ايجى ميديا

الأحد , 5 مايو 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

جمال فهمي يكتب: «فهرنهايت» خالد السرجاني

-  
جمال فهمي

كعادته.. الموت يباغتنا وينتزع الأحبة من بين أحضاننا بقسوة وعلى غير انتظار، وأول من أمس فعلها معنا واقتطف من بستان دنيانا واحدًا من أجمل زهوره، خالد السرجانى.. هذا الصديق والزميل المثقف النابه، الذى لم يكن يكفّ لحظة واحدة عن النطق بنقد حاد لكل ما يراه معوجا، لكنه بقى يختزن ويطوى ضلوعه على طيبة قلب لا تنضب ولا تخفت حرارتها، يبثها نحو أصحابه وأحبته أولا، ثم الناس جميعا بعد ذلك.


أمثال العبد لله من أصدقاء ورفاق خالد، افتتنَّا بوجوده الدائم وحضوره اليومى العادى فى حياتنا، حتى نسينا أن الموت قدر والغياب غدار.


أكتب هذه السطور وآخر ما أبتغيه منها أن تكون مجرد مرثية حزينة فى وداع «خالد»، ليس فقط لأننى حتى اللحظة أقاوم ابتلاع حقيقة أنه رحل ولن أراه فى المساء، وهو يسعى إلى قعدتنا، بينما تزين وجهه تلك الابتسامة التى هى خليط من الود والسخرية، وإنما لأن الرثاء والحزن لا يليقان برجل شبَّ وعاش عمره القصير كله مأخوذًا (لدرجة الإدمان) ببهجة الثقافة والمعرفة، والكتب.. الكتب بالذات كانت عشقه ورفيقه الدائم، ولا أبالغ لو قلت إن خالد السرجانى كان -رحمه الله- «مكتبة وطنية» هائلة وبالغة التنوع والثراء، ومتنقلة متحركة أيضا!!


وربما تظن عزيزى القارئ، أن كلمة «متحركة» التى فى السطر السابق هى محض كناية عن اتساع معرفة وثقافة خالد، وهو أمر صحيح فعلا، غير أننى استعملت هذه الكلمة من أجل معناها المباشر، إذ إن تلال الكتب لم تكن تفارقه أبدًا، فهو دائما ويوميا يحملها فوق كاهله النحيل رائحا غاديا.. إما لأنه اشتراها وإما لأنه سيهدى أصحابه ومعارفه منها.. وتلك كانت واحدة من أجمل متعه وأقوى أسباب بهجته.


ذات مساء كنت معه على المقهى، وكان حمله من الكتب أكبر وأثقل من العادة، فداعبته بأنه يذكرنى ببطل قصة وفيلم «فهرنهايت 451»، الذى كنت واثقا أنه يعرفهما.. ضحك وقال: لكننى لم أحرق كتابا ولا ورقة واحدة فى حياتى مثلما كان يفعل «جاى مونتاج» بطل الفيلم، قبل أن يتمرد على الظلام وينجذب نحو نور القراءة والمعرفة.


و.. الآن سأترك ما تبقى من هذه السطور لملخص (أكيد مخل) لحكاية الفيلم المذكور الذى أهديه إلى روح خالد، لعل وعسى تبتسم روحه فى الخلود:


فيلم «فهرنهايت 451» مأخوذ عن رواية بالعنوان نفسه كتبها الروائى الأمريكى «راى برادبرى» وفتحت أمامه أبواب الشهرة والذيوع، بعدما اقتبسها (فى عام 1966) المخرج الفرنسى «فرانسوا تروافو»، الذى يقف بجوار «جان لوك جودار» و«آلان رينيه» كأحد أبرز مخرجى ما سمى فى ستينيات القرن الماضى سينما «الموجة الجديدة»..


فأما رقم 451، فهو درجة الحرارة المناسبة لحرق الكتب طبقا لوحدة قياس «فهرنهايت»، التى تعتمدها أجهزة نظام إرهابى فاشى (يشبه عصابة «الإخوان») حلّق فى سماء القمع والظلام، لدرجة أنه وسع دائرة سطوته وتسلطه لتشمل عقول الناس وأرواحهم، وبالغَ فى إظهار العداء والاحتقار الشديد للمعرفة ووسائط الثقافة عموما والكتب خصوصا، حتى إن هذا النظام أسس هيئة حكومية كاملة مهمتها تلقى البلاغات والوشايات عمن يحوزون هذا الصنف، فإذا ثبت صحة أحدها تتحرك على الفور وحدات الفرقة المذكورة لحرق الكتب وإبادتها واعتقال من ضبطت بحوزتهم ورميهم فى السجون أو المصحات العقلية.


الشخصية المحورية فى الرواية والفيلم يدعى «جاى مونتاج»، الذى يعمل مجندًا فى وحدة من هذه الوحدات، وهو يؤدى عمله ويشعل الحرائق فى الكتب بطريقة روتينية وبغير عواطف سلبية أو إيجابية، وإنما كواجب وظيفى فحسب، إذ إنه لم يختَر تلك المهنة، بل ورثها عن أبيه، الذى ورثها بدوره عن الجد، غير أن هذا «جاى» يلتقى ذات مساء بجارته الحسناء «كلاريسا ماكليلان» الموصوفة بأنها ربما مجنونة أو بلهاء، فقط لأنها تبدو كأنها تفكر ولا تكف عن طرح أسئلة تبدأ كلها بـ«لماذا»!!


تصيب «كلاريسا» جارها «مونتاج» بعدوى التفكير المحظور أساسا، فيتجرأ ويسأل نفسه عن معنى حياته ومعنى السعادة، ومن هذه الأسئلة تبدأ مسيرة تحولاته الفكرية التى ستزداد وتيرتها بقوة، بعد أن يشارك فى حرق مكتبة سيدة عجوز أصرت أن تبقى وسط النار المشتعلة فى كتبها وماتت معها، ثم لم يمض وقت طويل حتى أوصلته هذه التحولات إلى العصيان والتمرد النهائى، ليس فقط على مهنة حرق الكتب، ولكن على النظام القمعى كله الذى صادر عقله واستلب أرواح الناس وأدمغتهم.. وفى النهاية ينخرط «رجل النار» فى جماعة المثقفين المناضلين من أجل استعادة العقول والأرواح السليبة، بل ويذهب معهم إلى المكان النائى الذى يتحصنون فيه من البطش، حيث يمضون أوقاتهم يتمتمون ويحفظون الكتب، وقد تسمَّى كل واحد منهم باسم كتاب معين ومؤلفه، فهذا كتاب «جمهورية» أفلاطون، وذاك «هاملت» شكسبير، والآخر حافظ كتاب «العهد القديم» أو«الكوميديا الإلهية» لدانتى.. وهكذا صار الجميع -بمن فيهم «حارق الكتب» السابق- كتبًا من لحم ودم تستعصى على الحرق وتحفظ المعارف الإنسانية لحين الخلاص.


و.. رحم الله خالد السرجانى!

التعليقات