بدا الفنان العراقي ماهر السمرائي متأثرا بسحر المكان وهو يطوع بين يديه مادة الطين ليجسد تشكيلات خزفية فنية في ورشة صغيرة بالمركز الوطني للخزف الفني (سيدي قاسم الجليزي) بتونس العاصمة.
ويشارك السامرائي الى جانب فنانين من اسبانيا والبرتغال وروسيا والصين وتركيا وايطاليا في الملتقى الدولي الرابع للخزف الفني الذي ينظمه المركز الوطني للخزف الفني بتونس.
وبينما اختار بقية الفنانين العمل وسط ساحة المركز الثقافي سيدي قاسم الجليزي المحاطة بالأعمدة انزوى الفنان العراقي في ورشته وانهمك في انجاز عمله الفني الذي يستعد لعرضه في اليوم الاخير من الملتقى.
وظهر تأثير بالمكان الذي يفوح منه عبق التاريخ على أداء الفنان الذي استلهم منه أفكارا ورؤى يسعى لتجسيدها في تشكيلات زخرفية فنية عبر تطويع الطين.
وقال السامرائي لرويترز "يمنح المكان رغبة شديدة للفنان في الاستمرار في العمل دون توقف وينفث فيه سحره فيؤثر فيه ويلهمه".
والمركز الوطني التونسي للخزف الفني هو بيت الخزاف قاسم الجليزي المتوفي عام 1469 والذي تعود كنيته إلى حرفته أي الجليز (مربعات الخزف المزخرفة حسب التقليد الحرفي المغربي) وقد تميز في عمله الذي كان ينجزه بحرفية نادرة وحس فني عال.
وينهمك فنان الخزف العراقي الذي يحبذ اعتماد تقنية البناء اليدوي عبر تشكيل حبال طينية يضع الواحد منها فوق الآخر ليجسد بحسه الفني العالي وخبرته الطويلة محرابا للصلاة ربما سيدعو فيه ان يعم السلام بلده الذي يحمل همومه في فنه وافكاره.
وهو يجمع في أعماله الفنية بين أشكال خزفية تحاكي الفن الإسلامي بزخارفه وتشكيلاته للآيات القرآنية وبين نقوش وزخارف عربية اسلامية.
ورغم خبرته الطويلة في فن الخزف يرى السامرائي الذي يزور تونس لأول مرة ان المشاركة في ملتقى دولي يضم فنانين من العالم يثري مسيرة الفنان.
ومضى يقول "يتميز كل فنان بتقنيته الخاصة واسلوبه لذلك تكون الملتقيات والمعارض فرصة للتعرف على تقنيات جديدة ومختلفة اثراء لتجربته في عالم الخزف الفني الذي يرى بسيطا لكنه صعب ومعقد".
ويشارك في الملتقى الفنان الاسباني البرو بوستوس والبرتغالي جواو كاركيخيرو والفنانتان ايلينا بوليفسكايا وناتاليا خودوفا من روسيا وادواردو بيليا من ايطاليا وبتول ايتيبي من تركيا ويان واين وزهو مينج كونج من الصين اضافة للتونسيين بوجمعة بالطيفة وايمان بالسرور وسامية عاشور وسارة بن عطية وعبد السلام الشرفي.
وقال محمد حشيشة مدير المركز الوطني للخزف الفني لرويترز "رغم الصعوبات نحرص على تنظيم الملتقى الدولي للخزف الفني بهدف المساهمة في اثراء الساحة الفنية الخزفية وتطوير هذا الفن".
وأضاف "اخترنا فنانين بارزين من بلدان مختلفة يتمتع كل منهم بتقنيات تميزه وخلطته الخاصة بهدف تبادل الافكار والتقنيات لاثراء التجربة والمعرفة وانتاج اعمال فنية مختلفة".
وسينظم في نهاية الملتقى الذي يستمر حتى 13 سبتمبر ايلول الجاري معرضا سيقدم فيه كل فنان عمله.