
1
«صيد الأشباح» هو اسم عملية تنسيق مخابراتية تجمع الجزائر والمغرب لمواجهة وتفكيك خلايا «داعش». وهذا أول تعاون بين «الجارين الأعداء» فى إطار مجموعة تضم دولا أخرى بينها تونس وأمريكا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا. ومهمتها تبادل المعلومات حول شبكات التجنيد وتتبع مساراتها التى تبدو شبحية.
الشعور بالخطر من «داعش» وصل «المغرب» بعد الصدمات الأولى «المشرق»، التى تنسق أمريكا فيه مجموعة أخرى تضم مصر والسعودية والإمارات وقطر والأردن.
ورغم اختلاف نوع الخطر بين دول المغرب والمشرق فإنهما يلتقيان فى الإدارة الأمريكية للحرب على «داعش» واستدعاء الدول المحورية صاحبة الأدوار القديمة للتصدى، حتى إن الوفد الليبى الذى يزور القاهرة وبجناحيه المدنى (رئيس مجلس النواب) والعسكرى (رئيس أركان الجيش الليبى) كاد يطلب من السيسى «التدخل العسكرى»، وهو ما عثرت له على صياغات صحفية مثل «إعادة بناء الجيش الليبى».
ولم يعرف إلى أى مدى يمكن أن يتورط الجيش المصرى فى المتاهة الليبية، ولا بحدود المطلوب من مصر على أجندة شبكات «صيد الأشباح» الدولية والإقليمية.
المعروف حتى الآن أن السيسى أعلن عن وجود تنظيم اسمه «دالم» (أى الدولة الإسلامية فى ليبيا ومصر) باعتباره أحد تنظيمات «داعش» الممتدة بحضور فرانكشتاينى مثير للرعب والغموض.
السيسى أعلن عن «دالم» فى إطار لقاء إعلامى هدفه امتصاص الإحباط من تحول الكهرباء إلى «أزمة وجودية» للدولة كلها.
2
الأشباح.. تسلل إذن بمصاحبة «أزمات الوجود»..
بما يعنى أن «داعش وشقيقاتها» ضرورة «للدفاع عن الدولة».. دفاعها ضد محاولات إصلاحها أو إعادة تأسيسها أو حتى إنقاذها من عفن الفساد والاستبداد.
كما أن «الدولة» أو «أطلالها» لا تملك سوى قوة متآكلة فى مواجهة الأشباح الذين يعملون الآن بنسخة «داعش» لكنهم لن ينتهوا معها ولو تعددت التحالفات والتنسيقات بين المخابرات والحشد العسكرى.
فالأممية الإسلامية لم تولد بعد الشقوق التى أحدثتها «الثورات» على الاستبداد الجمهورى.. لكنها ولدت من أفكار تحولت إلى أساطير وعى النرجسية الجريحة الساعية إلى «مجد» ملقًى فى دروب الماضى وينتظر «إيقاظه» و«صحوة» أهله.. هذه الأساطير مغناطيس المحبطين من العالم الحديث ودراويش الهويات القاتلة وأصحاب الخيال الجامح فى عنفه الوحشى وأيضا مرتزقة حروب الجهاد أو الطبعة الإسلامية من ميليشيات الخلاص.
هذه الخلطة استدعتها أطراف اللعب فى المنطقة لتدمر أو تخلل العروش الجمهورية والجيوش التى تحولت إلى قبضات حديدية فى يد مهاويس الأحلام الإمبراطورية.
وكما استدعت الطبعات القديمة من «داعش» لإسقاط «ملوك» الجمهوريات حتى تجمع «الصديد الجهادى» فى كيان «داعش» تستدعى اليوم «الجمهوريات الجريحة» للحرب على الأشباح.
3
لماذا تسقط الجمهوريات وحدها؟
بمعنى ما، لماذا ينال الهجوم فقط من دول النظام الجمهورى ولا يقترب غالبا من الممالك والإمارات وكل الأنظمة الملكية؟
«داعش» لم تدخل عالمنا من الممالك التى كانت تعتبر موطن «الرجعية العربية» بشقيها المحافظ والأكثر ميلا إلى الحداثة لكنها دخلت من الجمهوريات التى سعت إلى بناء نظام «دولة حديثة» يتحرر من سطوة حكم العائلة والقبيلة والدماء الزرقاء (الملكيات الدستورية) أو السوداء (انتماء إلى ممالك البترول)..
وهذه علامات على أن استقرار «الرجعية» فى مكامنها يستدعى «رجعية أكثر عنفا» ويكون الحل فى النهاية تقوية الجانب «الرجعى» من الجمهوريات أو تحويله إلى «رأس الحربة» فى تطهير المتاهات العربية من الأشباح.
هنا «المؤامرة» أكبر من مظهرها البسيط ومن صنع «المنقذين» أو المواجهين لآثارها قبل مدبريها أو أشباحها ومن ينظر إلى صناع «داعش» الغامضين سيرى أنهم يقفون الآن خلف «طاردى الأشباح» الذين يعوّل عليهم فى عملية صيد «داعش» نفسها.
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>