وقالت د. أمل صقر مدير تحرير دورية اتجاهات الأحداث أن زاويا الدورية المختلفة تتنقل بين محاولة استكشاف أبرز القضايا والتوجهات الحديثة المؤثرة على المنطقة العربية، ومعرفة آراء بعض الخبراء في أسئلة مثيرة ومحيرة تثير فضول القراء والمراقبين أيضاً، وتبرز أهم ما يشغل المناطق الحيوية في العالم من إشكاليات وقضايا شكلت محور الاهتمام والتحرك الرئيسي لصانعي القرار ومراكز الفكر في كل من آسيا وأفريقيا وروسيا وأمريكا اللاتينية.
وتستهل الدورية عددها الثاني- وفقا للدكتور صقر - بافتتاحية يناقش فيها الدكتور محمد عبدالسلام، المدير الأكاديمي لمركز المستقبل، الإشكاليات المتعلقة بـ "التفكير الدفاعي" باعتباره أبرز مدخلات التعامل مع التهديدات المتنوعة المؤثرة على الإقليم في المرحلة الحالية.
وفي محاولة أكاديمية علمية رصينة، يقدم الدكتور نصر عارف، المستشار بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بدولة الإمارات العربية المتحدة وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، دراسة تحت عنوان: (الدويلات!.. التحول من "عصبية الدولة" إلى "دولة العصبة" في المنطقة العربية)، يحلل ويرصد فيها العملية التي تم من خلالها ظهور بعض الكيانات العرقية والطائفية والدينية المتطرفة التي بدأت تتشكل على أنقاض بعض الدول العربية الكبرى، والتي لا يتوقع لها الاستمرار كدويلات لفترات طويلة، وهي لا تخرج عن ثلاثة أنماط رئيسية تعيد استنساخ التاريخ الإسلامي في أضعف حلقاته، وهي: كيانات قبلية عرقية تعيد إنتاج الشعبوية التي صيغت نهاية الدولة الأموية، وكانت سبباً في انهيارها، وكيانات طائفية مذهبية تعيد إنتاج خطاب الفتنة الكبرى بين الإمام علي ومعاوية بكل مفرداته وأفكاره وحججه ودعاويه، وكيانات فوضوية ثورية تعيد إنتاج نماذج الخوارج والقرامطة والزنج والحشاشين بكل أبعادها، حيث العنف للعنف والثورة للثورة.
وحول أبرز التساؤلات التي يصعب الإجابة عنها، تثير الدورية في بابها المعنون "آراء المستقبل"، ثلاث قضايا إشكالية كبرى، فتحت عنوان "ماذا تريد قطر؟"، يقدم الأستاذ يوسف الديني الكاتب بصحيفة الشرق الأوسط، رؤيته حول هذا التساؤل التي تتعدد النظريات لتفسيره. فيما يبحث الدكتور عمار علي حسن، الباحث في علم الاجتماع السياسي، قضية أساسية تدور حول مستقبل "الإخوان المسلمين"، ويسعى منصور النقيدان، مدير مركز المسبار للدراسات والبحوث بدبي، إلى الإجابة عن تساؤل مهم هو: هل يمثل الليبراليون "مشكلة تالية" في الخليج؟
ومن باب الآراء إلى باب التحليلات، يقدم هذا العدد من "اتجاهات الأحداث"، مجموعة من القضايا المتنوعة والظواهر والاتجاهات الحديثة، حيث تحتل قضايا الصراعات والأمن حيزاً جوهرياً في التفاعلات العربية والإقليمية.
وفي هذا الصدد يضم العدد تحليلات معمقة تتناول كلاً من: "النزاعات المفتوحة .. سلسلة حروب غزة التي لا تنتهي"، للباحث محمد جمعة، و"الميليشيات المسلحة .. عودة ظاهرة القوات غير النظامية إلى المنطقة العربية" للواء الدكتور محمد قشقوش، و"حروب الدرونز.. لماذا لا تنهار التنظيمات الإرهابية بعد اغتيال قياداتها؟" للباحثة آيات عبدالعزيز، فيما تناقش الدكتورة أمل صقر المعوقات الأربعة التي تمنع نشوب حرب مذهبية شاملة في منطقة الشرق الأوسطـ، وتتناول الأستاذة سماح عبدالصبور ظاهرة تصاعد الإرهاب الرقمي وأنماط استخدام الجماعات المسلحة وسائل التواصل الاجتماعي كتوجه برز بشدة خلال الفترة الأخيرة.
ويشتمل العدد أيضاً على قضايا اقتصادية واجتماعية وتكنولوجية، حيث يتناول إيهاب خليفة بروز جيل رابع من الشبكات الاجتماعية باعتباره تحولاً قادماً يغير من أنماط وأهداف المستخدمين لهذه الشبكات. وتناقش الأستاذة هالة الحفناوي التداعيات المصاحبة لتنظيم الفاعليات الضخمة Mega Events، حيث تبرز من واقع الخبرات الدولية المكاسب المؤكدة لتنظيم أحداث كبرى مثل كأس العالم أو الأولمبياد أو الإكسبو، وتحذر من الآثار الجانبية والتداعيات غير المقصودة التي قد تصاحب استضافة الدولة لمثل هذه الفاعليات.
