أكد سيد محمود رئيس تحرير جريدة "القاهرة" الجديد حرصه على بلورة صيغ مهنية جديدة تعبر عن الفضاء الثقافي العام، لتصبح هذه الجريدة التي تصدرها وزارة الثقافة هي "الإصدار الثقافي" المعتمد في المجال العربي، والمحيط الحيوي للدولة.
وأضاف سيد محمود في تصريح له أن "القاهرة" في ثوبها الجديد لا تزعم السعي لتثقيف القارئ، بل صداقته، وتضع في بؤرة سياستها التحريرية، انها لن تنجح الا عندما تعي "تماما" أنها "سلعة ذات طبيعة خاصة"، لـ"زبون" ينتظر منها "طبخة محترمة" لها مذاق جامع ومتنوع معا، وأنها لن تنجح كـ"رسالة"، إذا فشلت في أن تكون "سلعة مرغوبة".
وأوضح أنه سيعتمد في تكوين فريق العمل الذي سيعاونه على من يمتلك "حرفية الصحافة" أولا، لا على مثقفين/ مبدعين، يعملون في الصحافة، وستنطلق الرؤى المهنية للجريدة من الجمع بين العمق والسلاسة/ البساطة، والإنضباط بقواعد مهنة الصحافة لتضع في اعتبارها الأثر الذي خلقته تجارب مؤثرة مثل ملحق "الأهرام" في ظل رئاسة لويس عوض، أو ملحق "المساء" مع عبد الفتاح الجمل.
وشدد سيد محمود الذي يعتبر من مؤسسي مجلة "الأهرام العربي" على أن "القاهرة" تدرك في نفس الوقت، أنها إحدى وسائل الدولة، بدوائرها الحضارية وتراكماتها التاريخية، الدولة المصرية كفكرة عامة متجددة، لا النظام، وانها ليست مجرد صحيفة تسعى لأن تكون مؤثرة، وأن أحد أدوارها الأساسية هو دعم جوهر مصر التاريخي، "بوتقة حضارية"، فكل رموز النهضة، تقريبا، أتوا من تربات مجاورة أو جارة، لكنها لم تكن، كلها، صالحة لإنباتهم، وأثمروا في مصر وحدها، وهو ما جعل لمصر قوة ناعمة نرى أنها أحوج ما تكون لاستثمار هذا الدور في الراهن لا اعتزازا بنعرة قومية متعصبة وانما انطلاقا من الايمان بالدور التاريخي القائم على صيغ الحوار والتفاعل والتأثير.
وقال سيد محمود إن "القاهرة" ستسعى للتعبير عن تنوعات قوس قزح الثقافة في المنطقة العربية، والمحيط الحيوي للدولة، عامة، بالتوازي مع قوس قزح المشهد الثقافي المصري، بالمفهوم الواسع لمفردة "ثقافة"، لمحاولة إستعادة محورية القاهرة كنموذج ثقافي فاعل في دوائرها الحيوية، ومحليا، بشكل خاص، ستضغط "القاهرة" لدعم فلسفة وزارة الثقافة، المعبر عنها في المنظومة الثقافية الشاملة بحيث يتم تعزير العقل النقدي، ودفعها لتوزيع عادل للمنتج الثقافي، بما يحترم التنوع الحضاري الوطني.
وأكد أن "القاهرة" ستتذكر دائما ان نظرتها للثقافة يجب ان تظل شاملة، كنمط حياة، وسنعمل على اعادة النظر في السياسات التحريرية الحالية بشكل شامل، في التبويب والاهتمامات والاخراج الفني وكتاب المقالات الثابتة لكونهم غير قادرين على التفاعل مع القارىء الذي أفرزته الثورة، وهذا الأمر يتطلب استدعاء أسماء لها ثقلها للكتابة في الصحيفة وتخصيص أعمدة ثابتة للكتاب والفنانين الشباب، لأن وجودهم سيكون ضمن استقطاب جمهور جديد، على ان يركزالمحتوى على تعميق ثقافة الاستنارة وفضح الفكر الظلامي وتأكيد قيم المواطنة والتسامح الفكري ومواجهة التعصب والانغلاق بكافة أشكاله لتتحول الصحيفة إلى فضاء لإنتاج الأفكار الخلاقة من مختلف الأجيال لتجاوز المأزق الحالي، إلى جانب التركيز على الجانب الخدمي في التعريف والمساعدة على تسويق المنتج الثقافي في مختلف اشكاله.