ما دور رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى فى أن التليفزيون سوف ينتج 10 مسلسلات وطنية؟ ماذا لو كانت اجتماعية أو بوليسية أو رومانسية؟ أليس من حق الرئيس أن يدلى أيضا بدلوه ويدعمها؟ ربما تقول لى: فى الوطنيات نلجأ إلى الرئيس، أرد وأقول: وهل الوطن صار الرئيس والرئيس هو الوطن؟ هل هذا يليق بشعب أزاح رئيسين وقام بثورتين؟ أشم فى هذه الدعوة رائحة نفاق للرئيس.
أشار الزميل محمد طه أمس على صفحات «المصرى اليوم» إلى أن التليفزيون ينتظر موافقة السيسى على إنتاج 10 مسلسلات وطنية، والتصريح منسوب إلى الرجل الأول حاليا فى «ماسبيرو» رئيس الاتحاد عصام الأمير.
كل الشواهد تؤكد أن تدخل رئيس الجمهورية فى مثل هذه الأمور حق يراد به باطل، المسؤول يريد دعما ماديا ولوجيستيا من الدولة للإنتاج، وهذا لن يأتى إلا من خلال جلسة مع الرئيس وصورة تجمعهما تتناقلها الفضائيات ودور الصحف، فتكتشف بعدها أن كل الأجهزة فى مصر تفتح أبوابها على مصراعيها وتأخذه بالأحضان، لو عايز مليون حيقولوا معقولة يا راجل خذ مية! ألم نسأل أنفسنا: لماذا عشرة مسلسلات دفعة مرة واحدة؟ ألا يكفى مسلسل واحد، أم أن هناك جيشا من المنتفعين ينتظر إشارة البدء.. أقصد إشارة الهبش؟
ثم الأهم، دعنا ننظر ماذا أنتجت الدولة دراميا بما تبقى لها من أموال خلال السنوات الثلاث ونصف السنة التى أعقبت ثورة 25 يناير؟ لا شىء له قيمة سوى أن هناك عددا من الكُتاب والمخرجين صاروا غير مطلوبين ولن يجدوا سوى أحضان مال الدولة، فقرروا أن يقتنصوا هم وأزواجهم وزوجاتهم وأقاربهم وأصدقاؤهم أعمالا درامية قالوا وقتها إنها أيضا حبا فى مصر، فكان النتاج فضائح فنية فى حق مصر رفضت كل الفضائيات المصرية والعربية عرضها لتدنى مستواها، وتم تبديد ما تبقى من مال الدولة.
فى أثناء حكم المجلس العسكرى فى عهد أسامة هيكل، قرر الوزير الأسبق إنتاج نحو 30 أغنية وطنية، أيوه 30 خبط لزق، وتشكلت لجنة واكتشفت أن أغلب أعضاء اللجنة من الشعراء والملحنين، وحتى يُصبح زيتهم فى دقيقهم كتبوا هم ولحنوا هم، ولولا الملامة لتولوا هم أيضا مسؤولية الغناء، ومن حسن الحظ أن التجربة لم تكتمل لأننى قرأت بعض تلك الأغنيات فوجدته يبدو كأنه خرج على المعاش، كلمات تجاوزها الزمن، ولو قُدر لها أن تخرج للنور لدخلت مباشرة الأرشيف باعتبارها غير صالحة للتعامل مع مشاعر وذوق الناس، إنه وجه آخر لإهدار المال العام مهما هتفت فى كلماتها بحب مصر.
تعودنا أنهم يقفون دائما على أبواب المسؤولين، أتكلم عن هؤلاء الذين ينتظرون إنتاج الدولة بعد أن صاروا خارج أجندة الحياة الفنية، لأنهم لم يملكوا أسلحة للتطور مع الزمن.
ما دخل رئيس الجمهورية فى الإنتاج الدرامى الوطنى فى تليفزيون الدولة؟ وهل مسلسل مثل «ذات» الذى أنتجته إحدى شركات القطاع الخاص فى رمضان قبل الماضى لا يعد رصدا اجتماعيا وسياسيا ووطنيا لتاريخ مصر خلال 60 عاما؟ ولم يطلب دعما من السيسى.
ألا تعلم عزيزى القارئ أن الدولة قبل 15 عاما أنتجت بمساعدة القوات المسلحة فيلما يدعى «حائط البطولات» عن حرب أكتوبر المجيدة، نعم هناك ملابسات حول حسنى مبارك ودوره فى عدم خروج الفيلم للنور، لأنه يتناول سلاح الدفاع الجوى وقائده المشير الراحل محمد على فهمى، حيث كان الخطاب السياسى فى زمن مبارك قد اختصر الحرب فقط فى الضربة الجوية وسلاح الطيران، لقد أتيح لى مشاهدة الفيلم وهو ردىء على المستوى التقنى، فقير فى اللغة السينمائية، وتعنت مبارك فى عرضه صحيح بالطبع، ولكن الصحيح أيضا أن الفيلم صنعوه لمجرد أكل العيش... أَبعِدوا السيسى عن «سبوبة» مسلسلات حب الوطن!!
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>