الشريفة؛ قبر النبى صلى الله عليه وسلم يتقدمه قبر الخليفة أبى بكر الصديق يتقدمه قبر الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين، ويتقدم الحجرة النبوية الشريفة من الأمام دكة الأغاوات أو دكة الصفة موضع شيخ الحرم، ويمتد على يمين الحجرة جدار القبلة بالمسجد النبوى متضمناً المحراب العثمانى نسبة إلى الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه، وعلى يسار الحجرة النبوية كتابة نصها "مرقد فاطمة الزهراء" ليشير إلى قبر السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها أو إلى حجرتها الشريفة ثم رسم نخلة كتب أسفلها "نخل متكلم" ليشير إلى نخل المدينة المنورة.
وتابع ريحان أن هذه التصاوير ألقت الضوء على الملامح المعمارية للمسجد النبوى عبر العصور، والتى تجمع بين العمارة المملوكية ممثلة فى الحجرة النبوية بقبتها من عصر السلطان الأشرف قاتيباى 891- 892هـ/ 1486- 1487م والتى تعرف باسم القبة البيضاء أو الفيحاء أو الزرقاء، وفى المحرابين النبوى والعثمانى من عصر السلطان الأشرف قاتيباى 886هـ/ 1481م، وكذلك العمارة العثمانية متمثلة فى المنبر الرخامى من عمل السلطان مراد الثالث 998هـ / 1598- 1599م، وأدوات الإضاءة العثمانية من الشماعد والثريات ذات القريات المخروطية الشكل والقناديل الكمثرية والسجاد بأنواعه ذو الزخارف النباتية وسجاجيد الصلاة.
وأشار إلى أن هذه التصاوير تعتبر مدرسة للعمارة والفن الإسلامى أظهرت التأثير المغربى الأندلسى فى الثراء الزخرفى فى تمثيل العقود المسماة "حدوة الفرس"، والعقود المفصصة بأنواعها والعقود المتداخلة والمتراكبة ذات الكوشات المزينة بالزخارف النباتية، وظهر هذا التأثير أيضا فى المنابر المغربية المرابطية مما يدل على أن هذه التصاوير رسمت فى بلاد المغرب والأندلس، كما عكست مجموعة منها تأثرها بالعمارة المملوكية المصرية، مما يدل على أنها نفذت فى مصر وعكست مجموعة أخرى ظهور تأثير سورى.