ايجى ميديا

الأحد , 5 مايو 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

وائل عبد الفتاح يكتب: اللباد الكبير

-  
وائل عبد الفتاح

مِثل محارب قديم يزور أرض المعركة بعد انتهاء الحرب، يمضى إلى مكتبه. عملاق فى مدينة كرتون، بناها بالأمس ويفكر فى هدمها اليوم. يحمل عصا بنيَّة، لكنها لا تلمس الأرض. ودولابه يغصّ بأقلام وألوان... لم يتغير اللبّاد، ما زال شغوفًا بكل جديد.


يبدو غريبا فى مكتبه «كان الهدف من الزيارة كتابة بروفايل لجريدة (الأخبار) اللبنانية» مع أنه يعرف كل تفاصيل المكان. غربته ليست وليدة البُعد، بل التطرف فى الاقتراب. هذا الرجل مهووس بالتفاصيل، وهو سر اختياره فن الجرافيك. ذلك الفضاء الساحر الذى لعب فيه كل الألعاب: رسم الكاريكاتير، تصميم المجلات والكتب، مشروعات مختلفة تشتغل على العلاقة بين الخطوط والفضاء والكلام.


يعلن بشىء من الفخر: «اخترت طريقى وأنا فى الثامنة». لكن كيف يحلم طفل عاش فى الخمسينيات بمهنة لن تعرف على نطاق واسع إلا مع نهاية القرن العشرين؟ بدلا من الإجابة، يحكى الفنان المصرى الكبير عن غرامة بأوراق الصحف: أشكالها وروائحها، وملمس المجلات والكتب: «كتب كامل الكيلانى كانت تنادينى. شكل صفحاتها يحكى لى حكاية لم أعرف سرّها إلا عندما كبرت».


المجلات غيّرت عالم الطفل الوحيد الذى جاء بعد خمسة أطفال ماتوا كلّهم. عاش الأهل فى حالة خوف دائمة عليه. أحاطوه برعاية خائفة، وعلقوا فى رقبته حجابًا لمنع الشرور. عندما كبر اللباد وفتحه، اكتشف أنه يحتوى على رأس هدهد وطلاسم مكتوبة بلغة غريبة، ومربعات ومثلثات ورمل. اكتشافه الأهم كان مجلة صدرت مطلع عام ١٩٥٢. اسمها «سندباد». بطلها الصبى الرحالة الخارج من عالم «ألف ليلة وليلة»، جاء مفعمًا بالحيوية ومشحونًا بطاقة خفية، فحفر مكانه فى ذاكرة الطفل ذى الاثنى عشر ربيعًا. وهناك «زوزو... المغامر»، أحبّه اللباد بطلا تنتهى مغامراته بالفشل. فهو مثله اتخذ المغامرة متعة وأسلوب حياة. المعارك التى خسرها اللباد كثيرًا، لكنه كان يخرج كل مرّة بإنجازات على طريق تحرير الخيال من العبودية على أشكالها.


محيى الدين اللباد يمتلك كل مواصفات الكائن السياسى. يتابع ويحلل ويناقش باستمرار، وهو منخرط فى القضايا العامة. لكنه لا يرى نفسه سياسيا. عندما انضم إلى تنظيم شيوعى، لعل ذلك لأنه كان يتصور «أن كل الفنانين شيوعيون». فهو متمرِّد على الصور النمطية التى تكوّن الوعى، وتتحكّم فى نظرة الناس إلى العالم. لا يعادى الحكام، بقدر ما يتصدى إلى الخيال العقيم. هناك حلم متكرر يراوده. يحلم أنه يركل عبد الناصر ثم يجرى. يحب الريّس قليلا لأنّه «شفى غليل المصريين». زوجته ترى أن محبته لجمال عبد الناصر وليدة التشابه بينهما على مستوى «جنون العظمة». السادات بالنسبة إليه «أسوأ أيام» مصر، وكامب ديفيد «لن تقوم البلد من بعدها».


كان محيى الدين أول قاهرى فى العائلة المنتقلة إلى العاصمة الكوزموبوليتية. وأول من لبس بنطلونًا. فالأب الأزهرى من قرية تابعة لمدينة دسوق، مدينة المشايخ النائمة فى رحاب ولىّ صوفى اسمه على اسم المدينة. كان متحررًا، عاش فى زمن الشيخ عبد العزيز البشرى الذى كان يشرب الخمر.


هذا الفنان يبحر فى الاتجاه المعاكس للمدرسة التى تداعب الجماهير، عبر تقديم نكتة سهلة الهضم، وتوصل الرسائل كاملة للقارئ الكسول. قارئه النموذجى يتحلَّى بحسٍّ نقدى ومقدرة على التفكير، ولا يكتفى بتقسيم العالم إلى خير وشر.


«لستُ من جيل الرسائل الكاملة» يردِّد اللبّاد، كمن يدفع عنه تهمة مزعجة وخطيرة... «لست الذى يتصوَّر أنه يعرف كل شىء، وأن مهمته توصيل تلك المعرفة. التبشير ليس مهنتى. والرسالة الكاملة إعلان عن دور منتهٍ». يفهم عمله اكتشافًا دائمًا، وسفرًا إلى مناطق مجهولة: «لا أتحرك تبعا لخطّ مستمر. أعمل حاجات وأرجع أبوّظها». ويضيف بعد صمت: «أنا هاوٍ».


ما الذى يشغلك أنت الآن؟ أجاب بسهولة: «العمر». نستفسر، فيضيف بالسهولة نفسها: «كبرت.. أصبحتُ فى عمر والدىّ، ولم يعد أمامى أشياء مؤجلة».


...


(أجزاء من البروفايل المكتوب فى الزيارة الأخيرة).

التعليقات