صدر حديثاً عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة الشاعر مسعود شومان، ضمن سلسلة آفاق عالمية رواية "جاك القدرى" للكاتب دُونى ديدرو ترجمة وتقديم حسن عبد الفضيل.
عرفت رواية "جاك القدرى" Jacques le Fatalists طريقها أولاً عبر اللغة الألمانية قبل أن تعرفه فى اللغة الفرنسية، فقد ترجم شيللر عام 1785 الجزء أو الحلقة المتعلقة بالسيدة "دولا بوميراى"، تحت عنوان "إنتقام امرأة" لجريدة تالى وقد استقاها شيللر من نسخة السيدة دالبرج، ونشرت عام 1792، ترجمة ألمانية للرواية تحت عنوان "ياكوب وسيدة ، بواسطة ميليوس، وذكر المترجم إن "جاك وسيدة" واحد من أكثر أعمال ديدرو قيمة فى سلسلة أعماله الأدبية غير المنشورة.
وفى الواقع، إذا ما تناولنا الرواية بالتفصيل فسنجد أنها تبدأ بقصة السيدة دولا بوميراى التى تقبلها الجميع كعمل خارج النسق، حيث أنها تستحوذ على ربع الراوية، وفى الأرباع الثلاثة المتبقية يتناول الكاتب قصة الأب هودسون، وهى قصة "لصقة ديجالان" وقد احتلت مساحة متميزة جداً فى المقطوعات المختارة بعناية شديدة بالغة التدقيق من السيد جنان ، أما مقطوعات "فارس دوجيرشى"، لوبلتييه، وجوس، ومدبر منزل السيد سان فلورنتان، وفارس سانت- اوان, فتأخذ حيزاً متميزاً جداً، وليس من الطبيعى أن تصدم أكثر المدققين. فالسيد لوبلتييه رجل قديس طاهر، وإذا كان فارس سانت- اوان رجلاً مختالاً، فإن القديس والمحتال شخصيتان حقيقيتان بالفن والمسرح.
كما هى دائما عند ديدرو مفعمة بالحيوية والحس الرفيع, ويتبقى إذن, زُبدة العمل، وربع العمل الذى خصصه المؤلف بنفسة لتقليد ستيرن، أو بالأحرى للتقليد الساخر له.
ونجد فى هذا الربع حكايتين أو ثلاثاً قصاراً, وهى حكايات رشيقة بشأن الحكايات التى نثرها المؤلف- نوعاً ما- فى كل أعماله، حتى فى كتابه "الصالونات" ولسؤ الحظ، فجرأة الحديث هذه كامنة فى شخصية ديرورب بل فلنقل أنها كامنة فى مجتمع عصره كله تقربياً, الذى لم يكن مهذباً على الإطلاق على نفس شاكلة عصرنا، على الرغم من أن جريبيون الإبن قد تكفل بتلقينه فن التورية. وقد مثلت الرواية عام 1850م تحت عنوان "جاك القدرى, فى قالب مسرحية "فودفيل" ذات فصلين.