«بريد 2»
.. وفى المحنة الثانية تغير الوضع، حيث إن الغلبة بكل أنواعها كانت للمسلمين فى كل الميادين فكيف يمكن شق صفهم ويغرق المسلمون! فلم يكن أفضل من التناحر على السلطة والكرسى فى الأندلس (يريد دراسة منفصلة). أما محنة المسلمين الأخيرة فقد بدأت مع بزوغ إسرائيل فى المنطقة بمساعدة العرب من أجل أن تُحدث فيهم ما يحدث الآن.. وقد تجلت تلك المحنة بعد «25 يناير» وظهر لدى المسلمين جميعا فى البلدان العربية رغبة فى تولى الحكم، حتى «المكسَّح» منهم والأعمى والأطرش والأهبل، وما أكثرهم، وكل هذا يحدث باسم الدين، فتحول الدين من عنصر قوة يعتز به معتنقه، ويتحرك فى الدنيا وهو سعيد بدينه.. فتحول هذا الدين على يديهم إلى عنصر قتل وذبح وحرق وتخريب، وهل يريد الاستشراق أكثر ذلك؟ حيث نجد أحدهم يقول: أنا خايف كرهكم للإخوان يوصلكم لكرهكم للإسلام. بالطبع لم يكن يحلم أهل الاستشراق بأن يصلوا إلى تلك النتيجة المبهرة من تحول الإسلام من نقطة دفع وقوة إلى عنصر ضعف يخاف عليه معتنقوه ويتركون ممارسته وتحقيق غايته ألا وهى تعمير الأرض بالعلم والروح (الدين) فتحول العلم إلى عدو، وانقسم المسلمون إلى فرق أكثر من فرق الدورى، والكل يقتل والكل يذبح والكل يكفِّر... هل كان الاستشراق يحلم بأكثر مما يحدث، حيث إنه يعيد «سايكس بيكو» عينى عينك دون أى إحراج أو خجل لأن السادة العرب لا يتميزون عن البقر فى شىء، لأن خطة إنهاء العرب تمضى على قدم وساق حيث يراد منهم تحويلهم إلى «ك ص»، أى كومبارس صامت ليس له معنى أو قيمة لكن وجوده مهم حتى يصبح للعمل الفنى معنى وقيمة (وكذلك العالم..) أى أن الهدف ليس إفناء العرب، وإنما الغرض هو إخصاء عقلى للعرب كى يبقوا كالأنعام. أليس نابليون هو القائل لحارسه فى محبسه «لو لم أترك مصر لما كنت هنا»؟ والرئيس الأمريكى هو الذى صرّح بأن مصر هى رقبة العالم مَن ملكها فقد ملك العالم؟ وأن عمرو بن العاص هو القائل عندما استتب له الأمر فى مصر «إن حكم مصر يوازى خلافة»؟ لذا لم نجد الخليفة -أى خليفة- يُولِّى مصريا -أى مصرى- ولاية أى منطقة خارج مصر.. بل لم يوجد مصرى يتولى حكم مصر خوفا من أن يستقل بحكم مصر ومن ثم تضعف دولة الخلافة.
إن قوة مصر تعنى قوة الدول الباقية، وإضعاف مصر يعنى إضعاف باقى الدول العربية والإسلامية. نفهم من هذا كله أن الولاء للبلد يُوجِد الولاء للدين، أى أننى لو عندى ولاء لمصر فلن أفسد شوارعها عن طريق رمى الزبالة أو أستخدم آلة التنبيه بطريقة شيطانية (هل تعلمون لم الحمار صاحب أنكر الأصوات؟) أو أن أتعدى على حرمة الشارع بأى صورة والإسلام يؤكد ذلك.. وأنا لو عندى ولاء لمصر فلن أغش، والإسلام يؤكد ذلك، ولو أن عندى ولاء لمصر فسأعمل على أن أكون إنسانا ناجحا فعالا فى المجتمع والإسلام يطلب ويؤكد على ذلك، ولو أن عندى ولاء لمصر فسوف أكون إنسانا ناجحا وفلاحا شاطرا وصنيعيا مميزا وتاجرا أمينا وموظفا ملتزما وسياسيا مخلصا وكاتبا فاهما، وإسلامنا يؤكد ويطلب منا ذلك.
<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>