وبالنسبة للقضايا والأبعاد الاقتصادية، تقدم الدكتورة علا السيد تحليلاً حول تنامي ظاهرة استخدام ملايين الأفراد حول العالم لما يطلق عليه "العملات الافتراضية"، والتي لاتزال لها مخاطر عديدة حتى الآن، فيما تناقش الأستاذة إيناس عبدالله، ظاهرة تصاعد تدخل الدولة في الاقتصاد والتنمية باعتباره توجهاً صاعداً على مستوى دول العالم منذ الأزمة المالية العالمية 2008. وأخيراً يحلل الأستاذ إبراهيم الغيطاني التهديدات الجيواقتصادية المؤثرة على مستقبل صناعة النفط في بلدان الصراعات العربية، وأبرزها حالات ليبيا واليمن وسوريا والعراق.
ويأتي قسم "كيف يفكر العالم الثاني؟" ليبرز اتجاهات الفكر وحركة السياسة في مناطق ودول مهمة بالعالم وفقاً لباحثين ومتخصصين من هذه المناطق، حيث يناقش العدد ظاهرة "انقلاب التحالفات" الإقليمية والدولية في منطقة شرق آسيا، وسياسات روسيا المختلفة في التعامل مع الأزمة الأوكرانية، وظاهرتي الإرهاب ووباء الإيبولا باعتبارهما من أكثر الأحداث المؤلمة التي تمر بمنطقة غرب أفريقيا، وسبل ومعوقات التعاون الإقليمي في أمريكا اللاتينية والكاريبي على المستوى القاري والعالمي.
وتضم الدورية قسماً خاصاً يتناول أبرز توجهات الرأي العالمية السائدة حالياً حول اتجاهات التغيير في منطقة الشرق الأوسط، من خلال رصد وعرض موجز لأهم ما تداولته مراكز الفكر والبحث العالمية في هذا الصدد.
وفي هذا السياق أيضاً جاء عنوان ملحق "تقرير المستقبل" تحت اسم (الإعصار.. دول الشرق الأوسط تواجه تهديدات "بقاء")، ليقدم ثلاثة موضوعات تتناول رصداً وتحليلاً لأوضاع دول الشرق الأوسط من واقع بعض المؤشرات العالمية، وهي مؤشر السلام العالمي ومؤشر الدول الهشة ومؤشر العنف والصراع السياسي، والتي تبرز جميعها أن منطقة الشرق الأوسط هي الأقل سلماً والأكثر اضطراباً والأشد خطراً من بين مناطق العالم المختلفة.
أخيراً، يناقش ملحق "مفاهيم المستقبل"، الأبعاد الجديدة في التعامل مع مفهوم "الجوار Neighborhood في الشؤون الدولية، فعلى الرغم من قدم هذا المفهوم ووجود العديد من المقولات القديمة في التعامل معه في تراث الشعوب، فإن هناك حاجة لإعادة التفكير فيه، لاسيما في ظل تزايد الاهتمام بالجوار بأنواعه وأشكاله المختلفة، سواء من قبل الدوائر الأكاديمية أو السياسية، إذ أصبح التعامل مع "الجوار" في بعض الحالات من متطلبات حفاظ الدولة على بقائها، وفي حالات أخرى، تحول إلى جزء من القضايا الداخلية التي تؤثر على الاستقرار في الدولة. ويناقش الملحق أربعة أبعاد لمفهوم الجوار تثيرها التطورات الحالية التي تشهدها المنطقة، يتمثل البعد الأول في المشاكل التي أصبحت تثيرها دول الجوار المباشر، أي الدول التي تقع مباشرة على الجهة الثانية من خط الحدود، سواء أخذت صورة الاجتياح البشري، أو بسبب انتقال أزمات الدول المجاورة إلى داخل الدولة، أو نتيجة تحول الدولة الجار إلى دولة فاشلة أو متصدعة.
وينصرف البعد الثاني إلى المخاطر والتهديدات العابرة للحدود التي أصبحت تطرحها مناطق الحدودborder areas ، حيث أصبحت هذه المناطق من القضايا الضاغطة على صناع القرار، لاسيما في حال كون الدولة التي تقع على الجهة الثانية من مناطق الحدود دولة ضعيفة، مما يجعل هذه المناطق بيئة جاذبة للجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة.
كما يناقش الملحق مفهوم دول "جوار الجوار"، والذي يتعلق بالدول المجاورة للدول المجاورة، والتي أصبحت على درجة عالية من الأهمية بالنسبة لصانعي القرار، وربما تفوق في أهميتها الدولة الجارة، لاسيما في حالة الدول التي لديها طموح بلعب دور إقليمي مؤثر.