هذا المقال موجّه إلى شباب الإخوان، الذين انشغلت قلوبهم بالكراهية، واشتعل فيهم حماس الرغبة فى البطولة، والتهبت نفوسهم بالعداء لوطنهم، متصورين أنهم بهذا يعلون دينهم.
بغض النظر عن انتماءاتكم، فأنتم شباب.. شباب يحيا فى زمن يختلف عن الزمن الذى عاش ونشأ فيه آباؤكم وأجدادكم.. زمن يختلف حتى عن الزمن الذى تحاولون إعادة الدنيا إليه.
الله سبحانه وتعالى، عندما خلق هذا الكون، وضع له مجموعة من القوانين والقواعد الأساسية لتجعل كل شىء موزونا بإذنه تعالى.. وعبر تاريخ العالم كله، لم ينجح مخلوق واحد، مهما بلغت قوته، ومهما بلغ بأسه، فى كسر هذه القواعد، تحت أى مبرر كان.. ومن أهم هذه القواعد الأساسية، أن الدنيا تسير كالتاريخ.. دومًا إلى الأمام.. تنمو.. وتتطور.. وتتقدم.. وجعل كل من يتبع قاعدته يعلو، حتى وإن كان كافرًا، وكل مَن يخالفها ينهزم ويندحر، حتى ولو ملأ الإيمان قلبه.. هذا لأن الأساس فى الدنيا هو الأساس نفسه فى الزمن.. كلاهما يتحرك إلى الأمام.. دومًا إلى الأمام.. وعندما ينزل الله جلّ جلاله دينًا، فهو ينزله وفقًا للقواعد نفسها.. أن تتقدم الدنيا وتتطور.
وكل من يتصور أن الدين لا بد أن يقف عند زمن لا يتخطاه، وأنه من الإيمان مقاومة كل الأزمان التى تليه، وما حدث فيها من تطورات اجتماعية وسياسية وعلمية، هو شخص يجهل كل شىء عن دينه.. وحتى عن دنياه.. فالذى صنع أول سيارة فى العالم لم يتصور أنها ستظل إلى أبد الآبدين تسير على أربعة إطارات من الخشب، وتبلغ سرعتها القصوى ثلاثين كيلومترًا فى الساعة.. ولو فعل لما كانت لدينا اليوم سيارة نفاثة طائرة، تنتظر شركة «فورد» تعديل قوانين السير والطيران لتطرحها فى الأسواق!! الله العزيز الحكيم أمرنا بأن نعد لهم ما استطعنا من قوة ومن رباط الخيل، وجاء محمد على ليطبّق القاعدة، وينشئ أقوى جيش، ويبنى أقوى أسطول، وكاد يصل إلى الآستانة.. وخشى الغرب من أن يصير محمد على قوة عظمى، فتآزروا لهزيمته ودحره.. وبعدها تعلموا الدرس.. لا ينبغى أن يصير العرب قوة.. أبدًا.. ولكن كيف؟!
الأسلوب الشيطانى الذى اتبعوه، هو سياسة فرِّق تسد.. استغلوا الدين نفسه، كما يفعل الشيطان، لهدم الدين، وتحويل المؤمنين به إلى شيع وقبائل ليتفرقوا.. أقنعتهم بأن حب الوطن كفرٌ بالدين، فصاروا طابورًا خامسًا فى أوطانهم.. ودون أن يؤمنوا بحتمية التطور.. ولأنهم آمنوا بالشيطان، الذى زين لهم السوءات، زرعوا اليأس فى قلب الشعب، فى عام حكموا فيه مصر.. قسموا الشعب إلى أهل.. أقاموا الظلم ونسوا العدل وزرعوا اليأس.. لستم أنتم من فعلها، ولكن مَن تدينون لهم بالسمع والطاعة.. جعلوكم سلاحا لهم، يعمق اليأس فى قلب الشعب.
ثم جاء هو.. جاء السيسى لينتزعكم من مقعد الظلم والجبروت، وينتزع اليأس من قلوب المصريين، ويزرع بدلًا منه الأمل.. ولهذا كرهكم الناس وأحبوه.. ولأن هذا أغضبكم، عاديتم الشعب كله ولا تزالون.. ولهذا كرهكم الشعب أكثر، وأحبه أكثر.. واصلوا السمع والطاعة بلا تفكير، وانسوا قول المعز المذل، الذى جعل آياته لأولى الألباب.. واصلوا مضاعفة كراهيتكم فى قلوب الناس، وتذكروا كلماتى هذه.. عندما تندثرون.