أقامت مؤسسة بيت الوادي للدراسات العلمية والنشر والتوزيع مؤخرا لقاءً لتكريم الفنان التشكيلي والناقد البارز عز الدين نجيب، جرى خلاله منحه درعا تذكاريا تقديرا لدوره في إثراء الحركة التشكيلية ومشواره الفني الممتد.
وتحدث عز الدين نجيب في اللقاء الذي أداره الكاتب الصحفي والناقد محمود عبد الرحيم عن محطات رئيسية في حياته شكلت مساره المهني، وشخصيات كانت داعمة له في مشواره الفني مثل سعد كامل ورمسيس يونان وثروت عكاشة.
وحكي كيف أن الفترة الناصرية التي تتهم بالانغلاق وتكميم الأفواه، كانت ذهبية للفن والثقافة، فحين زاره وكيل وزارة الثقافة وأخفى هويته، عند بداية عمله في قصور الثقافة، وسأله عن تقييم عمله وانتقد بحدة الوضع، فوجئ به يعرفه بنفسه، ويرقيه، بدلا من أن يعاقبه.
وأضاف أنه حين نشط في التفاعل مع الجمهور العادي، وجرى كتابة تقارير أمنية عنه، ورأى فيه محافظ كفر الشيخ خطرا، لم يتم اعتقاله لأنه فنان، وبالنسبة لعبد الناصر كما علم من ثروت عكاشة، فإن الفنانين خط احمر، ويجب إعطاؤهم مساحة للحركة بدلا من عقابهم، بينما في عصر السادات جرى اعتقاله مرتين وفي عهد مبارك اعتقل مرة على خلفية موقفه من قضايا فلاحية كرفع ايجارات الأراضي الزراعية، وكيف سخر الضباط منه في السجن حين علموا أنه فنان حاصل على منحة تفرغ، واعتبر هذا نوعا من "الاستنطاع"، لأنهم لم يستوعبوا ما معنى التفرغ للعمل الفني.
وأسهب عز الدين في حكايات المعتقل وكيفية ممارسة ضغوط على الادارة بالاضراب عن الطعام، وعن رفاق الزنزانة احمد فؤاد نجم والشيخ امام وصلاح عيسي وحسين عبد الرازق وزين العابدين فؤاد.
كما تحدث بفخر عن تجربة ادارته لقصر ثقافة كفر الشيخ وقوافل الفن والتوعية الثقافية والسياسية التى كانت تجوب القرى والنجوع.
وكشف أن عبد الناصر هو صاحب مشروع قصور الثقافة لنشر الوعى والتنوير بين جموع الشعب وليس ثروت عكاشة كما يظن كثيرون، حيث كانت الثقافة لدى الزعيم الراحل ركيزة أساسية لمشروعه السياسي والتنموي، وليست ديكورا كما هي الآن، أو شيئا مزعجا كما كان يعتبرها السادات.
وعبر عز الدين نجيب عن تشاؤمه إزاء مستقبل الثقافة والفن في مصر، ورأى أن الحركة التشكيلية تعاني مثل بقية فروع الثقافة من مأزق حقيقي، لا يدرى أحد كيف الخروج منه، خاصة مع محاولات السلطة عزل المثقف عن واقعه وعن الجماهير، وعزل المثقف ذاته، أو الدوران في فلك السلطة التى ينتقدها ثم يرتمي في حظيرتها.
واعتبر ان المثقف المصري يعاني أزمة هوية وتناقضات، ولم يحسم مواقفه من أمور عديدة، وأن البعض راجع نفسه من قضية كالتطبيع بعد ضعف الحاضنة الشعبية لهذا الموقف الصلب، وانخراط النظام في العلاقة مع إسرائيل، لأن موقفه لم يكن مؤسسا عن قناعة.