مع مرور الزمن تنسى الفيلم ويتبقى غالبًا مشهد أو أكثر يُصبح هو الدلالة على أنه كان هناك فيلم، وتتساوى فى هذا الشأن الأفلام الجيدة والرديئة، لأن التذكُّر ليس خاضعًا فقط للذكريات السعيدة، بل كثيرًا ما نكتشف أن الذكرى السيئة تحتل جزءًا لا يُستهان به من الذاكرة.
«عمر وسلوى» أحد أفلام العيد صعد ثالثًا فى دُنيا الإيرادات بعد «الجزيرة 2» و«واحد صعيدى»، سوف يتبقى من الفيلم مشهد متكرر لن تنساه، إنه تلك الصفعات التى انهالت بها صوفينار على خد محمود الليثى الذى صار متخصصًا فى الغناء الشعبى وفى تلقى الضربات وكأنها تميمة النجاح والحافز للجمهور لقطع التذكرة، فى كل الأفلام التى رأيت فيها الليثى لا يخلو الأمر من تكرار لهذا المشهد، ولا تفرق معه مَن الذى أو التى تصفعه من لطفى لبيب إلى سعد الصغير وصولًا إلى دينا، ومنها إلى صوفينار، أحدث ورقة أو إن شئت الدقة هزّة يتم اللعب بها فى سينما السبكى.
الاسم ترديد لفيلم أنتجه السبكى بأجزائه «عمر وسلمى» لتامر حسنى ومى عز الدين وكأنها عودة إلى قيس وليلى أو جميل وبثينة أو طرزان وشيتا، اختر أنت الإجابة الصحيحة، المنتج حضوره ملحوظ فى كل أفلامه، فهو كثيرًا ما يمنح المطربة بوسى العديد من الفرص كممثلة، ولديه قناعة ينفّذها مخرجوه بضرورة توفّر بوسى فى الأفلام، وهكذا أصبحت تحتل مساحات من فيلم إلى آخر، وفجأة تتحوَّل فى «عمر وسلوى» إلى بطلة، رغم أنها لا تمتلك موهبة فن الأداء، السبكى أيضًا لديه قناعة مفرطة بأن كريم محمود عبد العزيز هو أحدث صيحة فى عالم الكوميديا ويدفع به من فيلم إلى آخر، كريم فى الحقيقة ورث موهبة التمثيل عن والده، ولكنه لم يرث شيئين، الأول نجوميته والثانى منهجه فى الأداء الكوميدى، وتستطيع أن تلمحه أو تلخّصه فى كلمة واحدة الجدية، محمود عبد العزيز يتعامل مع شخصية دراميًّا ولا يلجأ أبدًا إلى التهريج، راجعه مثلًا فى أفلام مثل «الشقة من حق الزوجة» أو «الكيف» وقبله «العار»، وتحفته «الكيت الكات» ودوره الأثير الشيخ حسنى، ستجد أمامك فنانًا جادًّا، ولهذا ينثر البهجة فى ثنايا الفيلم.
لا أريد من كريم أن يصبح صورة من والده فهو ابن زمن مختلف، ولكن أتحدّث عن المنهج الفنى.
تستطيع أن ترى فى «عُمر وسلوى» فريقين، جزءًا جاذبًا للجمهور متوفرًا فى صوفينار والليثى وخلفهما القوة الكوميدية الضاربة الراحل يوسف عيد، تلمح عيد وهو يتحرَّك وفقًا لاجتهاداته الشخصية فى خلق الضحكة وتوصيلها مجانًا إلى قلوب الجماهير، حتى أصبح وكأنه ارتباط شرطى، يوسف متوفر فى المشهد إذن فإن الضحكة آتية لا ريب فيها، ولا تنتظر من صوفينار سوى زيادة فى معدلات الرقص والاهتزاز تتجاوز ما دأبنا على التعامل معه فى كل الأفلام منذ ظهورها الأول فى «القشاش»، أضافت هذه المرة طبقًا لنظرية الشىء لزوم الشىء، تلك الصفعات التى انهالت بها، وبلا رحمة، على خد الليثى.
الفريق الثانى فى الفيلم وهو تلك المجموعة التى يقودها كريم ومعه بوسى، ومن الخلف تقف كل من بدرية طلبة وعلاء مرسى، وهنا تبدأ معدلات الضحك فى التناقص، فهو فريق الطرد الجماهيرى، حيث تجد قسطًا وافرًا من النكت يصل بك إلى مرحلة التقزز، خصوصًا تلك التى تتبادلها بدرية وعلاء، وليس من اللائق أن أكررها مجددًا.
لا أستطيع أن أحاسب المخرج الجديد تامر بسيونى الذى قرر أن يعمل وفقًا للسوق، المؤكد أنه لا يملك الانتقاء، إلا أن الفنان حصيلة اختياراته وأيضًا تنازلاته، ومن الواضح أن المخرج قرر أن يقضيها تنازلات.
الفيلم لا يزال قادرًا على المقاومة فى دار العرض بعد نفاد العيدية، وحتى آخر هزة وصفعة من صوفينار!!