وضْع الأحزاب الآن لا يسر أحدًا.
فالكل مرتبك وليس لديه ما يعطيه فى الحياة السياسية والحزبية.
يسعون إلى تحالفات ثم يخلعون منها.
فبات واضحًا أن السعى إلى المصلحة الشخصية عند الأحزاب أو قل مَن يسيطرون على تلك الأحزاب أهم من مصلحة الوطن ومستقبل الأمة، ودعكم من الشعارات التى يرفعونها.
فالتجربة الحزبية حتى الآن ضعيفة وشابها الفساد السياسى، خصوصا تلك الأحزاب التى كانت تدين بالولاء والطاعة للحزب الوطنى الفاسد، بحثًا عن «لقمة» لقياداتها، سواء بالتعيين فى البرلمان أو بتسهيل الحصول على الخدمات الشخصية من أراضٍ وتسهيلات وغيرها، فضلا عن أن تلك الأحزاب هى أحزاب أنابيب خرجت عن طريق أجهزة نظام مبارك.
وبالطبع كانت هناك أحزاب خرجت من رحم ثورة 25 يناير، وكانت تعتقد أن هناك فرصة سياسية للتحول الديمقراطى، لكنها صُدمت بواقع سياسى مرير وآثار السنوات الطويلة الماضية من الفساد تمنع تقوية تلك الأحزاب الناشئة.
وحاول حزب الإخوان الذى خرج بعد ثورة 25 يناير مستغلاًّ الظرف السياسى، السيطرة ووراثة الحزب الوطنى بنفس الطريقة والمنهج فى التعامل السياسى ومحاولتهم لشد البلاد إلى الخلف، وجعل الوطن عزبة خاصة يشرف عليها مكتب إرشاد الجماعة، وعندما طردهم الشعب شر طردة بعد فشلهم وفسادهم فى الحكم تحولوا إلى جماعة إرهابية لتخريب البلاد واستعانوا بكل الجماعات التى خرجت من عباءتهم لإرهاب المجتمع، فما زال هناك حتى الآن أحزاب دينية تتاجر بالدين وتدَّعى الإسلام وتسعى لخوض انتخابات البرلمان، رغم أنها شاركت فى إفساد الحياة السياسية مع الإخوان، وشاركوا فى دستورهم الطائفى، بل كانوا وقودًا للإخوان وحائط صد لهم ومناعة أمام الناس الذين كشفوهم وفضحوا ادعاءاتهم فى النهاية.
وذلك خلافًا للأحزاب القديمة التى كانت تسعى إلى إصلاح ديمقراطى فى بداية إنشائها، لكنها تحولت فى النهاية إلى خادمة لنظام مبارك، وذلك مقابل خدمات خاصة لرؤسائها الذين تحولوا من سياسيين إلى رجال أعمال وأصحاب مصالح، فلم يثق فيهم الشعب، فشاركوا فى الفساد السياسى لنظام مبارك وحزبه الوطنى الفاسد الساقط، لكن يبدو أن أحداث ثورة 25 يناير شجعتهم على «الإنكار» وحاولوا غسل سمعتهم، ومع هذا فشلوا فى التصدى للإخوان ما بعد ثورة يناير، بل هناك من ذهب إليهم ودخل فى شراكة معهم وتحالفات من أجل الحفاظ على المصالح الشخصية لقيادات تلك الأحزاب!
وبعد أحداث 30 يونيو ادَّعوا أنْ كان لهم دور فى تلك الأحداث والثورة على الإخوان -تضليلًا- ومن ثم طالبوا بتقسيم التورتة عليهم.
وهناك من يطمع فى أن يرث الإخوان الآن، ويكون له اليد الطولى فى التأثير على القرار السياسى بادعاءات كاذبة وتافهة، وبالأموال مرة أخرى، والتى أفسدت الحياة السياسية فى عهد مبارك، وهذه المرة تحديدًا لا أحد يعرف مصدر تلك الأموال، خصوصًا فى أحزاب بقايا الحزب الوطنى.
ولأننى أحبذ الصراع السياسى بين الأحزاب من أجل الديمقراطية وكشف وفضح السياسات الفاشلة، ومن أجل بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة، بعد سنوات طويلة من القهر والاستبداد والديكتاتورية والفساد والفاشية إلا أن ما يحدث على الساحة السياسية والحزبية لا يبشر أبدًا بأى أفق فى بناء دولة مؤسسات حقيقية نتيجة لصراع سياسى حقيقى، وإنما الأحزاب تعمل لصالح فئة قليلة جدا ممن يقودونها ولطموحهم الشخصى، حفاظًا على المصالح والأموال التى استطاعوا أن يجنوها بتبعيتهم لنظام مبارك الفاسد.
ومن ثم فشىء طبيعى أن لا تصل تلك الأحزاب، خصوصا التى تدَّعى أنها كبيرة، إلى أى تحالفات لخوض البرلمان القادم الذى يعد الأخطر بالفعل فى بناء مستقبل البلاد.
لكن يبدو أنه ليس هناك أى دور للأحزاب فى بناء هذا المستقبل، وإنما كل السعى للمصالح الشخصية.
ومن ثم نرى أيضا كيانات غريبة وعجيبة تحاول أن تفرض نفسها على الساحة، من ادعاءات استقلالية، أو جبهة أو حركة وطنية، وهى كلها «ملطوطة» ولكنها تحاول أن تغسل سمعتها بالمشاركة فى الانتخابات والبحث عن تحالفات.
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>