وصف نقاد وأدباء رواية عمار علي حسن الأخيرة "السلفي" بأنها صفعة فنية جريئة على وجه "داعش" وأخواتها، مؤكدين أن الرواية صيغت بتقنيات وتقاليد مختلفة في الشكل، وعبر لغة سردية شاعرية، وحس صوفي واضح، وعرض لرؤى مثيرة للجدل، تأتي في وقت فارق يواجه فيه العالم بأسره خطر الإرهاب المؤسس على تصورات دينية فاسدة، والذي يمتد من "بوكو حرام" إلى "داعش" وكل ما يقع بينهما أو يشبههما من التنظيمات المتطرفة.
وأوضحت الدكتورة ثناء أنس الوجود رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة عين شمس في سياق ندوة استضافتها "ورشة الزيتون" مؤخرا لمناقشة الرواية أن الهندسة السردية في الرواية تزاوج بين واقع معيش وآخر افتراضي أو فنتازي وتعتمد على راو غير تقليدي، لديه مخزون من اللغة الثرية والقيم الاجتماعية والموروث الشعبي والطريقة المصرية في التدين، ويتنقل بين الريف والمدينة ويغرف من أحوالهما الكثير.
وأضافت أن شخصيات الرواية، الصادرة عن "مكتبة الدار العربية للكتاب" تنقسم إلى ثلاثة أصناف: سلفيو الفكر من الجامدين المحبوسين في بطون الكتب القديمة ينبت من بينهم إرهابيون يحملون السلاح ويقتلون بلا ورع ولا تحسب، وصوفيون يؤمنون بالحدس والتذوق، وشخصيات مصرية عادية تعرض تدينها المعتدل في وجه التطرف والتشدد والإرهاب، وقد صنع الكاتب منها لوحة اجتماعية كاملة في وجه التدين المغلوط.
ووصف الناقد ربيع المفتاح الرواية بأنها لوحة أدبية زاخرة بالرؤى الاجتماعية والسياسية يقف خلفها حس روائي جلي، وتصنع نصا مفتوحا على تأويلات متعددة، يقع في قلبه بطل تتماهى شخصيته مع شخصية مصر بأسرها، مشيدا بشجاعة الرواية ابتداء من عنوانها الواضح حتى مضمونها الذي ينطوي على ما يفند ويبدد التصورات الدينية المتطرفة، وواصفا إياها بأنها "متفجرة جماليا ومعرفيا".
وأوضح الروائي الدكتور محمد إبراهيم طه أن بناء الرواية مختلف حيث يعتمد على الحكايات الطولية التي تربطها وحدة الراوي والمكان والفكرة ونبوءة الشيخة الصوفية التي تحولت إلى إحدى وعشرين عتبة تقطعها الرواية من البداية وإلى النهاية، وقال "كل عتبة تصلح رواية بمفردها لكن ما يربط بين العتبات خيط سردي محكم وعالم ساحر ورؤية مهمة في وقتنا هذا الذي نواجه فيه داعش ومن على شاكلتها".
من جانبه وصف الكاتب والسياسي الأستاذ أحمد بهاء الدين شعبان المنسق العام لـ "الجمعية الوطنية للتغيير" الرواية بأنها "طلقة في معركتنا من أجل تحرير روح مجتمعاتنا من آثار داعش ومثيلاتها من الجماعات والتنظيمات المتطرفة"، وقال "الرواية تزاوج بين الجمال الفني والاستبصار السياسي".
واستعرض الشاعر شعبان يوسف منسق ورشة الزيتون الأعمال الأدبية لعمار علي حسن وقال إن "السلفي" لبنة في بناء أدبي تكمل ما قبلها وتمهد لما بعدها، واصفا إياها بأنها "تتسم بلغة رهيفة شفافة وبناء محكم رغم التجديد في الشكل"، وقال "الكاتب يعتمد على المعرفة العميقة بالواقع المصري والقدرة الفنية على صياغة الشخصيات بصيغة جمالية لافتة".
بدورها رأت الكاتبة سامية أبو زيد أن "عتبات الرواية تقدم عريضة اتهام من واحد وعشرين بندا ضد الجماعات الإرهابية وفي مطلعها داعش، مشيرة إلى أن الرواية "تحفل بالشخصيات المؤثرة في خطها الدرامي بما فيها الشخصيات الثانوية على اختلاف مشاربها".