سياسة البطء هى المسيطرة على الحالة المصرية حتى الآن.
ولعل ذلك يعيد الذاكرة إلى أيام مبارك، الذى كان يتسم بالبطء الشديد، واستمر على ذلك إدارة حكم المجلس العسكرى، الذى لم يحسم الكثير من القضايا، والذى أدى فى النهاية إلى انتكاسة ثورة ٢٥ يناير، وسطو الإخوان على الحكم.. وما تبع ذلك من محاولة السيطرة على الدولة وتفكيكها لصالح التنظيم.
أيضا كانت هناك حكومة عصام شرف، التى تسلمت إدارة البلاد بعد الثورة، واتسم أداؤها بالبطء الشديد فى اتخاذ القرارات، وساعد ذلك أيضا على إجهاض ثورة ٢٥ يناير، والدخول فى انقسامات شديدة عطلت البلاد كثيرًا.. ونحن نعانى حتى الآن من تلك الفترة.
ويبدو أن البطء استوطن كمرض فى الإدارات التى تحكم البلاد، ولا يزال البطء مسيطرًا حتى الآن.
فحتى هذه اللحظة لم يحسم الرئيس عبد الفتاح السيسى -الذى جاء إلى الحكم بشعبية كبيرة وبشعبية ٣٠ يونيو التى أطاحت بالإخوان- مسألة فريق عمله الرئاسى، على الرغم من مرور أكثر من ١٠٠ يوم على وجوده فى قصر الاتحادية «مقر الحكم».
وأيضا لم يتم حسم الانتخابات البرلمانية.
إى نعم.. هناك رفض لتأجيلها، كما يطالب بعض الأشخاص وبعض الأحزاب، لكن على المستوى الواقعى ليست هناك أى بوادر قريبة لإجراء تلك الانتخابات على الرغم من أهميتها، باعتبارها الاستحقاق الثالث لثورة ٣٠ يونيو بعد الدستور والرئيس.
فهناك أحزاب تعترض على قانون الانتخابات نفسه.. ولا أحد يرد عليها، فضلا عن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، والذى لا يعرف أحد مصيره.. أو يعرف الأمر فى يد مَنْ، من أجل أن يصدر!!
ولعل عدم حَسْم الانتخابات البرلمانية يؤجل الكثير من المؤسسات التى وضعها الدستور، ومرتبطة بوجود البرلمان الذى ينشئها ويشرف عليها.
أيضا على مستوى قضايا الخدمات، ليس هناك حسم فى كثير من الأمور، ولعل ما يحدث فى الكهرباء هو دليل على ذلك، فليست هناك أفق حاضرة لدى إدارة الحكم لحل المشكلة بشكل سريع، على الرغم من تأثير الأزمة على كل نواحى الحياة، من الناس، والمصانع، وكل الخدمات.
وخذ عندك أيضا، ما طُرح منذ أشهر عن تغيير المحافظين، ولكن هناك بطئا شديدًا حتى الآن.. والصورة ضبابية، وليس هناك قرار حتى الآن.
وكل فترة يخرج علينا مسؤول ليدعى أسبابا وهمية لتأجيل حركة المحافظين!!
وبالطبع هناك تأثير لتأجيل تغييرات المحافظين على الشارع والخدمات.. فأصبحت المحافظات فى حالة ترهل وكسل رهيب من المسؤولين، وغياب تام من المحليات فى ممارسة عملها، وما زالت حالة الإهمال مستمرة فى الشوارع بما فى ذلك القاهرة والجيزة، والتعدى على حق الدولة وحق المواطنين، كما يجرى فى الشوارع الآن، فضلًا عن حالة المخالفات المستمرة، ولا أحد يحاسب أحد، فالكل فى انتظار التغيير الذى لا يأتى.
وهناك من المسؤولين الذين لا يريدون تحمل المسؤولية واتخاذ قرارات حاسمة، خصوصًا فى المحليات، انتظارًا لما يأتى!
إى نعم، هناك بعض الحسم للرئيس، خصوصا فى المشروعات الكبرى، مثل قناة السويس، أو الحديث عن الطرق الجديدة، لكن الإطار العام ما زال بطيئًا.
لقد أدت سياسات البطء خلال السنوات الماضية إلى الإحباط فى الشارع، أدى إلى ثورة ٢٥ يناير.. ولم يتفهم الإخوان ذلك ولم يستمعوا إلى الشارع فى طلبه للتغيير.. فزاد الإحباط منهم.. فكان مصيرهم العزل.
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>