ايجى ميديا

الأربعاء , 1 مايو 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

جمال فهمي يكتب: وقائع موت مواطن

-  
جمال فهمي

قبل أسابيع قليلة أحيت روسيا ببذخ الذكرى المئة وعشرة لوفاة أديبها العظيم أنطون تشيكوف (21 يناير 1860 ـ 15 يوليو 1904).. وأستأذن القارئ الكريم أن أشارك الشعب الروسى والبشرية كلها فى إحياء هذه الذكرى، تاركًا باقى سطور زاوية اليوم لواحدة من أجمل وأروع حكايات تشيكوف (موت موظف) التى على قِصَرها المتناهى المشابه لحياة مبدعها (عاش 44 عامًا ومات بداء السل)، فإن مغزاها الإنسانى العميق وطرافتها المذهلة يصنعان تحفة درامية نادرة وغير قابلة للنسيان.. فهيا إلى الحكاية:


ذات مساء رائع كان «إيفان» الموظف البسيط الذى لا يقل روعة، جالسًا فى الصف الثانى من قاعة مسرح البلدية.. وبينما هو فى قمة المتعة، فجأة -وكثيرًا ما تقابلنا هذه الـ«فجأة» فى القصص كما فى الحياة- تقلَّص وجهه، وزاغ بصره، واحتبست أنفاسه وانحنى و... آآتش!! عطس الرجل كما ترون.


والعطس ليس محظورًا على أحد فى أى مكان، إذ يعطس الفلاحون والموظفون ورجال الشرطة، بل وحتى الوزراء والكبراء ومن هم أكبر منهم.. الجميع يعطس، لذا فلم يشعر «إيفان» بأى مشكلة، لكنه كأى شخص مهذّب نظر حوله ليرى لو كانت عطسته أزعجت أحدًا ممن حوله، وتسرَّب الحرج إلى نفسه عندما رأى عجوزًا يجلس أمامه فى الصف الأول يمسح صلعته ورقبته، ولسوء الحظ فقد تعرَّف «إيفان» على العجوز.. إنه الجنرال «بريزجالوف» يا للكسوف، هكذا حدَّث نفسه، وتابع قائلًا: إنه ليس رئيسى فى العمل، لكنه جنرال مهم وقد بللته وأزعجته ولا بد أن أعتذر إليه.. تنحنح «إيفان» ومال بجسده كله على كرسى العجوز وهمس فى أذنه:


عفوًا يا صاحب السعادة.. لقد بللتكم.. لم أقصد..


لا مافيش حاجة.. مافيش حاجة..


أستحلفكم بالله يا افندم تقبّل اعتذارى.. فلم أكن أريد..


أوه، من فضلك خلاص.. اسكت بقه.


زاد حرج «إيفان» وافتر ثغره عن ابتسامة بلهاء وأعاد ناظريه إلى خشبة المسرح، لكنه لم يعد يرى شيئًا فقد تبخَّر إحساسه بالمتعة وبقى مشغولًا بعطسته التى أزعجت الجنرال، وفى الاستراحة بحث عنه بين جمهور النظارة فلما وجده اقترب منه وأخذ يتسكّع حوله إلى أن استجمع شجاعته أخيرًا وكرر مرة أخرى:


اعذرنى يا صاحب السعادة لقد بللتكم دون قصد و.......


أووه، كفاية بقه أرجوك زهقت.. قلت لك خلاص، مافيش حاجة..


لم يصدق الموظف أن الجنرال ضرب صفحًا عن العطسة وقال لنفسه: يقول خلاص، بينما الغضب والخبث واضحان فى عينيه.. ربما يظن أننى كنت أتعمَّد البصق عليه، لا بد أن أوضح له الحقيقة بأى طريقة.


عاد لبيته وحكى لزوجته ما جرى وصارحها بظنونه ومخاوفه، ورغم أنها ارتاحت قليلًا لحقيقة أن الجنرال ليس رئيس زوجها فإنها نصحته بالاستمرار فى محاولة توضيح الأمر للرجل المهم، وبالفعل لم يكذب صاحبنا خبرًا وقام فى الصباح وارتدى أفضل ثيابه ومر على الحلاق قبل أن يذهب مباشرة إلى مكتب الجنرال العجوز، وفى حجرة الاستقبال وجد حشدًا من الزوار انحشر بينهم حتى حانت الفرصة وصار أمامه وجهًا لوجه فأنشأ يشرح له، قائلًا:


- بالأمس فى المسرح، لو تذكرون يا صاحب السعادة، عطست و... بللت سيادتكم عن غير قصد.. أكرر أعتذر.....


يا الله.. ما كل هذه التفاهة (قالها ومضى إلى زائر آخر).


تشوش عقل «إيفان» وراح وجهه يشحب بسرعة خارقة، بينما هو يحدّث نفسه قائلًا: هذا العجوز القاسى لا يريد أن يسمع.. إنه غاضب بشدة على ما يبدو.. لا بد أن أتصرَّف..


وكان تصرُّفه أن انتظر حتى غادر آخر زوار الجنرال، ثم هرول خلفه وهو يردّد بصوت ينضح باليأس والذل:


يا صاحب السعادة.. يا صاحب السعادة، أرجوك اسمعنى فأنا إذا كنت أتجاسر على إزعاجكم فذلك لأننى أشعر بالندم فقد صدر عنى البارحة -بدون قصد- شىء محرج وغير لطيف.. لهذا أرجوكم المغفرة.


لست أصدق والله العظيم.. يا رجل لا بد أنك تهزل أو تسخر (قالها الجنرال وهو يختفى خلف باب مكتبه).


تفاقم رعب واضطراب الموظف البائس، ومع ذلك كان يسأل نفسه وهو فى طريقه للبيت: أيّة سخرية هذه التى يتحدَّث عنها؟!.. جنرال طويل عريض ولا يستطيع أن يفهم مقصدى؟! إذن ما دام الأمر كذلك فلن أعتذر مرة أخرى إلى هذا المتغطرس وليكن ما يكون، سأكتفى برسالة أكتبها إليه وخلاص.


غير أنه لم يكتب الرسالة، بل أعاد الكرة فى اليوم التالى وذهب من جديد إلى الجنرال فى مكتبه، فلما التقاه عاجله بالقول:


يا افندم جئتكم بالأمس وأزعجتكم، لا لكى أسخر منكم -حاش لله- وإنما فقط لكى أعتذر وأوضح لسعادتكم أننى عطست فى المسرح تلك الليلة غصبًا عنّى و.....


زأر الجنرال زئيرًا عظيمًا وصرخ هاتفًا وهو يدق بقدمه بعنف على الأرض:


اخرج من هنا.. اخرج فورًا وإلا...


فى هذه اللحظة تمزَّق شىءٌ ما فى صدر الموظف، وخرج إلى الشارع يجرجر رجليه جرًّا وهو لا يكاد يرى أو يسمع أو يحس بما يجرى حوله، وعندما وصل آليا إلى المنزل رمى بجسده على الكنبة فورًا و.. مات.


<iframe src="http://tahrirnews.com/random.php" style="display:none"></iframe>

التعليقات