المتابع تصرّفات وردود أفعال المتطرفين المتأسلمين لا بد أن يدرك على الفور الخلل فى منطقهم وأسلوب تفكيرهم، وتقييمهم للأمر..
فكل شىء لديهم يُكال بمكيالين، والفعل الواحد هو سلبى وإيجابى فى نفس الوقت! وتقييم الأمر عندهم يخضع لقاعدة واحدة لا غير، قاعدة مختلة ككل ما فيهم، فكل ما هو فى صالحهم صحيح، وكل ما هو ضدهم خطأ! فلو أنهم فعلوا فهو صحيح، حتى ولو كان كذبا وغشا وتزييفا وتزويرا، وحتى ترويعا وتعذيبا وقتلا.. وما يفعله غيرهم (وهو الفعل ذاته)، فهو خطأ، حتى ولو كان قانونيا وإسلاميا وإنسانيا..
هذا لأنهم ليسوا أصحاب مبادئ كما يدعون، وليسوا مدافعين عن الإسلام، الذى هو برىء من كذبهم وغشّهم وخداعهم ونذالتهم وخيانتهم، وشراستهم ووحشيتهم..
فى يناير قالوا إن الثورة على النظام الأسبق قد أفقدته شرعيته..
ثم ثار الشعب عليهم فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣م، وبأضعاف أضعاف ما حدث فى يناير ٢٠١١م، لكن ولأن الثورة ضدهم، قالوا إن خروج الشعب لا يفقد النظام مشروعيته! الثورة الشعبية على غيرهم صحيحة إذن، وعليهم خاطئة.
فى يناير ٢٠١١م قبلوا بانضمام الجيش إلى الشعب، وهلّلوا له، لأنه جاء ليزيح نظاما يحول بينهم وبين خطتهم للاستيلاء على السلطة..
ثم زوّروا، وزيّفوا، وتحايلوا، وتبلطجوا على نصارى مصر، حتى يفوزوا بالسلطة عنوة..
فلما فازوا بها، تغطرسوا وتعالوا، واستبدوا وطغوا وعادوا الشعب كله، وسعوا لأخونة الدولة، وطمس هويتها، فثار الشعب عليهم، وانضم الجيش إلى الشعب، تماما مثلما حدث قبلها بعامين ونصف العام..
لكنهم لم يقبلوا هذه المرة، لأن الجيش انضم إلى الشعب ضدهم وليس معهم! وحتى هذه اللحظة يصرّون على أن خائنهم هو الرئيس الشرعى، على الرغم من أننا لو طبقنا ما ينادون به كمبدأ، لكان مبارك هو الرئيس الشرعى، فقد تم خلعه بنفس الوسيلة والأسلوب..
وهم يملؤون الدنيا صراخا وكذبا وعويلا وخداعا، مدعين أن الدولة تسجنهم، لأنهم يختلفون معها فى الرأى، ناسين أو متناسين أنهم يزرعون القنابل فى كل مكان، ويقتلون الأبرياء والشيوخ والأطفال، لأنهم يختلفون معنا فى الرأى، وفى أسلوب ممارسة العقيدة! أن يسجنوا للاختلاف فى الرأى جريمة إذن، ولكن أن يقتلونا للاختلاف فى الرأى أمر عادى، بالنسبة إلى وحوش مختلة مثلهم! عندما كان خائنهم على مقعد السلطة، مربوطة أطرافه بخيوط الماريونيت، التى يمسك بها مرشده، أقصى الشعب المصرى كله، واكتفى بأهله وعشيرته..
واليوم يصرخون ويولولون من فكرة الإقصاء، ويستنكرونها بشدة!
خلل عجيب، والأعجب منه أنهم لا يرونه، بل يتصوّرون أنهم على حق! هذا لأنهم لا يؤمنون بالمبادئ، وبأنه لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يدها، بل تركوا أنفسهم للشيطان، الذى أقنعهم بأنه لو سرق المتأسلم المتطرف منهم تركوه، ولو سرق غيره أقاموا عليه الحد..
هذا لأنهم دوما يكيلون كل الأمور بمكيالين..
ولأنهم مختلون..
جدا.
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>