هذا العمود يندرج تحت مسمى عجيب.. قراءة مسبقة للتاريخ.. فالتاريخ، فى مفهومه العام، هو قراءة لأحداث سابقة، بغرض الاستفادة منها فى أمور حالية، أو توقعات مستقبلية.. ولكننا هذه المرة نقرأ التاريخ قبل أن يكتب.. نقرؤه مسبقًا، ولكن ليس كتنبؤ، ولكن كربط بين أحداث تاريخية سابقة، ودراسة متأنية لكل الأطراف، ونظرية الاحتمالات؛ للوصول إلى نتيجة، هى أقرب احتمال متوقّع.. ولأننا فى الوقت الحاضر، فسنبدأ القراءة المسبقة للتاريخ، من لحظة متوقّعة قريبة.. من بدء حرب التحالف الدولى ضد «داعش».. فى البداية سيوجّه التحالف عدة ضربات موجعة للتنظيم، ولكنها لن تحقّق النتائج المرجوة، وإنما ستستفز مقاتلى «داعش»، الذين تلقوا تدريبات مكثفة على فن الاندفاع والبلطجة، مع صفر على عشرة فى ضبط النفس، واستراتيجيات القتال المنظم، وفنون الحرب التصادمية.. ولأن كل المتأسلمين اعتادوا الانفعال والاندفاع، وهما أهم سمتين للهزيمة، فسيندفع بعضهم بصدره للمواجهة، متصوّرًا أن الاستشهاد مع الهزيمة هو قمة المنى، فتحصده الأسلحة الحديثة حصدًا، ويخسر التنظيم الكثير من مقاتليه.
أما البعض الآخر، فسيشتّت قواه فى عمليات عنف وتفجير وتخريب، فى كل مكان فى العالم، فيتضاعف عدد المتحالفين ضده، ويتضاعف عنف قتالهم معه.. وعلى الرغم من محاولات الإخوان، الظهور دومًا بمظهر الحمل الوديع، وإخفاء أنياب الذئب المفترس خلف ابتسامات لزجة، وأنياب ثعبانية مستترة، فإن تراجع «داعش» سيدفع التنظيمات المتأسلمة الأخرى للضغط على حليفتهم الإخوانية، لمد يد العون، بالمال والتأييد لتنظيم «داعش»، وسيجد الإخوان أنفسهم مضطرين إلى الاستجابة، حتى لا يخسروا حلفاءهم، وسيبحثون عن وسيلة خفية لمد يد العون لـ«داعش»، فى قتاله مع التحالف الدولى.. وسينكشف الأمر، نظرًا ليقظة أجهزة المخابرات، فى فترات القتال، وسيدرك العالم عن يقين، أن الإخوان ليسوا حملانا كما يتظاهرون، وإنما هم الواجهة الأنيقة للإرهاب الدولى، وعندئذ سيفقد «داعش» أكبر وأهم مموليه، وسيبدأ مرحلة التراجع العصبى، وهو يفقد كل ما ربحه.. تمامًا كما حدث مع النازيين، فى نهايات الحرب العالمية الثانية.. وفجأة، وبلا مقدّمات، سينهار التنظيم، وسيخسر أكثر من نصف مقاتليه، وسينشق صفه بين فئة تصر على استمرار القتال، حتى آخر مقاتل، وفئة أخرى تحبذ الانسحاب، حفاظًا على القوات، والتمس بأمل المواجهة التالية.. ولكن الفئة القتالية ستنتصر فى الخلاف الداخلى، وستقنع المقاتلين أن الانسحاب عار وفسق وفجور، فيحصد التحالف الدولى مقاتلين أكثر وأكثر، ويتواصل القتال، حتى الانسحاق الكامل للتنظيم.. والمشاهد التى سيطالعها العالم -عندئذ- هى لطوابير الأسرى من الدواعش، واحتفالات المناطق المحرّرة، وعصبية كل التنظيمات المتأسلمة المتطرّفة، التى شنت حربًا على الحضارة الإنسانية كلها، دون أن تستعد لهذا استعدادًا ممنهجًا.. سيكون قانون البلطجة، وستكون شريعة الغاب الوحشية الشرسة، فى مواجهة الحضارة بنظمها وحساباتها واستراتيجياتها، ونظم معلوماتها.. كل هذا لم يكتب فى التاريخ بعد.. فتابعوه.
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>