جرت العادة فى الدول الغربية على التقييم الأوَّلى للرؤساء فى الحكم بعد قضاء مئة يوم، وطبعًا هذه مدة قصيرة جدا للتقييم ولكنها فى النظم الديمقراطية تعتبر مؤشرًا لاتجاهات الأداء والخطوط العريضة للأفكار المطروحة من الحاكم، ومدى الجدية فى التحرك نحو تطبيق برنامجه الانتخابى. أما فى دولة خارجة من ثورتين وفوضى زادت على ثلاث سنوات وما زالت آثارها باقية فإن التقييم بعد مئة يوم سيكون بكل المقاييس أقل موضوعية، ومع هذا فإننا نستطيع أن نلقى بعض الضوء على مؤشرات التفكير للرئيس الجديد، وأيضا نعرض مؤشرات الاختبار الحقيقى لحكمه التى ستخضع للتقييم الدورى من المتخصصين بعد كل عام من رئاسته. فى تقديرى هناك مؤشرات إيجابية وتوجسات سلبية بعد مئة يوم من حكم السيسى.
بالنسبة للمؤشرات الإيجابية هناك تحسن تدريجى ملحوظ فى عودة الأمن والاستقرار إلى الشارع المصرى، وهناك جدية وسرعة وحماسة فى تحركات الرئيس، وهناك طموح قومى يتمثل فى طرح عدد من المشاريع العملاقة التى أتمنى أن تكون قد تمت دراستها من جميع جوانبها، وهناك خطاب وطنى أكثر حميمية ارتفع بسقف الأمل لدى الشعب، وهناك إحساس لدى المواطن بوجود زعيم قوى وإرادة سياسية وطنية للتغيير، وهناك اهتمام باحتياج مصر لاستشارة علمائها تمثل ذلك فى تأسيس المجلس الاستشارى لعلماء مصر، وهناك الخطوات الشجاعة التى اتخذت مثل رفع الدعم جزئيا عن الطاقة وتنظيف وسط مدينة القاهرة من الباعة الجائلين ووضع سقف للحد الأعلى للأجور فى الجهاز الحكومى بـ42 ألف دولار شهريا، وأيضا التوجه نحو روسيا لفتح صفحة جديدة توازن العلاقات المصرية الأمريكية، وكذلك دور مصر الفاعل فى التعامل مع أزمة غزة. من الإيجابيات أيضا تحسن تدريجى فى أداء الاقتصاد المصرى، رغم التحديات الجسام التى تواجه مصر، وهناك لقطات إنسانية أثلجت صدر الناس مثل زيارة الرئيس للفتاة المغتصبة وبعض اللقطات الإنسانية الأخرى.
من الناحية المقابلة هناك توجسات ومخاوف لدى الناس، يتصدر هذه الهواجس الخوف على الحريات العامة والشخصية، وتوجس من ناحية دولة القانون، وتوجس من ارتفاع نغمة التخوين الوطنى، وتوجس من استمرار الفساد الضارب فى عمق هيكل الدولة، والخوف من عودة الاستبداد، وتوجس من عودة مافيا الحزب الوطنى، وتوجس من سيطرة المؤسسة العسكرية على مقدرات البلاد، وتوجس من عودة التيار الإسلامى عبر ما يسمى بالمصالحات أو من خلال إحلال السلفيين محل الإخوان أو عبر المزايدة الدينية من الدولة على التيار الدينى، كما كان يحدث فى عهد مبارك، وتوجس من تقليص دور المجتمع المدنى، نظرا إلى ظروف السفر والعلاج، أستأذنكم فى إجازة قصيرة، على أن أعاود الكتابة عقب عيد الأضحى بإذن الله، أعاده الله عزّ وجلّ عليكم وعلى المؤمنين جميعًا باليمن والخير والسلام والبركات.
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>