بعد الثورة أقصد «25 يناير» مباشرة، قالوا لفاروق حسنى احتفظت بموقعك فى الوزارة 23 عامًا، لأن الست كانت راضية عنك؟ فأجابهم: غضبت منى فى السنوات الثلاث الأخيرة من الحكم، لأننى عارضت التوريث، فلم تعد المياه صافية بيننا.
ملحوظة: أدلى فاروق بهذا التصريح فور نجاح الثورة، ولكنه لم يعد يشير الآن إلى أى مساحة من الخلاف بعد أن تغير المؤشر إلى الدفاع عن مبارك وسوزان.
هل تتذكرون بأى سلاح كانوا يهاجمون عمرو موسى عندما أعلن ترشحه للرئاسة؟ عيَّروه بالتسجيل الذى أجراه معه الكاتب الصحفى سليمان جودة عندما سأله عن مبارك رئيسًا.. فقال سوف أمنحه صوتى، وعندما سأله عن جمال قال: شاب طموح وليه لأ؟!
طيب انسى كل ده، ألم تكن الصحافة والإعلام لا همَّ لهما سوى هذا السؤال، ما رأيك فى جمال مبارك رئيسًا؟ بماذا تفسر اقتراح الإعلامى والصحفى عماد أديب بالخروج الآمن لمبارك؟ ألم تكن تعنى خروج مبارك الأب مع وافر التقدير والاحترام ليصبح هو الزعيم الروحى ويترك لمبارك الابن فرصة الدخول الآمن لاعتلاء كرسى الحكم فى ظل وجود الأب حتى يضمن إحكام قبضته على كل مفاصل الدولة؟
كانت جحافل المؤيدين جاهزة وتقف على الباب، فلا تصدقوا على الأقل 80% من المثقفين والإعلاميين والفنانين والصحفيين الذين يعلنون الآن رفضهم التوريث، إذ كانوا دائمًا ما يرددون «نحن ضد التوريث» ولكنها الديمقراطية، لماذا نحرم جمال حقه فى الترشح؟ كانت الخطة هى فى إيجاد منافس لجمال يحصل على حدود 10% من الأصوات ليتم تمرير اللعبة المكشوفة.
الماضى القريب، بل القريب جدا لم يكن يشى سوى بشىء واحد، هو أن الابن قادم، وهكذا كان المصريون يدعون ببقاء الأب، لأنه المانع الوحيد لكابوس قدوم الابن. هل أزيدكم من الشعر بيتًا وأذكركم بحكاية البلح، فى شهر رمضان 2009 قررت الدولة اختبار المشاعر بإطلاق اسم جمال على أجولة بلح رمضان ووضعوا اسم الوريث على أفخر أنواع البلح، وكان الغرض هو تأكيد أن الابن له مريدوه فى الشارع.
خُذ هذه أيضًا: بأىّ صفة كان يذهب جمال مبارك إلى احتفالات الأقباط الدينية، إلا لضمان رضاء الكنيسة، فى وقت كان فيه البابا شنودة لديه ولاية سياسية على أغلب الأقباط على أساس أن البركة تحل على المطيعين؟! بالطبع لا تزال للأب تواضروس الولاية، ولكن ليست بنفس الشدة، فهناك أصوات من الشباب تفصل بين الانتماء الدينى والخضوع للكنيسة، وهذا التيار صار يشكل الآن نسبة لا يستهان بها.
كان السؤال الصعب والترمومتر الذى تقيس به الدولة درجة الولاء هو الموقف من الوريث، وكتبت مقالا عنوانه «سلاح التلميذ فى منهج المعارضة اللذيذ» بتاريخ 8 أكتوبر 2010 فى «الدستور الأصلى الورقى» ولا يزال متوفرًا على النت، المقال يتناول معالجة ساخرة للإجابة النموذجية التى يكررها الفنانون والمثقفون وهى «لا تقل توريثًا ولكن قل جمال مبارك مواطن مصرى له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات ولا يوجد ما يمنعه من التقدم للترشح»، ثم ينتقلون للحديث عن بوش الأب والابن، متجاهلين أن بينهما كلينتون، كان الأب هو الرئيس رقم 41، بينما الابن رقم 43، وكانت هناك منطقة عازلة بين الرئيسين.
راجع برامج الفنانين قبل أربع سنوات فى الفضائيات التى لم تكن تتناول إلا شيئًا واحدًا وهو التوريث، والكل كان يعرف أن المطلوب هو التأييد، والحد الأدنى المسموح به هو ليه لأ والصندوق يحكم.
عادل إمام كان هو بالطبع الأعلى صوتًا فى الدفاع عن التوريث، والدولة كلها فى السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك لم يكن يشغلها سوى التوريث، على ماذا يراهن مبارك الأب بإنكاره ضلوعه فى تمرير ملف التوريث؟ هل ينتظر فقدانًا جماعيًّا لذاكرة المصريين؟
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>