فى تبريره لاكتفاء أمريكا ببعض الغارات الجوية وعدم إرسال جنود على الأرض للقتال ضد «داعش»، يقول الرئيس الأمريكى أوباما، إنه يريد أن تفهم دول المنطقة أن أمريكا لن ترسل أبناءها للدفاع عن المنطقة التى ينبغى أن يدافع عنها أهلها!!
كان يمكن أن يكون هناك شىء من المصداقية لكلام الرئيس الأمريكى، لو أنه لم يتحدث فى نفس الوقت عن سعى أمريكا من خلال الحرب لتأكيد زعامتها للعالم!! وهو ما يعنى أن الرجل يريد زعامة بلا ثمن وحربًا يخوضها له الآخرون!
وكان يمكن أن يكون لحديث أوباما شىء من المصداقية لو أنه يتحدث باسم دولة أخرى غير تلك التى غزت العراق اعتمادًا على سلسلة من الأكاذيب، ثم قامت بتدمير الدولة والقضاء على جيشها، ثم تسليمها لنفوذ إيران ولحكم الطوائف الذى كان مخططًا له من البداية أن ينتج «داعش» وأخواتها، وأن يقود المنطقة على طريق الحرب المذهبية والطائفية تمهيدًا لتقسيمها من جديد!
وكان يمكن أن يكون لحديث أوباما شىء من المصداقية لو أن غزو بلاده للعراق لم يؤد إلى قتل مليون عراقى، ولو أن سياسة بلاده تجاه سوريا لم تؤد إلى قتل مئات الألوف من السوريين، وإلى تحويلها إلى بؤرة لعصابات الإرهاب من «داعش» إلى «النصرة» إلى غيرها.
وكان يمكن أن يكون لحديث أوباما شىء من المصداقية لو أن بلاده لم تكن وراء إنشاء «داعش» كما دعمت من قبل إنشاء معظم المنظمات الإرهابية، بدءًا من «طالبان» إلى «القاعدة» حين كانت تؤدى المهمات المطلوبة منها ولا تتجاوز الخطوط الحمراء المحددة من أمريكا وأجهزة مخابراتها والدول الحليفة والعميلة لها فى المنطقة.
وكان يمكن أن يكون لحديث أوباما شىء من المصداقية لو أنه امتلك شجاعة الاعتذار عن موقف إدارته التى راهنت على «الإخوان» ودعمت حكمهم وحاولت «عقاب!!» مصر، لأنها أسقطت حكمهم الفاشى، ولأنها تصدت لإرهاب كاد يسيطر على سيناء ويحيل مصر إلى قاعدة ارتكاز يسيطر من خلالها على الدول العربية. تصدت لإرهاب الإخوان وحلفائهم، بينما كان أوباما يمنع السلاح ويقطع المعونة، وتعلن إدارته -حتى اليوم- أنها ما زالت لا تعتبر «الإخوان» ضمن المنظمات الإرهابية وإن كانت تعتبر «حماس» ضمن هذه المنظمات وهى تعلن جهارًا نهارًا أنها فرع لـ«الإخوان»!!
وكان يمكن أن يكون لحديث أوباما شىء من المصداقية، لو أنه فسر سر السكوت على «داعش» وهى تقتل وتذبح فى سوريا، ثم وهى تسيطر على ثلث العراق، وتفعل ما فعلته بالمسيحيين والإزيديين.. ثم كيف انتفضت إدارته عندما اقتربت «داعش» من كردستان العراق وهددت القاعدة الأمريكية والمصالح الأمريكية البترولية هناك؟!
وكان يمكن لحديث أوباما أن يكون له أى قدر من المصداقية، لو أنه كشف لنا لماذا يحتاج إلى دول العالم ولثلاث سنوات كاملة حتى يقضى على «داعش» التى لا يتجاوز أفرادها الثلاثين ألفًا بأقصى تقدير عند المؤسسات العسكرية والاستخباراتية فى أمريكا؟! وكم سيحتاج للتعامل مع باقى المنظمات التى أطلقها علينا.. لتعيث فى الأرض العربية فسادًا، ولتنفذ مخططات استنزاف العرب وإخضاعهم للتبعية وتحويلهم -مرة أخرى- إلى مناطق للنفوذ الأجنبى، وتقسيم بلادهم، واقتسام ثرواتهم؟!
واقع الأمر أن الرئيس أوباما يعرف أكثر من غيره أن أمريكا تخوض حربها الخاصة، ولكنها تريدها حربًا بالوكالة.. تحقق فيها مصالحها، ويدفع غيرها كل الفواتير!! وأظن أن العرب دفعوا على مدى السنين السابقة نصيبهم من هذه الفواتير ويزيد.. ما بين أوطان تم تدميرها، وثروات تم نهبها، وملايين تم قتلها أو تشريدها. أما آن الأوان لنقول: كفى!!
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>