عارف لو كانت الأم سمّت التوائم الثلاثة «أحمد وعيد وعبد الملك» مثلا لأصبحت الأمور متزنة، هناك أُمّ أخرى ربما فى المدينة نفسها كانت قد سمّت التوائم «محمد وحسنى ومبارك»، هنا أيضا يبدو الأمر عادلا، فالبويضة واحدة ومن المعروف سلفًا أن عيد هو عبد الملك وأن حسنى هو مبارك والحكاية فى بيتها طول الوقت، وفى شارعنا كان هناك ثلاثة أطفال «محمد أسامة، محمد أنور، محمد عكاشة».
وحسب عادة المصريين فى حذف اسم محمد ومناداة الشخص باسم والده صار الأطفال الثلاثة شلة واحدة فى حد ذاتها حتى يومنا هذا، لأن أسماءهم تشكل جملة مفيدة «أسامة أنور عكاشة». لكن الأم التى أنجبت فى أسيوط ثلاثة توائم وسمتهم «السيسى، محلب، عادل» لا تعرف أنها قد ظلمت «عادل» إلى الأبد.
لقد أصبح عادل شخصًا لا مستقبل له داخل حدود هذه الأسرة، سيكبر ويعرف أن البويضة عندما انقسمت خرج منها من يحمل اسم رئيس جمهورية واسم رئيس حكومة وشخص ثالث ظلوا يفتشون له عن اسم مهم يكمل الدائرة لكن دون فائدة، والأم معذورة بلا شك، فهكذا تبدو مصر حاليا، السيسى ومحلب ومواطن لا يعرف أحدًا غير هذين الاسمين لينقل إليه همومه ومشكلاته واستغاثاته وأحلامه، كلنا عادل.
لكننا كبار بما يكفى لتفهم الوضع والتعامل معه، لكن الأطفال حين يشبون قليلا عن الطوق ويفهم كل واحد مرجعية اسمه سيصبح الأمر مربكا، ميزانية البيت لن تسمح بشراء لعبة لكل طفل، عليهم أن يختاروا واحدة تناسبهم جميعًا، سيطلب السيسى وقتها تفويضًا من عادل لإتمام المهمة، ولن يعترض محلب بطبيعة الأمر، فالبيت فى حالة حرب ضد فكرة أن يُحرم الجميع من شراء اللعب لظروف المعيشة الصعبة (هتاكلوا أمكم يعنى؟).
وإذا حدث وامتلكت الأسرة سيارة على قد الحال تتسع كنبتها الخلفية للأشقاء الثلاثة فلن يجلس عادل يومًا إلى جوار الشباك، وإذا اتسع له مرة حجر والدته الطيبة فلن تتكرر بعد أن يخط شنبٌ ما فى وجهه، ستضيق الغرفة عليهم وسيقترح السيسى على الأسرة مشروع تقفيل البلكونة لتصبح غرفة لن يسمح لعادل بدخولها، لكن قد يسمح له بالاستثمار فيها، قد يتبرع السيسى بنصف مصروفه لصالح الأسرة، لكن فى أقرب عيد أم ومن أجل شراء هدية قيمة سيكلف السيسى شقيقه محلب أن «يلم من عادل» عشان نجيب هدية لماما، لن يشاهد عادل فى التليفزيون ما يرضيه أو يعبر عنه، فلن يُعرض فى صالة المنزل سوى البرامج التى ترضى السيسى فقط، سيعانى عادل كثيرًا وربما يفقد أعصابه كطفل ضاق ذرعًا بإخوته فينطح كل واحد منهما روسية قاتلة، سيبتلع محلب إهانة عادل، لكن من المؤكد أن السيسى لما يكبر هيضربه.
حضرة الأم الفاضلة، حمدًا لله على سلامتك وحفظ الله أطفالك وجعلهم قرة أعين لكم جميعًا، وسلامى لـ«عادل».
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>