فى سيدى سالم، التابعة لمحافظة كفر الشيخ، سرى خبر بأن سيادتك يا رئيس الوزراء، تستعد لزيارة مستشفى سيدى سالم قريبًا.. هذا الخبر جاء وبالًا على كل المتعاملين مع مستشفى سيدى سالم بلا استثناء.. فالمستشفى الجديد يا سيادة رئيس الوزراء (إن لم تكن تدرى)، هو صورة مؤسفة للفساد والإهمال والتقصير والاستغلال والفوضى.. ووكيلة وزارة الصحة تعلم هذا، وهو لا يعنيها، ما دام السيد وزير الصحة يوافق على وجودها على مقعدها.. خبر زيارتك يا سيادة رئيس الوزراء، أصاب وكيلة الوزارة ومدير المستشفى بحالة يطلق عليها العامة اسم (هسهس)، فلم يعد لديهما هَمّ سوى أن تمضى الزيارة فى أمان، دون أن ينكشف إهمالهما وتقصيرهما.. وحتى يدفنا أخطاءهما، دون أن يخسرا، قررّا التجبّر على كل المتعاملين مع المستشفى، والضغط عليهم بكل السبل، مستغلين نفوذهما وجبروتهما، لتجنيد المتعاملين بالقوة، من أجل تمرير زيارتكم.. سَلْ وكيلة وزارة الصحة يا سيادة رئيس الوزراء، ويا سيادة وزير الصحة، لماذا تركت قسم الحضّانات يتضرع من أجل تمويل ما يحتاج إليه؛ لإنقاذ حياة أطفال، وأنفقت ما يقرب من ربع المليون جنيه لتجميل حدائق المستشفى، التى ستراها عند زيارتك.. سلوا مدير المستشفى عن الحريق، وسبيله إلى إصلاحه عنوة، حتى يضع تكاليف الإصلاح المبالغة فى حسابه وحساب مَن يتعاملون معه.. سلْ وكيلة الوزارة عن ذلك الذى خرج إلى المعاش، وما زالت تستعين به؛ وتمنحه الكثير من السلطات، لأنه أفضل من يستّف أوراق الفساد، ويضعها فى صورة قانونية أنيقة.. سل الناس، يا سيادة رئيس الوزراء، وسيادة وزير الصحة، متى يحضر أطباء المستشفى ومتى ينصرفون.. سلهم إذا كان أحدهم قد لمح شبح طبيب، بالمصادفة البحتة، بعد الثانية عشرة ظهرًا، أو إذا كانت هناك ممرضة واحدة، تطل على المستشفى ليلًا.. سيادة رئيس الوزراء وسيادة وزير الصحة، كاتب هذا العمود طبيب، ويعلم الكثير عن فساد المستشفيات.. أذكر فى أثناء عملى فى وحدة صحية ريفية، أن المسؤول علم بزيارة مدير الإدارة، فنبّه على الجميع بالحضور فى الموعد الرسمى، وهو ما لم يكن يحدث فى المعتاد، وفوجئت بالوحدة الصحية على سنجة عشرة كما يقولون.. نظيفة، مرتبة.. الشكل الخارجى لمستشفى سيدى سالم يكذب ويتجمّل، أما الفعل الداخلى فهو يئن ويتألّم.. مدير المستشفى يعلم هذا، ووكيلة الوزارة تعلم هذا.. وكلاهما تجمعه مصلحة مشتركة، ضحيتها أصحاب الحقوق، التى أوقفت بسبب زيارتكم.. كلهم يصرخون أن زيارتكم تضرهم أشد الضرر.. إلا إذا.. اسمح لهم يا سيادة رئيس الوزراء بتقديم شكواهم إليك عند زيارتك.. المفترض أننا نبدأ عهدًا جديدًا، ونعلن الحرب على الفساد، فإما أننا جادون فى محاربة الفساد والمفسدين، وإما أننا مثلهم.. نكذب ونتجمل.. يا سيادة رئيس الوزراء.
نبيل فاروق يكتب: رئيس الوزراء.. زيارتك تضرّنا
مقالات -
د. نبيل فاروق